القائمة الرئيسية

الصفحات

روايات مقترحة

سكريبت شجرة الخلد بقلم إيمان صالح

سكريبت شجرة الخلد بقلم إيمان صالح

 شجرة الخلد بقلم إيمان صالح

سكريبت شجرة الخلد بقلم إيمان صالح


 شجرة الخلد  إيمان صالح

 شجرة الخلد بقلم إيمان صالح




 _شجر الخُلد_

_إيمان صالح_

مستوحاة.. 

كان كابوس صعب على قلبي.. كل ماأحاول أهرب الاقيهم في كل مكان..مش عارفه أطلع من المكان إزاي .. أصواتهم في دماغي ومش راحميني .. مش عارفه اهرب ازاي ولا أروح فين 

إسمي فريدة.. سني ٢٦سنة.. خريجة ليسانس تربية، إتخرجت وكنت ماصدقت اتخرجت، خصوصًا إن أهلي على قد حالهم وعلموني بالعافية فكان طبيبعي اني بدور على شغل عشان اقدر أصرف على نفسي وعالأقل أقدر اطلع مبلغ للبيت.. أهو يساعد ابويا في الغلا الفظيع اللي بقينا فيه دة.. كنت كل يوم بدور وبعمل مجهود فظيع من نزول ولف عالمدارس وتقديم سي ڤي في كل المدارس وبحث عالنت وفي الجرايد.. من الآخر كدة ماسبتش حاجة غير لما دورت فيها.. لحد ما في يوم لقيت صاحبتي الأنتيم بترن عليا وقعدنا نتكلم مع بعض.. 

_ولا شغلانة عليها القيمة وولا مكان زي ما الواحد بيحلم.. خلاص يعني؟ 

_انتي اللي مش عاوزه  تسمعي كلامي.. 

_اسمع كلامك فإيه بس يارودينا.. يعني انتي من كل عقلك بتقولي الكلام ده؟ 

_انا مش فاهمه.. مش عارفه ايه مشكلتك بس.. بقولك انا كنت عاملة الاعلان على كذا جروب وفيه ناس كتيره شافته والرقم دة من ضمن الارقام اللي اتصلت بيا، يعني رقم عادي زيه زي أي حد اتصل بناس بيدوروا على شغل، هي لما اتواصلت معايا قالتلي انهم كانو عاملين اعلان في جريدة من الجرايد المحلية، وفعلا لما دورت في الجريدة اللي قالولي عنها لقيتهم  كانوا عاملين إعلان من فترة ومحدش اتقبل في الوظيفة.. تعالي نروح نشوف إيه الدنيا هناك والله حاسة ان ربنا هيكرمنا فعلا عشان انا وانتي غلابة.. 

_طب وإذا روحنا ولقينا الكلام مش زي ماانتي بتقولي؟ 

_هنرجع تاني زي ماكنا، ولا فيها أي حاجة.. 

_طيب خلاص.. تعالي نروح بكرة ونشوف هنعمل ايه يمكن نلاقي المرتب حلو ويكفي حاجة في البيت دة.. 

_خلاص.. المقابلة الساعة ١٠ اعملي حسابك بقى انك تنامي بدري عشان نمشي الصبح على طول.. 

_تمام يارودي.. خلاص هقفل دلوقتي عشان اخلص كذا حاجة ورايا كدة وأجهز لليوم بكرة.. 

_اوكي ياحبي، سلام دلوقتي.. 

قفلت معايا وسبت التليفون عالسرير ودخلت على أمي وأبويا ولسة بطلب منهم فلوس علشان اروح المشوار الصبح.. قامت بيننا خناقة كبيرة.. 

_بابا.. بقولك ايه.. عندي مشوار مهم بكرة ولازم اروحه.. 

_وانا مطلوب مني ايه يعني؟ 

_بقولك عاوزة أروح المشوار ده.. 

_ماتروحي وأنا ماسكك؟ 

_أيوة منا هروح إزاي يعني؟.. مش لازمني فلوس! 

_فلوس.. فلوس ايه.. انا اللي باخد فلوس هنا محدش يقولي هات.. وبعدين انتي بقيتي عاله علينا، ماتروحي تشوفيلك شغلانة عدلة تساعدنا.. 

كلامه عصبني.. 

_ايوة ماهو مشوار شغل وهحتاج فلوس علشان أروح انشالله عشرة جنية أروح بيهم مشواري.. بلاش وقف حال.. 

وقتها ماما بصتلي.. 

_هو انتي عاوزة تعمليلنا مشكله وخلاص؟.. ماتروحي مشوارك بأي طريقه.. اسكتي احنا مابنصدق يسكت... 

_وانا قولت حاجة حرام يعني؟ 

ساعتها رد عليا.. 

_آه.. كدة حرام وعيب كمان.. مافيش فلوس.. 

_طب أروح إزاي .. المشوار بعيد.. 

_روحي ماشية.. 

_ياساتر ياربي؟ حرام عليك بقى.. انا بنتك مش بنت حد تاني.. 


ساعتها ساب الزفتة الشيشة اللي بيشربها وبص لي وقال.. 

_ايه؟  .. بتقولي ايه يابت.. 

_بقول اني تعبت من العيشة دي خلاص.. زهقت صراحه.. 

_غوري يابت من هنا وماتعمليش فيلم.. يلا امشي.. 


زقني وقعني في الأرض.. الزقة بعزم مافيه وجعتني، خليتني قعدت أعيط بحرقة وقومت من مكاني دخلت على أوضتي وانا بتمنى يجي اليوم اللي اخلص فيه من المكان دة.. وطلعت أجري على أوضتي مسكت تليفوني ودخلت كلمت رودينا وأنا بعيط .. 

_ألو.. إيه يابنتي.. بقولك ايه روحي بكرة لوحدك.. 

_ليه يافقر حصل ايه؟ 

_أبويا مش راضي يديني فلوس كالعادة.. 

_وبعدين يعني؟ 

_ولا قبلين بقولك روحي لوحدك اهو.. 

_إسمعي بقى.. انا هجيلك بكرة بالتوكتوك بتاع أخويا ونطلع أنا وانتي ندور عالمكان لحد مانوصل وأمرنا لله 

_وهو أخوكي هيرضى أصلا؟ 

_انا هقوله.. 

_خلاص ماشي.. هستناكي بكرة، أهو عالأقل نروح مع بعض.. 

_اتفقنا.. 

إتفقت أنا وهي على اللي هنعمله، وعدي الليل والصبح جاتلي خدتني.. انا حتى لما طلعت مشيت من غير ماأقول لأمي وأبويا اني ماشية .. المهم إن رودينا أخدتني هي وأخوها بالتوكتوك.. لحد ماسألها وقالها.. 

_إنتي رايحة على فين بالظبط بقى ياست البنات؟ 

_عالمكان اللي قولتلك عليه ياحلو. 

_مفيش المكان الغريب دة هنا.. وبعدين البنزين هيخلص يعني من الآخر ياتدفعي حق التوصيلة، ياتاخدي صاحبتك بقى وتركبي انتي وهي أوبر .. 

_أوبر؟.. ياقلة زوقك؟ 

_أعملك ايه يابنتي.. مانتي بتتكلمي على مكان معرفوش.. بصي، روحي خدي تاكسي يوديكي.. 

بصت لأخوها بقرف.. 

_تصدق  !! هعمل كده بجد.. يلا روح شوف حالك.. إمشي يابني من هنا يلا.. 

_ماشي ماتزقيش طيب.. سلااام.. 

في ثانية أخوها مشي ووقفت أضحك وأقولها.. 

_ده عبيط دة ولا إيه؟..هما أبويا وأخوكي قرايب؟

_دة العادي.. يلا بس نشوف حاجة توصلنا للمكان دة.. 

_يلا بينا طيب.. 

فضلنا نسأل عالمكان لحد ما لقينا سواق تاكسي عَرف المكان.. وساعتها قالنا.. 

_بس المكان دة بعيد قوي ومقطوع خالص وأغلبه كدة ڤلل كبيرة .. هو انتو رايحين فين هناك ؟ 

_رايحين  قصر اسمه قصر الخلد.. 

_طيب.. يلابينا.. 


ركبنا التاكسي وطلع بينا في طريقه للمكان اللي بندور عليه ..التاكسي فضل يلف بينا كتير قوي، فضلنا ندور عالعنوان بس مالقيناهوش وكأنه مش موجود عالخريطة.. رودينا بصت للسواق وقالتله.. 

_ماتركز معانا ياسطى، والله انت شكلك توهتنا.. 

_توهتك فين بس ياأستاذة ما المكان اللي قولتي عليه مش ظاهرله معالم عالخريطة خالص.. 

ساعتها إتدخلت وقولتلها.. 

_ماتركزي انتي وإفتكري العنوان فين بالظبط... السواق بيلف بقاله ساعة.. 

رد السواق.. 

_بصوا بقى، أنا بقالي ساعة بلف أهو.. والصراحة بعد كده مفيش غير ڤلل وأراضي زراعية.. أنزلوا هنا يمكن تلاقوا المكان في الڤلل والمزارع اللي هناك دي.. 

شديت رودينا من إيدها وقولت للسواق. 

_معاك حق ياسطى.. يلا بينا، احنا هنلاقيه هنا بس يلا يارودي يلا.. 

_انتي بتقولي ايه انتي كمان  !! هنلاقيه فين بس؟.. دي حتة مقطوعة.. 

_يلا يابنتي اخلصي.. 

فضلت أشد فيها بعد ماحاسبنا السواق وسبناه ومشينا.. هي فعلا كان عندها حق تقلق من المكان لإن المكان كله عبارة عن أشجار عالية وقصور وڤلل مش باين جواها اي حاجة..المكان كله غاب وهيش .. الڤلل كلها متحاوطة بأشجار كثيفة جدًا بتتحرك جامد من الهوا وشكلها مخيف .. من كتر حركتها وكثافتها تحس إنها أشخاص بتتحرك.. بصراحه كده يعني فجأة لقينا نفسنا وكأننا واقفين في غابة واحنا مش واخدين بالنا.. اتقبضت من المكان ووقفت أتلفت شمال ويمين.. من كتر قبضتي وخوفي وقفت قولت لرودينا.. 

_بت يارودي.. ايه المكان الغريب دة.. دة شكله يخوف قووي.. 

ردت عليا بزعيق.. 

_مش قولتلك اصبري لما نعرف إحنا فين وانتي اللي نزلتينا؟... اشربي بقى، ادينا مش لاقيين حتى حد نسأله احنا فين ولا حد نعرف منه فين "قصر الخلد" دة.. 

قولتلها.. 

_والله أصلا دة حتى اسمه غريب جدًا.. اشمعنى يعني اسمه  "الخلد" ؟ 

_والله منا عارفة.. المهم تعالي نقرب من أبواب القصور يمكن نوصل.. 

_تمام، يلا بس يارب مانتسحبش جوة أي مكان من دول  ومحدش يحس بينا.. 

_ربنا يطمنك.. 

 قعدنا نضحك وقربنا من أبواب القصور وبدأنا نركز شوية عشان نقرأ أسامي الأماكن أو نلاحظ وجود يافطة مثلا مكتوب عليها إسم المكان اللي عاوزينه بس ماظهرش قدامنا حاجة خالص.. بعد نص ساعة مشي.. تعبنا جدًا.. بصيت لها وقولتلها.. 

_على فكرة انا رجليا وجعوني قوي.. أنا لو مالقيتش القصر هرجع خلاص ومش عاوزه أشتغل في المكان دة.. 

ردت عليا رد فوقني.. 

_طب بس لما نبقى نعرف إحنا فين نبقى نفكر في رجوع أو لأ.. بصي حوالينا كدة؟! 

بصيت حوالينا أنا وهي لقيت المكان من حوالينا كله أسكت هس.. المكان أشبه ب كأنك دخلت مزرعة مش عارف لها حدود ولا عارف فين اولها من آخرها، ولا باين حوالينا أي معالم.. بس اللي باين كله قبب عالية أو شبابيك شكلها مقبض من بعيد وفي كل مكان مغطيها الشجر..  انا وهي كإننا اتنبهنا على كابوس وفضلت تقولي.. 

_انتي منك لله.. منك لله.. 

فجأة واحنا غرقانين في قلب المكان الغريب اللي مالهوش ولا بداية من نهاية دة ظهر قدامي سهم مكتوب بعديه "قصر الخلد"  هنا قصر الملكة خلود.. فرحت وقولتلها بصوت عالي.. 

_القصر أهويارودي، القصر أهو.. 

ردت عليا.. 

_فين ده يافريدة.. 

_أهو اللي جنبنا دة.. دة شكله كبير جدًا.. بس ياترى فين مدخله ؟ 

_أكيد قدام شوية.. تعالي كدة نلف حوالين المكان وهنوصل للباب.. 

_يلا بينا.. 

مشينا شوية مش كتير لحد ماوصلنا لبوابة.. بوابة من بوابات زمان قوي.. البوابات العتيقة اللي كاسيها أوراق الشجر والنباتات الغريبة من كل ناحية وعليها لوحة خشب مكتوب عليها إسم القصر وإسم أصحابه.. بصيت لرودينا وقولتلها.. 

_الباب أهو.. وصلنا.. 

_طب استني بقى لما نرن على الرقم ونتأكد هو فعلا ولا لأ.. 

_تمام.. 

رنت عالرقم.. ورغم اني كنت متوقعة ان المكان دة يكون مفيهوش شبكة او مايجمعش، لكن التليفون جمع والرقم رن معاها.. 

_ألو  ؟ 

_ااا.. انتوا صحاب قصر الخلد صح كده؟

_أيوة.. مين حضرتك؟ 

ردت عليها رودينا بلخبطة.. 

_آااا... انا يامدام البنت اللي كلمت حضرتك على شغل، بخصوص الإعلان المحطوط في الجرنال.. 

_أيوة أيوة.. انتي ميس فريدة؟! 

_لأ انا ميس رودينا..  اللي هبقى مع ميس فريدة.. 

_أهلا وسهلا.. تمام أنا نازلة لحضرتك حالا.. حارس البوابة هيكون في انتظارك عالباب.. 

_ماشي  مستنياكي.. 

قفلت السكة، وقولتلها بفرحة وحماس.. 

_طالعالنا؟ 

_أيوة طلعالنا.. ومجرد دخولنا من هنا هيبقالنا وضع تاني خالص وبكرة تشوفي.. 

_يارب يارودي حقيقي يارب.. 

فجأة لقينا واحد ظهر قدامنا من العدم مانعرفش دة مين ولا جه منين فتح البوابة على آخرها وقالنا بصوت هادي ومكتوم.. 

_أتفضلوا ياهوانم.. نرجس هانم مستنياكوا جوة.. 

رديت عليه.. 

_شكرا ياعمو.. إسم الكريم إيه؟ 

_ انطوان.. أنا اسمي عمك انطوان يابنتي..اتفضلوا.. 

دخلنا من البوابة اللي في  لحظة دخولنا منها حسيت ان فيها أصوات بتهمهم، وكإن الحديد فيه حاجة بتتكلم.. بصينا لبعض بسرعة أنا وصاحبتي.. 

_سمعتي اللي سمعته؟ 

_يعني مش بيتهيألي يافريدة صح؟ 

_لأ انا سمعت صوت.. 

رد عم أنطوان بسرعة.. 

_يابنات الصوت اللي انتوا سامعينه دة من الشجر الكتير الموجود حوالينا.. دة صوت حركة الشجر.. 

_بجد ياعم انطوان؟.. الله يطمن قلبك.. 

 _آه يارودينا ماتقلقيش يابنتي.. 

دخلنا معاه لحد ماوصلنا لمكان مليان أشجار عالية قوي.. الأشجار مزروعة بشكل هندسي غاية في الدقة بحيث انهم مصفوفين صف.. بتهيألي لو قست المسافات بينهم هتطلع مظبوطة بالسم ، حتى شكلهم كمان.. مقصوصين أشكال لأشخاص.. أيوة الشجر مقصوص على شكل أشخاص حقيقية بحيث تشوفهم من بعيد تفكر اللي واقف دة بنيآدم.. انا ورودينا لما شوفناهم سرحنا في شكلهم لحد ماعم أنطوان قاطع شرودنا وقالنا.. 

_ماتمشوا يابنات، مالكوا ماشيين بالراحة كدة لية! 

رودينا ردت عليه.. 

_احنا معاك اهو ياعمو أنطوان.. احنا بس أول مرة نشوف شجر شكله حلو كده.. 

ضحك وهو بيرد عليها.. 

_ هههههه.. لأ وكل حاجه هنا هتشوفيها لأول مرة.. انتي في قصر الأميرة خلود، قصر داوود باشا.. قصر الخلد يااستاذة.. 

_داوود باشا؟... داوود باشا دة  مين هو كمان؟ 

رودينا فضلت تتكلم مع الراجل الغامض اللي اسمه انطوان دة بس أنا كان شاددني شكل الشجر جدًا.. فضلت مركزه مع الأشجار اللي بعد مابدأنا نبعد عنها قوي، بقت باينة من بعيد على انها بشر وفجأة وانا ببص، ظهرت قدامي طفلة شكلها مخيف ويرعب طلعت من العدم.. للحظة ركزت عنيا عليها بس اختفت فجأة.. فضلت أبص عليها بس خلاص كان كل شئ قدام عنيا بقى ضباب.. وكأني بالظبط اتعميت او نزلت مية سودة على عيني.. حاولت وقتها ألفت انتباه رودينا لكنها كانت مركزة قوي مع عم انطوان.. نغزتها في كتفها مرتين وبعدين أخدت بالها مني وأخيرا ردت.. 

_إيييه.. عاوزة ايه؟  .. مش شيفاني مركزة مع الراجل يعني؟ 

رديت بالراحة خالص.. 


_مركزة مع راجل ايه.. ركزي معايا انا، المكان ده غريب جدًا.. 

_بقولك ايه.. اسكتي خالص احنا لسة داخلين.. انتي مش سامعة بيقول المرتب كام؟! 

_لأ ولا ركزت معاه.. قال كام؟ 

_٧٠٠٠ جنية ياميس.. يعني هنعيش حياتنا متدلعين هنا.. 

بفرحة.. 

_بجد والله قال الرقم دة؟

_لأ ومش بس كدة.. احنا كمان هنقابل الست نرجس ولو عجبناها في خلال اسبوع ممكن تزودنا هي من نفسها.. 

_يارب نعجبها يارب.. 

_أكيد.. خليكي بس واثقة من نفسك.. 

من بعيد بدأ يبان مبنى كبير وضخم، كان باين عليه العظمة وانه مبنى قديم وعريق .. ساعة لما شوفناه من بعيد انبهرنا..  ساعتها بدأ عمو انطوان يشاورلنا ويتكلم معانا.. 

_انتو وصلتوا كدة لنرجس هانم.. هتلاقوها في آخر الطريق دة هي وخلود هانم.. 

قولتله.. 

_خلود هانم دي اللي احنا هندرسلها صح؟ 

_ بالظبط.. هي دي اللي هتدرسولها .. ونرجس هانم اللي هتقيمكم وهتعرفكوا انتوا هتتعينوا أو لأ..

ردت رودينا.. 

_شكرًا ياعم انطوان..  

سبناه ومشينا لحد ماوصلنا لآخر الطريق.. وهناك لقينا واحدة ست واقفة بس كإنها خارجة من الأفلام القديمة أيام الابيض والإسود.. هي شكلها سنها صغير، لكن لبسها لبس مش بتاع عصرنا خالص.. لبس اقرب للبس الأجانب في الخمسينات مثلا..ملامحها جميلة جدا، بس باين على وشها القسوة والجمود، كانت واقفة مشكرة من غير سبب، بالرغم من كدة قربنا منها لحد مابقينا قدامها بالظبط ودار بينا الكلام بالشكل ده.. 

_نرجس هانم؟ 

ردت بغموض.. 

_أيوة أنا.. أهلا بيكوا. 

_أهلا ياهانم.. أنا رودينا اللي كلمت حضرتك.. 

_وهي؟ 

_ميس فريدة.. دي الميس وأنا المشرفة معاها.. 

ردت عليها بنفس جمود الملامح وقالتلها وهي بتمشي خطوتين لقدام بعد ماإديتنا ضهرها .. 

_بس احنا محتاجين لبنت واحدة بس.. هي هتبقى المدرسة والإشراف على خلود هانم.. 

_يعني ايه يامدام.. يعني انا ماليش لازمة؟ 

_أيوة ياااا.. رودينا؟ 

ردت رودينا بكسرة خاطر وصوت مهزوم وهي بتبص للأرض.. 

_آه ياهانم.. رودينا.. طء، طب استأذن أنا بقى، مبروك يافيفي.. 

قاطعتها بسرعة.. 

_بس أنا مش جاية أشتغل لوحدي.. لو رودينا مشيت همشي انا كمان.. 

الست اللي كانت عاملة شبة التمثال الشمع بالظبط سمعت كلامي من هنا، وراحت ملفوفة ليا بصالي بكل جسمها بصة فكرتني بنظرة الفنانة نجمة إبراهيم في أفلام الرعب والإثارة بتاعتها وفي نفس الدقيقة رجعت لفت تاني وقالتلنا.. 

_ياااه  !  دحنا مرتبطين ببعض قوي بقى.. 

قولتلها.. 

_آه جدا.. وانا أصلا جيت هنا بسببها يبقى لازم نشتغل احنا الإتنين مع بعض يانمشي احنا الاتنين مع بعض.. 

لتاني مرة رجعت بصتلي تاني، ولأول مرة حد يبصلي بصة إعجاب بسبب موقف جدعنة عملته.. طبعا رودينا هي كمان لقيتها عمالة تبصلي وعيونها تدمع ومش مصدقة اللي انا عملته.. المهم ان نرجس هانم ردت عليا.. 

_براڤوا يافريدة.. شكلك كدة هتكوني انتي اللي عليكي العين .. خلاص أنا قبلتكوا إنتوا الاتنين، انتي هتكون مهمتك التدريس  وانتي مهمتك الإشراف.. بس كدة لازم تاخدوا جولة في القصر كله معايا وتعرفوا القواعد المهمة جدا اللي هنمشي عليها.. ولو عجبتكوا القواعد، يبقى هنطلع فوق مباشرة على أوضة خلود، وهتتعرفوا  عالدور الخاص بوجودها.. 

ردت رودينا.. 

_هي القطة الصغنونة ليها دور خصوصي ليها هي بس؟ 

_أها.. طبعا يارودينا هانم.. على فكرة.. انتوا بقيتوا من هوانم القصر من اللحظة دي وبقى اسمكوا فريدة هانم ورودينا هانم.. 

 رودينا مبهورة باللي بتسمعه، وانا كمان زيها، فضلنا ماشيين وراها لحد ماطلعنا للدور الخاص بالبنت اللي هندرسلها.. القصر شبه قصور الملوك بتوع زمان.. أقل قطعة فيه مليانة تاريخ وكأن القطع الأثرية اللي قدامنا بتتكلم.. وطبعًا احنا مبهورين بكل حاجه شايفينها.. احنا عمرنا ماشوفنا الحجات دي  غير في التلفزيون.. المهم.. نرجس هانم وقفت قدامنا فجأة وقالتلنا.. 

_شايفين التحف الأثرية اللي انتوا مبهورين بيها دي؟... طبعا لو واحدة فيكوا حاولت بس تمد اديها عليها كحب استطلاع.. صاحب البيت هيزعل جدا، ومش هكلمكوا عن زعله حاليا.. انتوا بكره هتعرفوا لوحدكوا.. 

ردت رودينا.. 

_بس احنا مش حرامية يامدام.. 

ردت عليها.. 

_اولًا انا مش مدام.. أنا آنسة نرجس، زي ماانتوا كمان آنسات صح؟.. ثانيا احنا عارفين كويس انكوا ناس محترمة.. وعلى فكره محدش بيدخل هنا غير ومعروف كويس قوي هو مين وانا بنبهكم عشان الحجات دي قيمة مش أكتر ..ممكن بقى نبدأ نتعرف عالقواعد؟ 

_اة طبعا.. اتفضلي.. 

بدأت تعرفنا الشروط اللي هنمشي عليها.. الشروط اللي كانت عبارة عن اننا ماينفعش نخرج برة المكان  بعد آذان المغرب.. يعني احنا من المغرب في إوضنا كلنا.. حتى لو شوفنا او سمعنا ايه.. أيا كان اللي شوفناه فمالناش دعوة ومنخرجش.. تاني حاجة.. مسموح لنا في الوقت قبل العصر بنزول الجنينة لكن مش مسموح نقرب من الشجر والخضرة، ولا نقرب خالص من المزرعة من جوة، وآخر شرط ودة كان بالنسبالي أحلاهم .. انها عرفتنا ان مفيش اجازات.. وقتها عرفتنا اننا هنبعت جزء من المرتبات بس لأهلنا ..أو اننا نسيب القصر حالا ونختار أهالينا ونبقى حرين نشوفهم في أي وقت.. طبعا وافقنا على العرض الأول وزي مانكون أصلا ماصدقنا اننا هنخلص منهم.. وجه ميعادنا عشان تعرفنا على إوضنا، الأوض اللي ساعة ماشوفناها انبهرنا .. الأوضة الواحدة اللي المفروض هتبقى بتاعت أي حد فينا تكفي تعيش فيها عيلة كاملة.. دخلنا أوضنا وكانت متجهزة بكل حاجة ممكن نحتاجها.. بعد دخولنا الأوض بشوية دخلت عليا نرجس هانم واتكلمت معايا.. 

_يلا ياميس فريدة.. اجهزي عشان هتعملي المقابلة الأهم النهاردة.. 

_مقابلة خلود هانم؟ 

_أيوة بالظبط.. مستعدة؟ 

_آه طبعا.. بس هي فين رودينا.. 

_رودينا بتجهز وهتطلع زيك.. يلا أنا هطلع استناكي برة، ماتتأخريش.. 

_تمام.. 

طلعت وسابتني وبعد شويه طلعت وراها عشان نقابل البنت، في نفس اللحظة لقيت رودينا طالعة من باب أوضتها.. أول مابصيت في وشها حسيتها متضايقة من حاجة بس ماعرفش ايه السبب..  في اللحظة دي حاولت أسألها ايه اللي مضايقها، بس للأسف "نرجس" سبقتني وبدأت تتكلم معانا تاني بتوجيهات وأوامر جديدة.. 

_ها يابنات.. عجبتكوا أوضكوا والوضع في القصر؟ 

رديت عليها.. 

_الأوض جميله، بس هي رودينا فيه حاجة مضايقاها ولا ايه؟ 

رودينا بصتلي بإرتباك.. 

_لأ يافريدة انا كويسة.. أنا بس، حاولت أبلغ أهلي بإني مش هعرف اروح كل يوم واعترضوا عالشرط دة.. 

قاطعتها نرجس.. 

_بقولك ايه.. انسي أهلك دول خالص.. انتي مجرد ماهتبعتي لهم الشهرية بتاعتهم خلاص هيبطلوا يسألو عليكي أصلا.. 

_تفتكري يانرجس هانم؟ 

_أكيد.. النقطة دي ماتحمليش همها.. المهم دلوقتي خلونا في الأهم.. دة ميعادكوا مع "خلود" هانم.. 

رديت عليها بكل حماسه.. 

_ صحيح هي فين  .. احنا لسة لحد دلوقتي ماتعرفناش عليها.. 

_أهي جت أهي.. تعالي ياخلود بسرعة.. 

بصينا ناحية نظر نرجس، وياريتني مابصيت..شفت أبشع بنت وطفلة ممكن تشوفها عنيا.. البنت من أول بصة لها تحتار.. هي طفلة ولا ست كبيرة  !!  إيه جحوظ العين دة؟!  كل ماكانت البنت بتقرب، كانت صعوبة ملامحها بتبان أكتر.. خلود كانت عبارة عن مسخ.. وش مربع ودماغ كبيرة عن الحجم المعتاد حوالي مرة ونص، بروز العين يعطيك احساس ان حبات عيونها هتقع من وشها.. شفايف غليظة قوي دة غير ان جسمها جسم أنثى بس قصيرة وماشية تميل على جنب وكأن عندها عرجه في رجلها.. احنا ساعة ماشوفنا المنظر ذُهلنا.. واتمنينا لو كنا بنحلم .. لكن للأسف دة كان واقع.. 

البنت بدأت تقرب علينا وتبصلنا، ونرجس كمان بدأت تقولها بإبتسامة.. 

_سلمي على الميسز الجداد بتوعك يالودي، دول ميساتك الجداد.. 

_شوفتهم قبل كده يامامي نرجس.. دول شكلهم حلوين قوي.. 

_اه طبعًا حلوين قوي وكمان لما تتعاملي معاهم هتحبيهم.. 

_أنا خلاص حبيتهم أصلا.. 

في لحظة... نرجس بصت ناحيتي أنا ورودينا بأبتسامتها الغريبة وبدأت تكلمنا تاني.. 

_إيه ياميسز.. مش هتسلموا على تلميذتكوا ولا إيه؟ 

مديت أيدي بخوف وصوت مرعوش وقولتلها.. 

_لأ ازاي بقى؟... نورتي ياخلود هانم.. انتي عرفتي إسمي ولا لسة.. 

_أيوة انتي ميس فريدة.. ودي ميس رودينا. 

_براڤوا ياقلبي.. دانتي كيوت خالص.. 

ردها عليا نزل على سمعي زي الصاعقة ساعة ملبصتلي بصة رعبتني وقالتلي .. 


_ بس انتي مش حباني خالص.. مش حاسة جواكي روح الحب ليا.. أما رودينا دي  !!  فمرعوبة مني جدا ونفسها تروح.. 

ساعتها ردت عليها نرجس.. 

_خلوود؟؟  ماتخوفيهومش منك.. دول لسة جداد معانا.. 

بصيت للبنت ومسكتها بين إيديا.. 

_ليه بتقولي كدة ياحبيبتي!  بالعكس انا حبيتك خالص.. 

_بجد؟ 

_أيوة والله.. وبعدين لازم عشان أدرسلك نكون صُرحا مع بعض.. 

_خلاص.. انا هبقى اقولك علي كل حاجه بعملها.. 

_اتفقنا.. 

فجأة نرجس هانم قاطعت كلامنا.. 

_طب يلا بقا عشان نعرف الميس فين اوضتنا؟

 ردت عليها خلود.. 

_اوكي.. يلا.. 

ثواني وكنا على باب اوضة جديدة وكأنها بوابة لعالم من عوالم الخيال.. 

أوضة خلود كانت أغرب أوضة شوفتها من ساعة مادخلت القصر .. المهم اننا شوفنا محتواها وعدى علينا الوقت بسرعة وكان دخل الليل خلاص وكان لازم ننام.. عشان نعيش أغرب ليالي عمرنا..

كلنا دخلنا أوضنا وكان المفروض ان كل واحدة فينا لوحدها.. لكني بدأت أحس ان فيه حد معايا في المكان..كل ماآجي أبص في ركن من اركان الأوضة أحس ان فيه حد بيبصلي ومراقبني.. عقلي بدأ يبقى مش متزن ولامظبوط من كتر الخوف.. الإحساس دة مسيطر عليا جدا، فضلت أتلفت يمين وشمال لحد ماعيني وقعت على مكتبة مليانة كتب، قومت من مكاني وبدأت أختار كتاب وشديته من مكانه.. فجأة عيني جت فعين حاجة منظرها مرعب مقدرتش أحدد ايه الحاجة دي وفجأة الحاجة دي اختفت مرة واحدة.. فضولي لمعرفة الحاجة دي خلاني شلت رف الكتب كله عشان الاقي الشئ اللي لمحته.. بس مالقيتش حاجة للأسف.. المهم اني رصيت الكتب تاني في مكانها وفتحت أول كتاب مسكته.. الكتاب اللي طلع بيتكلم عن تحضير الأرواح وتسخيرها للعيشة في عالمنا  .. 

بصراحة شديدة... الكتاب شدني جدًا وفضلت أقرأ فيه من غير ماأحس والوقت سرقني ماحسيتش بيه ، لحد مافجأة.. ببص لقيت رودينا داخلة عليا وهي بتتسحب زي الأطفال معرفش ليه..ساعتها طبعًا  مع تفكيري وشرودي في الكتاب اتخضيت جدًا لما شوفتها واقفة قدامي، وقتها تنحت وقولتلها.. 

_بسم الله الرحمن الرحيم.. انتي دخلتي ازاي؟ 

_ده وقت أسئله خارقه.. دخلت من الباب اكيد.. انتي ازاي قاعدة لوحدك كدة عادي ومش خايفة؟ 

_أخاف من ايه يامجنونة انتي..انا لقيت هنا مكتبة حلوة قوي صراحه ولقيت فيها الكتاب التحفة دة  وبقالي ساعات بقرأ فيه ومش قادرة اسيبه غير لما أخلصه للجلدة.. 

 رودينا بصتلي.. 

_دة كتاب ايه يعني؟ 

_كتاب عن تحضير الأرواح وتسخيرها في العيشة وكأنها بشر.. 

_بسم الحفيظ.. لااا.. أنا كدة اتأكدت رسمي.. 

_من ايه؟ 

_يافريدة المكان ده مش طبيعي.. أنا شوفت في الأوضة حجات تقول اني معايا حد جوة واني مش لوحدي..

بصيتلها..كلامها شدني..ماهو مش معقولة انا وهي نحس  بحاجة واحدة في نفس الوقت من غير ماتكون حقيقة.. 

_وانا كمان علي فكره.. حسيت بحاجة موجودة معايا في نفس المكان.. 

_مش كده؟.. أيوة أنا ماكنش بيتهيألي يافريدة.. 

_وحتى لو المكان فيه حاجه مش طبيعية.. احنا مالناش دعوة بحاجة غير بشغلنا وبس.. 

_ صراحة.. أنا عاوزة أمشي من هنا.. 

_هنمشي من أول ليلة يعني.. وهتمشي عشان ايه.. عشان شوية خيالات أو تهيؤات شوفناها؟ 

_دي مش تخيلات.. وبكرة الأيام هتثبتلك ان المكان ده فيه حاجة مش مظبوطة.. 

_طب تعالي بس.. تعالي اقري معايا الكتاب خلينا نتسلى ونغير تفكيرنا .. 

_على رأيك.. خلينا نتسلى احسن مانشغل بالنا.. 

قعدنا نقرأ مع بعض شوية لحد مانمنا احنا الاتنين جنب بعض في اوضتي، لكن الحقيقة اننا قومنا على أصوات غريبة مانعرفش طالعة منين ساعتها قومت مرعوبة وعنيا ماليها النوم.. صحيت رودينا بسرعة.. 

_رودينا.. انتي يابنتي قومي بسرعة.. 

_انا صاحيه.. هو ايه الأصوات دي انا سامعه حد بيصرخ.. 

_أيوة.. الصوت واضح.. تعالي نشوف فيه ايه.. 

مسكتني من ايدي.. 

_انتي رايحة فين؟ 

_هنزل اشوف فيه ايه.. 

_انتي بتهزري يافريدة.. انتي ناسية القواعد بتاعت القصر؟ 

_لأ مش ناسية، اقولك... انا هقف أبص من الشباك يمكن أشوف حاجه.. 

_طب تعالي نشوف فيه ايه يمكن حاجة تبان من هنا.. 

وقفنا نبص من إزاز الأوضة.. بس مكنش باين أي حاجة أكتر من الشجر بيتهز جامد...رودينا بصت لي وقالتلي.. 

_ماتيجي ننزل نشوف فيه ايه من تحت.. انا الفضول قاتلني.. 

_انتي مش كنتي مش موافقة من شوية؟ 

_بصراحة انا خايفة.. بس عاوزة اعرف فيه ايه تحت وإيه اللي بيعمل الصوت دة.. لا يكون حد محتاج مساعدة..  

_طب يلا بينا تعالي ننزل بالراحة من غير ماحد ياخد باله مننا.. 

بدأت أفتح انا وهي الباب ومشينا نتسحب لحد ماوصلنا لتحت.. كل حاجه حوالينا كانت ضلمة، كان صعب شوية اننا نشوف اللي بيحصل قدامنا، إحنا ماكوناش شايفين حاجة قدامنا لدرجة اننا كنا حاسين حوالينا بهوا من كل ناحية، بس ماكنتش أعرف إحنا في انهي جزء من البيت.. اللي رعبني أكتر، اننا بقينا سامعين الأصوات اللي سمعناها فوق وكإنها معانا وحوالينا من كل مكان.. صوت لعب أطفال، وصوت بنت كبيرة بتتكلم.. ساعتها مسكت ايد رودينا جامد وقولتلها.. 

_رودينا  !! وبعدين  ؟.. أنا مش شايفة اي حاجة حوالينا خالص.. 

_يعني انا اللي شايفة يعني؟.. أنا مش عارفه ايه اللي خلاني أقولك ننزل بس.. 

_انتي منك لله.. انا ايه اللي خلاني سمعت كلامك! 

فجأة لقينا خيالات سودة بتدور حوالينا وصوت غليظ قرب جنبنا احنا الإتنين وقعد يقولنا كلام مش مفهوم خالص.. انا وهي مسكنا فإيد بعض أكتر وبدأت هي تتوتر وقالتلي.. 

_أنا خايفه وعاوزة اطلع من هنا بسرعة.. تعالي نطلع من هنا.. 

_يلا.. يلا طيب.. 

بدأنا نتحرك والمشكلة برضه اننا مش شايفين حاجة قدامنا لدرجة اننا بدأنا نخبط في حجات مش حاسين هي ايه وكأنها غصون أشجار وبتخبط فينا، مانعرفش ايه اللي خلى الشجر جه في طريقنا..بس الصراحة كل اللي احنا عملناه اننا فضلنا نصرخ عالآخر وجرينا لحد مالقينا قدامنا سلم  جاي من ناحيته نور.. طبعا طلعنا نجري عليه على طول والحمد لله كان هو الباب اللي فتحناه..بسرعة سبقت رودينا  وكانت ورايا، لكن وقتها حصل اللي خلانا ماوصلناش للباب.. واللي حصل اني سمعت رودينا عمالة بتصوت ورايا بعد ماجريت قدامها بخطوتين.. 

_الحقيني يافيفي.. الشبشب طلع من رجلي.. 

_طب البسيه بسرعة واخلصي.. 

_مش شايفة حاجة.. 

_يووة.. وانا مش شايفة ارجعلك.. 

_طيب طيب.. خلاص انا هدور عليه بس اقفي استنيني.. 

_خلاص خلصي.. 

سبتها لدقايق بس، وبعد كدة ماسمعتلهاش صوت ولاحتى نفس.. لما اتأخرت عني شوية رجعتلها تاني  عشان اتفاجئ بيها جسمها متخشب في بعضها وواقفة متلجة عالآخر، فضلت أهز فيها وأحاول احركها بس كانت صلبة جدًا، ومرة واحدة مالقيتش حاجة أعملها  غير اني شلتها بالعافية ودخلت أجري على جوة عشان ألحقها، ماعرفش وقتها ازاي دخلتها بس المهم اني قدرت أدخلها..وبعد مادخلتها وطلعت بيها السلم بالعافية بعد بهدلة.. لقيت نرجس مقابلاني على باب الأوضة والغريب انها كانت واقفة في عز الضلمة وكأنها مستنياني أطلع.. طبعا ساعة ما شوفتها اتخضيت وخوفت وبدات أسئلها.. 

_بسم الله الرحمن الرحيم.. انتي واقفة كدة ليه في الضلمة، مش خايفه حاجة تطلعلك في قلب الضلمة تسرعك؟ 

_أنا مابخافش من الضلمة.. زي مانتوا كمان ماخفتوش منها.. براڤوا عليكم.. من أول ليلة خالفتوا قواعد القصر.. 

بصيتلها وانا سانده رودينا على كتفي وقولتلها.. 

_طب البنت متشنجة.. ايه هنقف نتفرج؟ 

_لأ طبعا.. يلا ندخلها وبعدين نتصرف.. ليا تصرف تاني معاكم.. 

_يلا بينا.. 

بدأت أتحرك بسرعة ودخلتها على أوضتها انا ونرجس، وبعد مادخلتها، نرجس طلعتني برة.. طبعا اتعصبت وقولتلها بصوت عالي.. 

_هو ايه اللي هيحصل لو فضلت معاها؟ 

_دة مش اختصاصك انتي.. دلوقتي هتدخلها الدادة تشوفها محتاجة ايه.. وانتي اتفضلي على أوضتك.. 

_انتي متأكدة انها بأمان؟ 

_انتي هتعلميني شغلي ياأستاذة؟ 

_لأ طبعا.. عن إذنك

سبتها ودخلت على أوضتي وانا متضايقة وخايفة على رودينا جدا، ماعرفش ليه كنت خايفه لايحصلها حاجة.. المهم اني دخلت أوضتي ومن كتر التعب طول اليوم فردت جسمي تاني عالسرير وروحت في سابع نومة.. وفضلت طول الليل أهلوس.. أنا شايفة نفسي بجري بين الشجر أنا ورودينا وكإننا بنلعب.. وفجأة خلود طلعت من بين الشجر بشكلها البشع دة وقعدت تلعب معانا، كانت بتجري بين الشجر وكنا بنجري وراها لحد ماوصلتنا لشجرة شكلها جديدة.. لما وصلت عند الشجرة وقفت ووقفنا احنا كمان، وقفنا نبص عالشجرة والغريب انها طلعت مقصوصة على  شكل رودينا بالظبط.. ساعة مارودينا شافتها قعدت تصرخ وقومت من عالسرير اللي كنت نايمة عليه وانا مش عارفه دة حقيقة ولا خيال.. بعد مااتنبهت للوقت عرفت ان لسة بدري عالصبح فانمت تاني ماحسيتش بحاجة المرادي.. والصبح، قومت من نومي جري على أوضة رودينا، عشان توقفني على باب الأوضة واحدة ست لأول مرة أشوفها.. 

_رايحة فين ياآنسة فريدة؟.. أستاذة رودينا نايمة تعبانة وبترتاح دلوقتي.. 

_أوكي هخش اشوفها. 

_ماينفعش.. حضرتك دلوقتي هتشتغلي الدرس مع الست خلود.. 

_دة بجد؟ 

_اه.. دي أوامر الست نرجس، وبعد كده تبقي تقدري تشوفي صحبتك.. 

بكسفة.. 

_تمام.. فين البنت؟ 

_في أوضتها.. اتفضلي من هنا.. 

شاورتلي على مكان الأوضة اللي رحت عليها على طول من غير كلام.. بس في اللحظة دي بدأت أحس بخنقة مسكتني شوية، حسيت ان فيه قيود مفروضة علينا.. ماهو انا من حقي أطمن على صحبتي.. عموما لما اخلص هدخلها، المهم اني دخلت لخلود  وبدأت استعد اني هشرح وهشتغل وفعلا بدأت أشرح وماكررتش اللي قولته كتير بس الغريب ان البنت كان إستيعابها وفهمها غير ماكنت متوقعة خالص، بتفهم بسرعة وذكية وعقلها حاضر معايا  يعني علي عكس تخيلي بالمرة وطبعا دة سهل عليا كتير جدا في الشغل معاها..عدت أول حصة معاها على خير وجا الوقت اللي مفروض اطمن فيه على رودينا.. طلعت في طريقي لأوضتها عشان ادخل أشوفها عاملة ايه، بس برضو الست اللي برة دي منعتني أدخل لها.. وقتها كتمت غيظي بالعافية ودخلت عالأوضة اللي مفروض بتاعتي وقعدت كملت قراءة في الكتاب ونمت تاني وأنا بقراه.. بعد وقت ماعرفش قد ايه فقت على نفس الأصوات الغريبة اللي بسمعها بالليل.. بصيت من الشباك عشان اشوف ايه اللي بيحصل تحت تاني الليلادي.. لقيت زي مايكون نرجس والشغالة اللي بتقف على باب الأوضة ورودينا كمان قاعدين تحت وهما اللي عاملين الأصوات دي، زي مايكونوا قاعدين لابسين بطاطين سودة ومتجمعين قدام نار في شكل دائري ، وأول مالقوني مركزة معاهم راحو باصين ناحيتي كلهم، انا مافوقتش غير على عنين حمرة ووشوش سودة بيبصوا عليا من بعيد...لما شوفت اللي بيحصل ماخوفتش قد مابقيت عاوزة أعرف ايه اللي بيحصل تحت بالظبط.. وفعلا من غير تفكير خدت بعضي ونزلت اتسحب على تحت على أساس اني اوصل لهم وأشوف ايه اللي بيحصل.. بعد شويه كنت نجحت في اني طلعت من البيت وبقيت تحت في الحديقة في نفس المكان اللي كانوا قاعدين فيه.. الغريب اني دورت عليهم لكن مالقيتش ولا حد تحت خالص، وكأني بحلم  

.. في اللحظة دي جسمي قشعر واستغربت..اومال هما راحو فين.. المهم اني في نفس اللحظة برضه بدأت أسمع ضحكاتهم في مكان بعيد، اتضايقت جدا ووقفت بزعق وأقول.. 

_يابواختكوا  بجد.. انتوا ليه كده يعني؟ 

الضحك زاد وبدأ يعلى ويعلى لحد مابقى صريخ وعياط..  والشجر حواليا قعد يتهز جامد بكل قوته، ساعتها اترعبت وطلعت أجري على آخري، لحد ماخبطت في حد ماشوفتش ملامحه في الضلمة بس كل اللي حسيت بيه، اني وقعت مغمى عليا والحد دة هو اللي سندني.. 


 الصبح.. 

قومت ودماغي فيها صداع ومكنتش قادرة اتكلم خالص.. بصيت يمين وشمال وقعدت مكاني، لقيت نرجس هانم قاعده معايا في الأوضة ماعرفش ليه ولا ايه السبب، بدأت اسئلها ايه اللي حصل.. 

_هو فيه ايه.. ايه اللي جابني هنا؟ 

_انتي طول الليل بتهلوسي وكنتي تعبانة جدا.. 

_انا ماكنتش تعبانة.. انا نزلت تحت وانتوا كنتوا قاعدين تحت كلكوا وشكلكم كان بشع من فوق.. واما حبيت أتأكد ايه بيحصل تحت.. نزلت لقيت مفيش حد خالص وبعدها جريت وخبطت في حد مش عارفة هو مين.. هو دة اللي حصل..

_بس احنا ماقعدناش تحت.. احنا كلنا كنا نايمين.. ويمكن اللي خبطتي فيه دة هو الباشا،هو اللي لما بيقلق بينزل الحديقة،تلاقيكي عملتي دوشة... 

_إزاي يعني.. انا متأكدة اني نزلت وخبطت في حد كمان ومعرفش بقى باشا مين.. 

_مش قولتلك بلاش نزول بعد المغرب؟.. معذورة.. هعتبره جهل منك وبلاش تلفي في القصر بالليل لأن الباشا بس هو اللي بيخرج بالليل .. 

_بالليل بس؟ 

_لأ طبعا.. بيخرج في اي وقت يعجبه.. بكرة يعرفك على نفسه.. 

_طب انا عاوزه أشوف رودينا.. 

_هي جاية حالا..  

في نفس اللحظة لقيت رودينا معانا في الاوضة، دخلت أمتى وازاي معرفش.. انا أصلا ماخدتش بالي إلا لما نرجس كلمتها.. 

_أهي جت أهي.. 

إتلفتت ورايا لقيتها واقفة، قمت وخدتها في حضني وبصيت في وشها، كانت باردة جدًا.. ماعملتش أي حركة كرد فعل على اني حضنتها، بصيتلها بإستغراب وخدت بالي من ملامح وشها الباردة.. وشها جاف بشكل فظيع.. جلدها كان أزرق وبصتها ليا غريبة وكلها جفاء، وقتها حسيت ان مش هي دي رودينا.. بدأت أتكلم معاها.. 

_رودينا، انتي كويسة ياروحي؟ 

بصتلي بكل برود.. 

_انا كويسة..انتي كمان لازم تبقي بخير.. فيه درس لخلود كمان شوية.. هروح أجهزها وأجيبهالك.. 

نرجس بصتلها وضحكت وهي بتقول.. 

_رودينا واخدة الموضوع جد بعد ماقامت بالسلامة.. بالراحة على صحبتك يارودينا.. 

بصتلها بكل جمود  واتحركت زي الروبوت وقالتلها.. 

_حاضر.. فيه حاجة تانية؟ 

_لأ مفيش.. 

بصتلي وقالتلي بطريقة غريبة.. 

_بعد اذنك فريدة هانم.. 

بصيتلها وعقلي هيتجمد من الاستغراب.. هو إيه اللي بيحصل  ! رودينا مش على طبيعتها خالص.. أنا لازم أعرف فيه إيه، وإيه حكاية المكان دة، ما انا مش هفضل كدة مش فاهمة حاجة..  

عدت فترة مش كبيرة.. 

طبعًا في الفترة دي أهلي حاولوا يتواصلوا معايا وإتصلوا بيا كتير بس الصراحة ردي عليهم كان قاسي زي اسلوبهم بالظبط والحقيقة اني بلغتهم مايتصلوش بيا تاني أبدًا وينسوني وانا مع بداية كل شهر هبعتلهم مبلغ كويس.. وقد كان.. عدت عليا فترة مش قليلة وانا في القصر وكنت خلاص يعتبر بقيت لوحدي، رودينا مابقاش ليها بيا أي علاقة خالص.. بقت عاملة زي الروبوت، وكإنها بتنفذ أوامر بتتقالها وبس، غامضة جدا مش عارفة إيه السبب، كنت كل مااحاول اجي اكلمها تتهرب وتسيبني وتمشي.. حتى الأصوات اللي كنت بسمعها كل يوم بالليل، كانت زي ماهي ويمكن بتزيد أكتر لدرجة اني وصلت اني مش عارفه أنام..   

 أيام عدت عليا وانا بدي الدرس للبنت وأدخل اقعد في أوضتي لوحدي وساعة الأكل كمان لوحدي مااعرفش ليه.. المهم اني كنت باكل وبدخل أقعد في الأوضة لحد مايغلبني النوم.. وبعد ماأروح في النوم تصحيني الاصوات الغريبة والكوابيس، يوم ورا يوم بنفس الشكل، خلاص الأرق بقى صاحبي في كل خطوة... وفي ليلة بتتكرر نفس المأساة وقومت على نفس الظواهر العجيبة اللي بتحصل بالليل، بصيت من الشباك وشوفته تاني.. أيوة شوفت الراجل اللي بشوفه من ضهره كل ليله لابس بالطو أسود ماسك في أيده حاجة ويبفضل يتلفت لحد مابيوصل عند الشجر.. انا مش قادره أحدد  اللي بشوفه دة حقيقي ولا من خيالي.. عشان كده قررت اني هنزل تاني تحت.. لازم أفهم اللي بشوفه دة حقيقة ولا خيالات.. 

نزلت اتسحب على تحت وبعد شويه كنت واقفة جنب نفس المكان اللي شوفت فيه الحاجة المجهولة.. فضلت أقرب من الشجر لحد مابقاش فيه بيننا مسافة.. مرة واحدة سمعت صوت رجلين ورايا وبلف عشان أبص.. خدت خبطة معتبرة على راسي وقعت من طولي ومحسيتش بأي حاجة حواليا.. 

بعد شوية فوقت.. لقيت نفسي واقعة في الأرض برضه بس في مكان تاني غير اللي كنت فيه، وكإني واخدة مخدر.. كنت دايخة دوخة غريبة، حاولت ارفع راسي وابص حواليا، وللحظة قدرت ابص بس الضلمة كانت مغطية على كل حاجة.. كانت مخلياني شايفة حاجة ولا مخلية حد شايفني.. بس كل اللي سمعته صوتها وهي بتصرخ وبتعيط وتقوله.. 

_عشان خاطري يابابا بلاش تقتلها هي كمان.. سيبها تعيش عشاني.. 

اللي كانت بتصرخ تبقى خلود.. واللي فهمته ان اللي بيعمل كدة يبقى الباشا صاحب القصر،  غللي رد عليها وقتها وقال لها.. 

_قولتلك ١٠٠مرة ماتتعلقيش بيهم بالشكل ده.. دول يادوب جايين عشان نسقي منهم شجرة الخلد.. 

البنت ردت عليه بعياط تاني وقالتله.. 

_كفاية يابابا بقى، متحاولش.. هي قالتلك من آخر مره من سنين طويلة مش هتقدر تحضر روحي تاني وتنت مش راضي توقف اللي بتعمله.. 

الراجل مكنش منه غير انه رمى الفاس اللي بيحفر بيه من إيده ومشي ناحيتها بغضب وسمعت صوته وهو بيزعقلها جامد.. 

_اخرسي ياخلود.. انا هفضل طول منا عايش أسقي روحها اللي في الشجرة لحد ماتظهر تاني.. انا هخليها تبقى واقع زي ماكانت.. 

_بس هي تخلصت من حياتها من زمان.. مش هترجع تاني.. 

_هي عملت كدة لأن انتي السبب.. انتي السبب.. انتي اللي كان لازم تموتي.. كنت كل مااحاول اعمل كده مابقدرش أكمل.. 

_خلاص موتني.. 

_دة اللي لازم يحصل.. 

للحظة إبتديت أحاول أستجمع قوتي وزحفت لحد ماوصلت للفاس ولسة همسكه راح ضاربني موقعني وفضل يضربني بالرجل، بس الغريب اني لقيته مرة واحدة وقع جنبي من غير مااعمل حاجة.. مرة واحدة لقيت خلود بتمدلي إيدها بتقومني من الأرض.. 

_قومي بسرعة ياميس مفيش وقت لأي حاجة.. انقذينا.. 

قومت معاها بس البنت كان عندها إصرار رهيب اني اضربه تاني بالفاس..مسكت الفاس من الأرض وفضلت أخبطه بيه لحد ماحسيت ان مابقاش فيه نفس خالص.. قعدت جنب خلود في الأرض وكل اللي فبالي قولتهولها.. 

_بصي.. انا مش هسأل ولا سؤال.. لأنك هتجاوبي من غير، ماأسأل.. 

_حاضر.. هجاوبك.. بس اوعديني اننا نطلع من هنا، واما نطلع ماتتخليش عني.. خليني معاكي على اني بنتك.. 

_ماشي.. بس احكيلي انتي وبباكي والقصر حكايتكوا ايه ورودينا مالها متغيرة كدة ليه.. 

_رودينا ماتت ياميس فريدة والشجر إتسقى بدمها..

_إيه التخريف اللي انتي بتخرفيه دة؟ 

_دة مش تخريف.. دي الحقيقة.. 

_أنا السبب في كل اللي بيحصل.. بسبب خلقتي الغريبة كنت لعنة على أمي..

_لعنة على امك ازاي ياخلود فهميني؟ 

البنت بصتلي وعنيها معمية بالدموع.. 

_أمي انتحرت بسبب خلقتي.. 

أنا اتولدت بعيب خلقي زي مانتي شايفة.. وكأني مسخ.. بس أمي ماستحملتش تشوف شكلي كدة.. خصوصًا بسبب التنمر اللي عشته أنا وهي من الناس لحد مابقى عندي ٤سنين.. بعد كده ماأستحملتش.. كانت بتقولي يامشوهة.. كرهتني قوي في الآخر وبدل ماتتخلص مني قتلت نفسها، الصدمة كانت شديدة على بابا.. مااستحملش.. بابا كان بيعشق الأشجار وبيهتم بيها جدا.. بدأ يقص الأشجار على شكلهم وشكله.. بعد كده طلع بهواية جديدة.. كنت بشوفه بيجمع كتب كتيرة وانا طفلة بس ماكنتش أعرف بتاعت ايه.. ولأنه أهمل الاهتمام بيا... جابلي مربية.. 

_هي نرجس هانم؟ 

_أيوة هي.. نرجس هانم.. فضلت معانا ٥سنين، اهتمت بيا وكانت بتحبني قوي حتى أكتر من أمي اللي ماتت بسبب خلقتي.. وانا كمان حبيتها أكتر من اللزوم.. كنت سعيده جدا وهي جنبي.. لكن هو كان بيفكر في حاجه تانية.. مع الأيام طلع ان كل الكتب اللي عنده دي بتاعت تحضير ارواح.. وكان أول شرط عشان الروح تظهر وتخلد، لازم يقتل واحدة عذراء وياخد دمها يضحي بيه مكان موت الروح الاولى.. هو فعلا عمل كدة.. أخدها ودبحها وخد دمها سقى بيه الشجرة.. 

_الشجرة مالها بقى ومال موت مامتك؟ 

_ الشجرة هي مكان موت أمي.. ماما انتحرت هنا عالشجرة اللي مقصوصة على شكلها دي.. 

أتصدمت صدمة عمري.. انا قدام بنت واقعة ضحية بين أم مريضة نفسيا ومش فاهمة ازاي تحتوي طفل عنده عيب خلقي.. وبين أب مجنون.. مابقيتش عارفة أقولها ايه وقعدت أعيط وأقولها.. 

_يعني مش كان زمان اتعمل فيا كدة انا كمان  !  وطنت رودينا هو دة اللي اتعمل فيها؟ ونرجس دي اتقتلت هي كمان؟

_أيوة.. رودينا ضحية لبابا.. وميس نرجس وانتي كمانكنتي هبقي كدة لو ماكنتش أنقذتك.. 

فضلت أحضن فيها وخدتها وطلعت فوق وفضلت قاعدة لحد النهار ماطلع.. بالنهار، نفس اللي الباشا عمله في نرجس ورودينا وغيرهم أنا وخلود عملناه فيه بالظبط وبسرعة البرق قصيت شجرة على نفس شكله وفضلت في القصر أنا وخلود... اما الأصوات اللي مش راضيه تطلع من دماغي فاخلاص اتعودت عليها وبحاول أتعايش معاها ويمكن بقوا صحابي كمان.. 

بعد شهرين من الأحداث.. 


_ألو... إيه يابسنت... القصر اسمه قصر شجر الخلد وحاطين مرتب عالي جدًا للي هيتقبل في الوظيفة.. بتقولي ايه؟ بكرة نكون هناك؟... خلاص انا معاكي... 

#تمممت... 


 

تعليقات