القائمة الرئيسية

الصفحات

روايات مقترحة

سكريبت الرواية السوداء بقلم الكاتبة إيمان صالح

الرواية السوداء بقلم الكاتبة إيمان صالح

سكريبت الرواية السوداء بقلم الكاتبة إيمان صالح

سكريبت الرواية السوداء بقلم الكاتبة إيمان صالح



سكريبت الرواية السوداء الكاتبة إيمان صالح

سكريبت الرواية السوداء بقلم الكاتبة إيمان صالح



 رومانزونيروا..

الإسكندرية.. يناير ٢٠٢٤.. 

واقفة يومها بستعد لأهم يوم في حياتي وبجهز حاجة السفر بتاعتي، هدومي اللي هسافر بيها وأكلي وفلوسي وبظبط دنيتي، عشان خلاص أنا مسافرة القاهرة..رايحة معرض الكتاب، معرض القاهرة الدولي للكتاب ٢٠٢٤.. منا لازم أبقى موجودة هناك في يوم زي دة،هو دة صميم شغلي، هعرفكم بنفسي.. أنا الكاتبة ليليان صالح، بكتب قصص رعب وروايات بأنواعها، ليا روايتين ومنهم الجديده اللي نازلة السنادي ولازم أكون موجودة في معرض الكتاب عشانها.. المهم إني ظبطت مع صحباتي، وإستعدينا للسفر، ساعتها إبتديت أكلمهم واحدة واحدة، وأولهم صديقتي المقربة.. 

_أيوة يابنتي؟.. إستعديتي؟ 

_تمام ياليلي.. نص ساعة وهكون عندك.. 

_طب تمام.. 

قفلت معاها وطبعًا لبست وجهزت، وبعد شوية كنا في الشارع، وبعد ساعات وصلنا المكان المطلوب، كانت بالنسبالي تاني مرة أحضر معرض الكتاب، اليوم اللي بيبقى كله زخم وحماس، ناس كتيرة ومثقفين، صحباتي، والبنات اللي يعرفوني.. يوم مختلف وله طعم تاني ، كلنا بنستنى اليوم دة من السنة للسنة، المهم إننا دخلنا المعرض وبدأنا نلف في الصالات، أبتديت اتقابل مع كل اللي أعرفهم ونبارك لبعض وأنا ومعظم فانزاتي إتصورنا بعد ماإشتروا روايتي، وفجأة وإحنا واقفين بنهزر أنا وبعض الزميلات.. لقينا في الجناح اللي جنبنا لمة ودوشة، ساعتها عرفنا إن أكيد رواية مهمة نزلت، وقفنا ندردش سوا.. 

_اللمة دي على رواية مين ياترى؟ 

ردت عليا صاحبتي.. 

_هتكون على رواية مين يعني؟.. أكيد على روايته. 

بصيتلها وحركت دماغي وقلت لها.. 

_هو؟ 

_أكيد هو.

في ثواني البنات اللي كانوا واقفين حوالينا صرخوا وسابونا وطلعوا يجروا على الجناح اللي فيه الزحمة.. 

حتى البنت اللي كانت واقفة بتشتري روايتي منهم إستأذنت مني وقالت لي.. 

_معلش يا أستاذة لِيلي.. أنا خدت نسختي خلاص وهروح ألحق الرواية التانية،انتي عارفة دي مابتلحقش حتى تتحط على الرف.. 

ضحكت جامد وقولت لها.. 

_وماله ياروحي.. إتفضلي طبعًا روحي.. بس تعالي الأول نتصور مع بعض صورة للذكرى.. 

إبتسمت بخجل وقالت لي.. 

_طب ثواني هلحق الرواية وآجي أتصور معاكي بيها.. 

_اوكي.. 

طبعًا أنا وأصحابي كنا كلنا واقفين مع بعض ساعتها، ولما صاحبتي أتضايقت شوية عشاني ردت علينا وقالت.. 

_طب وعلى إيه ياليلي!.. تعالي ياحبيبتي نشتري الرواية إحنا كمان وترجعي هنا تتصوري مع الآنسة القمر دي. 

قولتلها.. 

_يلا بينا.. تعالي ننفع "الروائي الغامض".. 

ضحكنا كلنا وإتحركنا على الجناح الخاص بالرواية، ويادوبك لحقناها بالعافية، وبعد ماإشتريناها وقفنا نتصور كلنا بالروايات اللي جبناها وروايتي كمان ، ومن ضمن الروايات رواية" الروائي الغامض".. الرواية اللي أسمها نفسه مش مفهوم، حتى غلافها ملوش تفسير، الرواية إسمها "رومانزونيروا".. طبعًا محدش فينا فاهم الإسم..أما عن غلافها، فكان لونه كله إسود وعليه شخص مجهول، جسم شخص مش باين منه غير، أنه لابس چايت بدلة سودة وموطي لتحت ولابس قبعة سودة وكأنه ساند القبعة دي بأيده، ولاباين له معالم وش، ولا أي حاجة خالص، في الوقت دة إحنا كنا بقينا لوحدنا أنا وصديقاتي وكل واحدة فيهم أشترت نسخة من رومانزونيرا زيها زيي بالظبط.. وقتها بقى قعدنا في جنب عشان نرتاح شوية من التعب، وإبتدينا نقلب في الرواية وش وضهر، انا ماسكة بين إيديا حاجة غامضة ومبهمة، بصيت للبنات وقولتلهم.. 

_بزمتكوا مش إحنا عالم هبلة!.. نروح نشتري للكيان الغامض دة رواية!.. لأ وإيه!.. ولا مفهوم منها الهوا.. أراهنكوا على كدة.. 

ردت عليا صحبتي لينا، هي كمان كاتبة مبدعة . 

_انا متأكدة من كلامك عشان كدة مشتريتش بتاعت السنة اللي فاتت.. 

ساعتها ردت علينا تغريد صديقتنا التالتة وقالت لنا.. 

_ياجماعة لأ والله روايات الروائي الغامض بتبقى غريبة وجامدة، طب أصارحكوا بإعتراف؟ 

ردينا عليها وإحنا بنضحك.. 

_إعترفي، بسرعة.. 

قالت لنا بصوت واطي.. 

_أنا إشتريت له روايته بتاعت السنة اللي فاتت.."ڤودكا".. مانتوا أغلبكوا سمع عنها، وقريتها.. بس من ساعتها وأنا مبقتش تمام.. 

بصينالها بإستغراب أنا ولينا وسألناها.. 

_مش تمام إزاي بقى معلش فهمينا؟ 

_جماعة ماتخادوش كلامي اللي هقوله بسخرية من فضلكوا لأنه والله حصل.. 

قولتلها.

_ ماتنطقي يابنتي، إنجزي.. 

ردت بنبرة خوف وتوتر.. 

_ماشي هقول أهو.. انا من ساعة ماقريت ڤودكا، وأنا بتحصل لي غرائب فوق العادة، بشوف أبطال الرواية قدامي بعيني، وبيكلموني فعلا.. لدرجة إني بقيت أشوفهم في الشارع، لما وصلت بيا المرحلة للشكل دة.. سلفتها لصحبتي ومن ساعتها معرفش عنها حاجة.. 

بصينا لبعض أنا ولينا وأنفجرنا من الضحك.. معقولة!.. فيه حد يعيش بخياله مع الروايات لدرجة إنه يشوف أشخاص الرواية وفي الشارع؟.. آه إحنا بنتعايش مع القصص بمشاعرنا وكل حاجة، بس مش لدرجة أننا نتخيلهم حوالينا في كل مكان، المهم إنها ساعة ماشافتنا بنضحك على كلامها زعلت وقامت سابتنا ومشيت،طلعنا نجري وراها عشان نلحقها، لكنها فص ملح وداب.. فضلنا نلف عليها فترة طويلة، وبعد ماتعبنا وقفت أنا ولينا نتكلم.. 

_هي إختفت فين دي؟.. معقولة تكون مشيت؟ 

قولتلها. 

_لأ طبعًا..تغريد جاية عشاني أصلا.. مانتي عارفة أنها مالهاش رواية السنادي، بس جاية عشان ماتسبنيش لوحدي ، فمستحيل تمشي.. 

قالتلي.. 

_طب رني عليها بلاش شغل عيال صغيرة بقى  .. 

لسة بقول لها حاضر، وطلعت تليفوني من جيبي وهرن عليها، لقيتها جاية من بعيد بتبتسم وشكلها مبسوطة، دي كمان فتحت الرواية وبتقلب في صفحاتها.. ياترى إيه سبب السعادة الكتير اللي باينة على وشك دي ياتغريد؟.. ندهت لها بصوت عالي.. 

_ياتغريااااد  !.. انتِ ياست؟ 

_إيييه.. انا جيت أسكتي.. 

قولتلها.. 

_فيه إيه؟.. هو أنتِ يعني تقومي وتسيبينا كدة عادي؟.. إيه الجنان دة؟ 

البنت ولا بصت لي حتى وشاورتلي بإيدها بحركة مستفزة معناها التجاهل وقالت لي.. 

_ششش.. أسكتي بقى ماتفصلينيش.. أنا مش معاكوا على الأرض أصلا.. 

انا ولينا إتضايقنا منها وبصينالها بقرف.. وإبتديت اسألها.. 

_ليه ياست الكل؟.. كنتي فين بسلامتك؟ 

قالتلي بنبرة هادية.. 

_كنت معاه ياليليان.. كنت معاه.. 

_هو مين دة؟ 

_الروائي الغامض.. 

رفعت حاجبي لفوق بإندهاش وقولتلها.. 

رو إيه؟.. روائي غامض مين اللي أنتِ شوفتيه؟.. دة لو نزل المعرض البنات مش هتخليه يِرَوَح، وهيقف يمضي عالروايات والمعجبين لحد الصبح.. 

ردت.. 

_تخيلي بقى.. إنه ساب الكل وجه مضالي أنا على نسختي.. وعموما هو محدش يعرفه أصلا ولا ركز معاه. 

قولتلها.. 

_طب أومال إنت عرفتيه منين بقى؟

ردت بكل ثقة.. 

_ياأم الجهل، منا بشوفه مع أبطال الروايات بتاعته.. 

قولتلها وأنا مستغربة.. 

_لااااه!.. دة إنت شكلك كدة في عالم تاني!.. يابنتي ده محدش يعرفه أصلا،  ويستحيل يجي المعرض دة مجهول.. 

بسرعة  ردت عليا بإنها فتحت الرواية على أول صفحة فردتها ورفعتها في وشنا وقالتلي.. 

_يبقى أنا اللي مضيت لنفسي الإمضاء دي بقى!

مسكت الرواية من إيدها، وبصيت فيها، فعلا إمضاء مكتوبة بحبر إسود غريب، مكتوب إسم الروائي الغامض بالعربي، ولغة تانية ماركزناش فيها..لينا خدت الرواية من إيدي وبصت فيها وأتاكدت هي كمان إن الإمضاء حقيقية، لما إتأكدنا من الإمضاء إستغربنا ولينا قالت لها وهي بتهزر.. 

_أيوة ياعم ومين قدك إنت.. 

ساعتها بقى تغريد بصت لنا بغرور وقعدت تضحك وتهزر معانا، وبدأت تفتح صفحات الرواية وتقلب فيها، وفجأة.. مناخيرها بدأت تنقط نقط دم على الصفحة المفتوحة، الغريب إنها ماحسيتش بده، المهم إني طلعت منديل من جيبي وإديتهولها وقولت لها.. 

_ إلحقي مناخيرك بتنزل دم يابنتي.. 

_فين دة؟ 

_أهو.. الحقي.. 

لمست مناخيرها بإيدها ولقت نفسها غرقانة دم.. بصت في السما وقالت.. 

_ياااه!.. أكيد دماغي إتأثرت من الشمس، أنا إبتديت أحس بدوخة، تعالوا ندخل جوة تاني.. 

_يلا بينا.. 

أنجچتها ودخلنا أنا وهي ولينا وأنا ولينا بنبص لها ومش فاهمين هي فيها إيه.. كنا قلقانين عليها جدًا، المهم إننا دخلنا وكملنا يومنا اللي بدأناه، وفي آخر اليوم.. ركبنا الأتوبيسات وروحنا كل واحد على بيته، روحنا هلكانين ومحدش فينا كان حتى قادر يتكلم من أرهاق طول اليوم، يعني من الآخر روحنا نمنا مقتولين.. ووأنا في عز النوم، إبتديت أحس إن عقلي نشط وعنيا عمالة تدور يمين وشمال معأني مغمضة ورايحة في سابع نومة، وفجأة إبتديت أشوف قدامي واحد راكب حصان إسود وملتم متغمغم بالسواد، لابس برنيطة أو طاقية سودة على دماغه، أنا شايفة نفسي واقفة قدامه أنا وتغريد ولينا وكذا بنت من اللي كانوا معانا في المعرض، مرة واحدة رفع راسه بالراحة ورفع صوابعه السبابة والوسطى والإبهام وبدأ بوجههم ناحيتنا.. كان بيستخدمهم كأنهم مسدس، 

فضل يشاور علينا واحدة واحدة.. وكل مايشاور على واحدة تنزف من مناخيرها وتقع، لحد ماجه لعندي وبص لي، لما عمل الحركة دي بإيده ناحيتي دُخت، لكن ماوقعتش زيهم، الغريب إن كل واحدة وقعت فيهم كإنها وقعت في قبر.. ساعة ماشوفت القبور طلعت أجري عليهم ولقيت تغريد في قبر منهم، بسرعة قمت من سريري وأنا بصرخ بعزم مافيا وبنادي على تغريد.. بصيت في الساعة اللي متعلقة على الحيطة لقيتها ٣الفجر، يستحيل طبعًا البنت هتكون صاحية دلوقتي.. ساعتها قررت أكمل نومي والصبح لما أقوم أبقى أكلمها أطمن عليها.. ودة اللي حصل، أول ماقومت الصبح كلمتها ولقيتها كويسة جدًا، قفلت معاها وكلمت لينا هي كمان وكانت زي الفل، الحمد لله.. أنا كدة إتطمنت على أصحابي، أشوف مصلحتي  بقى، في الوقت دة قعدت أكتب شوية، بعدين حسيت أني عاوزة أعمل لدماغي ريفريش، بصيت ساعتها على المكتب اللي جنبي في أوضتي، كان عليه القصص بتاعتي، ركزت معاهم شوية وسحبت رواية رومانزونيرا وإبتديت أفكها من السلوفان بتاعها عشان أقراها، الرواية بادئة بالمقدمة وبعدها تحذير، التحذير كان عبارة عن سطرين وطبعا كان مكتوب باللغة العربية، الكلمات المكتوبة معناها " لو قرأت الرواية ماتقرأهاش بالليل، ولو قرأتها بالليل حاول تكون مع صديق، ولو عملت كل اللي قولتلك عليه قبل كدة.. ماتخليش مخك يسرح في الأحداث بإخلاص، لو حصل.. المسؤولية على نفسك "

بعد ماقريت التحذير قلبي إتقبض..هو إيه الرعب دة؟.. يعني نقراها من الآخر ولا منقراهاش!.. لقيت نفسي بتكلم بصوت عالي.. 

_دة إيه الليلة السودة دي!.. هي الرواية دي ملبوسة؟ 

لسة بنهي جملتي.. كرسي المكتب اللي جنبي اللي بستعمله وأنا قاعدة أكتب، إتحرك من مكانه رجع لورا.. ساعتها برقت، وقعدت أضحك وأنا بطوح دماغي بالراحة يمين وشمال وقولت.. 

_ بايني إتأثرت بكلام تغريد والله الواحد عقله إتلحس.. 

المهم.. قلبت صفحة التحذير، أبتديت أقرأ في الرواية، الكلام اللي مكتوب معناه بالعامية.. 


كان لازم تتقتل، كل حبيبة خاينة عاقبتها القتل..أنا حبيب إتخان من حبيبته اللي أخلص لها عمره كله، إلخ.. 

الرواية حكايتها بادئه بقصة حب شدتني لحد نصها.. قصة حب بين راجل إسمه أليخاندروا وبنت إسمها رومانزوا.. أليخاندروا كان مخلص جدًا لرومانزوا وبيلبي لها كل رغباتها، لحد مافيوم، إكتشف إنها خاينة، خانته مع صديق عمره.. في الوقت دة قرر الأنتقام منها، وفجأة.. إكتشفت إن بقيت الرواية مش كاملة،كأني دخلت على كتاب تاني خااالص، فضلت أقلب في الصفحات واحدة ورا التانية وكل الحروف والكلمات متداخلة في بعضها..كأنها غلطة في الطباعة،بصيت للصفحة وفريت في باقي الصفحات اللي فاضلة لقيتهم كلهم نفس الشكل.. قفلتها وانا متغاظة، يعني لما أقرر أشتري رواية لحد تطلع مطبوعة غلط؟.. إبتديت أفتحها تاني ومسكت التليفون على أساس هسأل تغريد ولا لينا نسختهم زي نسختي ولا لأ..بسرعة ولأول مرة في حياتي دمي ينزف من مناخيري..اللي حصل لي في اللحظة دي حاجة مبتحصليش خالص في العادي.. نقط الدم نزلت غرقت الصفحة المفتوحة، ولما نزل دمي عليها، الكتابة بدأت تتفسر قدامي شوية، وفجأة إختفت.. كأن الصفحة دي أتبدلت بصفحة تانية غير اللي كانت موجودة..لكن الغريب في الكلمات اللي لمحتها بعيني ساعتها.. واللي خدت بالي منه كان عبارة عن.. عشان تقرأ باقي القصة، لازم تضحي ..ورجعت بسرعة إتشفرت تاني ومبقتش فاهمة حاجة، فضلت أبص للجزء المتشابك في بعضه وعاوزة أعيط، أنا مش فاهمة إيه اللي بيحصل.. في اللحظة دي رنيت على لينا عشان اتكلم معاها وأحكيلها اللي حصل.. 

_ألو.. أيه يابنتي؟ 

_إيه ياليليان، إيه الأخبار مش باينة ليه؟ 

_ أنا كويسة، بقولك إيه.. إنتي قريتي الرواية؟ 

_ماجيتش جنبها والله، ليه فيه أيه؟ 

_مفيش، الرواية دي غريبة قوي.. 

_مافتحتهاش والله ياليلي. 

_طيب طيب.. بصي هرجع أكلمك تاني.. 

_ماشي سلام. 

قفلت السكة وإتصلت على تغريد، الصراحة المكالمة كانت غريبة.. 

_ألو.. إيه ياتغريد، عاملة إيه.. 

_أيوة ياليليان.. 

_بقولك إيه!.. إنتِ قريتي الرواية الغريبة دي؟

الخط بدأ يقطع، وحسيت أن الخطوط إتداخلت في بعضها.. قولتلها.. 

_يابنتي، أقفي في مكان فيه شبكة الله يهديكي.. 

خشششهشش.. صوت الوش دخل في بعضه، ودني كانت هتتخرم وفجأة الخط إتقطع..مسكت التليفون تاني ورنيت عليها.. ردت عليا وقولتلها بعصبية. 

_ إنتِ بتقفلي السكة في وشي ليه يازفتة.. 

ردت وصوتها مليان أسئلة.. 

_أنا؟.. إمتى دة؟ 

_انتِ هتجننيني؟.. مالسة حالا.. 

_والله يابنتي مامسكت التلفيون غير لما رنيتي  دلوقتي.. دة كان محطوط عالشاحن أصلا.. 

_بتهزري؟ 

_حقيقي، مفيش هزار.. 

دماغي لفت..  لو مش هي اللي فتحت السكة وردت أومال مين اللي رد؟.. فضلت تقولي.. 

_ألو،الو يابنتي؟ 

_أيوة معاكي.. إنت قريتي الرواية ولا لسة؟ 

_بتسألي ليه؟ 

_خلصي يابنتي وقولي.. 

_آه.. قريتها لكن، لكني وصلت لحد نصها، ولقيت الطباعة بايظة.. حظي نحس السنادي، مع إن السنة اللي فاتت برضة رواية ڤودكا كان فيها بعض الصفحات متسابة فاضية.. 


كلامها عمل لي حالة ذهول، نفس اللي حصل لي هو اللي حصل لها، ياترى دي صدفة ولا النسخ كلها كدة؟.. دة أحنا عشان نتأكد من الموضوع دة لازم حل من الحلين.. ياإما نرجع المعرض تاني علشان نتأكد من النسخ، يانطلبها وتجيلنا لحد البيت ودة هيبقى أغلى من حقها أصلا.. ياإما بقى نشوفها هنا في أي مكتبة ودة إحتمال صعب حاليًا لأن الكل مشغول بالمعرض..

  المهم اني رديت عليها وقولتلها..

_ طب بقول إيه!.. بأمانة كدة، وانت بتقري ولما جيتي عند الصفحات البايظة دي ماحصلتلكيش حاجة غريبة؟ 

ردت بلؤم غريب شوية وسألت.. 

_حاجة غريبة زي إيه بالظبط؟ 

قولتلها. 

_يووة؟.. طب نزفتي تاني زي يوم المعرض؟ 

_بء.. 

_نزفتي تاني؟ 

_ياليليان بلا.. 

_إنطقي عشان أنا حصلت لي حاجة غريبة.. 

_إيه هي؟.. جيتي عند الصفح دي ونزفتي؟ 

_أيوة.. 

ضحكت على آخرها وقالت لي.. 

_بس كده.. يبقى إنت دخلتي عالم الرواية ومفيش مفر..  

_أنا مش فاهمه حاجه.. 

_ولا أنا فاهمة كويس، هبقى بضحك عليكي لو قولتلك إني فاهمة قوي.. بس أعتقد إني بفكر صح.. ولما أشوفك هقولك أنا بفكر في إيه.. 

_خلاص.. حاولي نتقابل في أقرب وقت، سلام.. 

_سلام.. 

قفلت معاها السكة وفضلت أفكر ياترى هي تقصد إيه؟.. هي الرواية دي من ساعة ماجبتها وأنا مش مرتاحالها.. مسكت التليفون في إيدي كدة وبالصدفة فتحت صفحتي فيسبوك، لقيت نعي وفاة.. إيه دة؟.. دي أريچ، البنت اللي إتصورت معايا يوم المعرض، ماتت إزاي دي لسة عيلة صغيرة!.. دخلت بسرعة كتبت كلمة على البوست للتعزية وفتحت ماسنجر عشان أتكلم مع أي حد من أهلها، إبتديت أكتب.. 

_هو البوست دة بجد ولا هزار!.. دة أنا كنت لسة معاكي من كام يوم، إنت عايشة وبخير مش كدة؟ 

فضلت متابعة المحادثة وسريعًا لقيت حد بيرد الكلام  .. 

_لا يابنتي، أريچ إتوفت إمبارح بالليل.. أبوس إيدك إدعيلها بالرحمة والمغفرة.. 

إتصدمت.. البنت ماتت فعلا!!.. مش معقول،سألت اللي بيتكلم.. 

_حضرتك مين؟ 

_أنا أمها ياحبيبتي.. إنتوا فيه بينكم محادثه كبيرة واضح إنها كانت بتحبك.. 

كلامها عنها بصيغة الماضي خلاني حاولت أخنق الدموع جوايا عشان مش عاوزة أنهار وأنا بكلمها، رديت عليها.. 

_بتحبني؟.. دة أنا كنت بحبها زي بنتي بالظبط، هو.. معلش هي ماتت إزاي ممكن تحكيلي؟ 

_والله يابنتي ماعارفة إيه اللي حصل بالظبط.. أكتر من إنها من ساعة مارجعت من السفر وهي ماسكة الرواية السودة دي في إيدها وتنام وتقوم بيها،والنهاردة الصبح قومت لقيتها مش في فرشتها، ساعتها سمعنا دوشة وهيصة في الشارع، جريت على البلكونة لقيت فيه لمه تحت، قولت لأخوها إنزل شوف فيه إيه،مين اللي تحت دة .. نزل، لقاها هي، وكل اللي لقاه جنبها البتاعة اللي كانت بتقراها، لما الشرطة جت تحقق، قالوا إنها حالة إنتحار.. إنت عارفة أنا بنتي بتحب الحياة قد إيه، عشان كدة أنا مش مصدقة خالص، أكتر من كدة ماأعرفش حاجة.. 

_طب هي مرت بأي حاجة غريبة قبل ماتموت؟ 

_ جد عليها إنها كانت كل شويه صغيرة تنزف من مناخيرها.  

_لاحول ولاقوة إلا بالله.. البقاء لله ياأمي.. 

_حياتك الباقية يابنتي... 

نهيت معاها الكلام.. وسرحت، برضه نزفت وماتت في إيدها الرواية!!..إتنهدت وأنا ببص للملعونة دي وبقول لها.. 

_إنت إيه حكايتك بالظبط بقااا؟.. هو أنا كنت نقصاكي!.. واضح إن فيه حجات كتيرة عاوزة تفسير أنا محتاجة أفهم أكتر، أو على الأقل أعرف مين هو الروائي الغامض.. في اللحظة دي لقيت تغريد بتتصل بيا تاني وهي في حالة ذعر شديدة، كلمتني وهي بتعيط وقالت لي.. 

_ ألو.. تعاليلي حالا.. أنا عوزاكي ماتسبينيش لوحدي.. 

_فيه إيه ياتغريد مالك بس إهدي! 

_مش هعرف أهدى.. تعاليلي حالا لازم تيجي، أنا مش لوحدي في البيت.. 

_مش لوحدك إزاي يعني؟.. هو إنتِ فيه حد معاكي أصلا؟ 

_تعالي وأنا هفهمك اللي حصل.. 

بسرعة البرق إتوجهت في طريقي لها، ولما وصلت لقيت حالتها زي الزفت... فعلا عندها حق تخاف،دخلت الشقة، كانت كلها فراشات سودة شكلها غريب بتطير في كل مكان، حشرات بتمشي في الارض متعرفش مصدرها، والمصيبة إن تغريد عندها فوبيا حشرات أصلا، عشان كدة حالة الرعب دي مسيطرة عليها.. المهم إنها أول ماشافتني إترمت في حضني وهي بتعيط وقالت لي.. 

_أنا مش هقعد هنا لوحدي.. خديني معاكي.. 

قولتلها.. 

_إهدي بس.. فهميني إيه اللي حصل.. 

ردت عليا بصوته مهزوز. 

_مفيش.. كنت قاعدة فاضية ومفيش ورايا حاجة.. قُلت أطلع رومانزونيرا أحاول أشوف لها حل في القراية.. أول مافتحتها وجبت الصفح البايظة نزفت تاني.. وفجأة الكتابة بدأت تظهر قدامي كويس ، إبتديت اقرأ، بس مرة واحدة لقيت الروائي الغامض معايا في البيت، قعد يقول كلام مفهمتهوش.. الجملة الوحيدة اللي فهمتها منه.. إني كل ماهتتفسر ليا جملة في الجزء المتشفر هضطر أضحي بدمي أكتر عشان أفسر الباقي ، ساعتها إترعبت جدًا وإستعذت بالله من الشيطان، لما أتعوذت إتحول فجأة.. وبرضه فجأة إختفى ماأعرفش راح فين، وبعدين لقيت البيت إتملى عليا حشرات من كل مكان زي ماإنتي شايفة كدة،أنا هموت.. كل شوية أشوف حد قدامي معرفوش.. دة  طلع شكله وحش قوي.. 


كلامها خلاني خفت عليها ، في اللحظة دي قررت إني مش هسيبها لوحدها، قولتلها تلم كام طقم من هدومها وتيجي معايا، وفعلا خدتها ومشينا، عندي في البيت فضلنا نرغي مع بعض لحد ماحسيت إنها بدأت تطمن.. 

_عادي يابنتي.. كل دة من قعدتك لوحدك.. 

_لأ مش عادي.. أنا متأكدة إن الرواية دي وراها مصيبة. 

_زي إيه يعني؟ 

_فيه سر عند الكاتب دة.. بس هو إيه؟.. الله أعلم.. 

_طب نكشف السر دة إزاي؟

_أعتقد لو وصلناله..بس هنوصل له إزاي مش عارفه ! 

_من الدار الموزعة للقصة ياذكية.. أنت عرفتي اللي حصل لأريچ؟.. أريچ عصام. 

بصت لي بتركيز وسألت.. 

_مالها؟ 

_إتوفت.. 

_من إيه؟

_الله يرحمها ويسامحها بقى.. 

سألتني بدهشة.. 

_إنتحرت؟

قولت لها.. 

_آه.. مامتها بتقول كدة.. 

مرة واحدة خبطت بإيدها على بعض وقالت لي.. 

_بسس.. الرواية دي فيها لعنة صدقيني..إحنا لازم نتصرف ونوقف الرواية دي من النشر أصلا.. 

_ياسلاام!.. بالسهولة دي؟.. مش لما نبقى نوصل للكاتب الأول ونعرف أي حاجة عنه؟ 

_ماخلاص إنت حليتيها.. هنوصل له عن طريق الدار اللي طبعت العمل.. 

_خلاص. أنا مش عاوزاكي تقلقي خالص، هنتصرف ونعرف إيه الموضوع، ونحاول على الأقل نحذر الناس منها.. بس يارب يدونا بيانات عنه بسهولة.. 

_إن شاء الله خير ياليلي.. 

_أكيد خير.. المهم دلوقتي ننام عشان بكرة نشوف هنعمل إيه، لو فيها لف ولا تعب لازم نبقى مرتاحين. 

_أوك.. أنا فعلا محتاجة أنام، يلا تصبحي على خير.  

سابتني وقامت تنام في أوضة الضيوف بتاعتي، أنا كمان حاولت أدخل أنام بس مقدرتش، تفكيري كله في الروائي الغامض وفي الرواية الغريبة دي.. تفتكروا إيه ممكن تكون حكايتها؟..وياترى مين الروائي الغامض دة!.. هل هو فعلا إنسان موجود زينا؟.. ولا ممكن يكون جن بيتشكل في صورة إنسان مثلا!.. لأ انا مش هعرف أنام ولا حهدى غير لما أعرف مين دة، المهم إني قومت جبت اللآب بتاعي من جوة فتحته وقعدت أبحث عن أي معلومات تكون عن الكاتب دة، لكن المعلومات اللي لقيتها كانت مش كفاية، يعني لقيت قصة قصيرة منشورة بتاريخ قديم من سنين، كانت موجودة على أكونت ماأتنشرش عليه حاجة من فترة كبيرة بس إمضاء الروائي الغامض موجودة عليها، على مايبدوا إني مش هوصل من مواقع التواصل لحاجة.. عشان كدة قفلت اللآب وقمت أنام وفي قرارة نفسي الحل الوحيد اللي جاي قدامي إننا  نوصل لفرع الدار هنا، المهم إني دخلت أوضتي عشان أنام، وأنا داخلة بالصدفة عيني جت عالرواية الغريبة دي،لقيت واقف عليها فراشة سودة كبيرة ، دي مش فراشة دي جُندب..بسرعة مسكت كراسة من عالمكتب ولسة هخبطها أموتها راحت طايرة لبعيد،فضلت متابعاها بعيني بس ماثبتتش ورجعت وقفت تاني عالرواية،وفي لحظات دخلت مابين الصفح، مسكت الرواية بالراحة ويادوب فتحتها، لقيت سرب فراشات سودة طالع في وشي، صرخت ومن كتر خوفي فتحت الباب وطلعت برة، طبعًا تغريد صحيت على صوتي وجت تجري عليا،فضلت تهديني..

_إهدي ياليلي فيه إيه مالك؟

_الفراشات،الفراشات بتطلع من الرواية..

_يخربيت دي رواية يابنتي،إهدي ماتخافيش انا معاكي..إحنا لازم نتصرف في الموضوع دة ونشوف له حل.. 

قولتلها.. 

_منا كنت داخلة أنام عشان نقدر نروح بكرة المشوار دة، ماعرفش إيه اللي حصل.. 

_طب تعالي، تعالي ندخل ننام والصبح يحلها ربنا.. 

_ماتسبينيش بالله عليكي. 

_حاضر، تعالي.. 

من كتر توتري أنا وهي.. دخلت نامت معايا في نفس الأوضة والصبح.. جبنا إسم المطبعة وعنوانها، وبعد حوالي ساعتين تلاتة كنا هناك، وبعد وقت طويل طلع مدير المطبعة عشان يقابلنا، هو راجل إيطالي، شكله كدة شبه الخواجات اللي كانوا في مصر زمان.. بيتكلم مصري مكسر، حاولنا نسأله عن الرواية ونتفاهم معاه عشان يدلنا على أي حاجة، بس ماوصلناش منه لمعلومة واحدة مفيدة، وإضطرينا نسيبه ونمشي لأنه ولافهمنا!.. ولا أحنا فهمناه، بس وإحنا ماشيين، ساعتها كنا على الباب بتاع المبنى اللي فيه المطبعة، لقينا راجل شكله مريب وغامض طلع لنا منين!.. مانعرفش صراحة.. فضل ينده لنا لحد مابصيناله.. 

_يامدام.. مدام ليليان؟ 

إنتبهت وبصيت ورايا ومعالم وشي كلها تعجب.. 

_أيوة يافندم هو حضرتك تعرفني؟ 

_أيوة أيوة، مش انت ليليان صالح بتاعة الروايات؟ 

_آه أنا، يلزم خدمة؟ 

بص لي بحذر وقال.. 

_إنت جاية بتسألي عن الرواية السودة؟ 

قولتله.. 

_إيه الرواية السودة دي؟ 

_رومانزونيرا ياهانم.. 

_وإنت عرفت معناها منين؟ 

_الدار هنا كل الناس اللي شغالين فيها طليان، وأنا اتعلمت لهجتهم.. ورومانزونيرا يعني الرواية السوداء بالأيطالي.. 

_طء، طب الكاتب دة مصري ولا إيطالي؟.. ماتعرفش أي حاجة عنه؟ 

_أنا مش هقدر أقولك أي معلومات عن حاجه، أكتر من إنك لو كنتي إشتريتي الرواية وفتحتيها ماتتجاوبيش معاها.. 

تغريد ردت بإهتمام وسألته.. 

_ماتجاوبش معاها يعني ايه؟.. ماتفهمنا!

_الرواية دي ملعونة..متعطشة للدم..

صوتي علي لوحدي ولقيت نفسي بقول له.. 

_أيوة يعني ماتساعدنا طالما عارف حاجة، هو إيه السر.. فيه إيه؟ 

 إتخض وحسيت إنه خاف ولقيته مرة واحدة بيبعد عني ومشي وهو بيطوح إيديه في الهوا وقال لي 

_ يابنتي ماتوقعينيش في غلط..، أنا اعرفك؟.. بتعلي صوتك وهتفضحيني ياشيخه الله يسامحك..

مشي وهو بيبرطم، وبصينا لبعض أنا وتغريد وبرضه مافهمناش حاجة.. طبعًا أتضايقت أكتر،تغريد ساعتها قالت لي.. 

_خدتي بالك من كلامه؟ 

_أنهوا كلام؟.. ماهو قال كتير. 

_ ماقال لك متعطشة للدماء ياليلي. 

_يعني إيه؟ 

بصت لي بغيظ.. حسيت من بصتها بغبائي سيكا!.. رفعت حاجبي الشمال لفوق وأنا بقول لها. 

_يااااه!.. يعني اللي فهمته حالا صح؟ 

_أيوة اللي هو إيه بقى؟ 

_يعني تفتكري ممكن عشان تقدري تكملي قرائتها لازم تضحي بروح؟ 

_إنت لسة بتسألي؟.. أومال اللي ماتوا وبيموتوا دول بيموتوا ليه؟.. ماأكيد  باقي كلام الرواية بيظهر بزيادة قطرات الدم اللي بتنزل عليها وإنت شوفتي دة بنفسك.. 

_أيوة طب يعني هنعمل إيه؟.. صراحة بقى، أنا يستحيل أفتحها تاني بعد إستنتاجك دة.. 

_لأ ياليلي.. هنفتحها، وهنفهم القصة كلها إيه.. إيه يعني أتنين تلاتة لتر دم هنخسرهم فدى إننا نحل اللغز؟.. والمهم نحله.. 

بصيتلها بإستغراب وقولتلها.. 

_ماشي، سيبيها على الله بقى عشان الحكاية شكلها معقدة ومش هتتحل بسهولة. 

_تمام... يلا بقى نروح عشان نشوف هنعمل غدا إيه النهارده، أنا جعت خلي بالك.. 

_وأنا كمان، تعالي أنا عزماكي عالغدا.. 

خدتها وروحنا نتغدى برة، قضينا يوم جميل مع بعض، فضلت تتصور معايا وتاخد لنا لقطات من كل ناحية، وبعد مايومنا قربت ساعاته تنتهي كنا مروحين.. وصلنا للبيت، لما دخلنا المكان كان ضلمة شديدة.. مفيش حتى سرسوب نور.. معأني دايمًا بسيب نور طرقة الحمام مفتوح ومعرفش إيه اللي طفاه، المهم إني هميت أفتح النور، وفي لحظة.. صعقت بالمنظر اللي شوفته.. أول مافتحت النور، لقيت الصالة كلها عبارة عن صلبان سودة قد كف الإيد، الصلبان متعلقة في الهوا وكأنها طايرة وساعة ما النور إتفتح، وقعوا في الأرض، زي مايكونوا إتدقوا فيها، وفجأة.. فراشات كتيرة سودة طلعت من كل مكان، تغريد فضلت تصرخ تصرخ.. وأنا مابقيتش عارفة أعمل إيه.. أسكتها ولا أشوف أيه اللي بيحصل، المهم إني فضلت أهدي فيها ورجعت أبص تاني على الأرض، لقيت مفيش أي أثر لا للصلبان ولا للفراش.. ساعتها مسكنا دماغنا من الذهول وفضلنا نخبط كف على كف.. 

مرت الأيام علينا بنفس الغرابة،تغريد بدأت تعمل تصرفات تشيب .. كل شوية تظهر حاجة غريبة على الشقة بتاعتي تخليني هموت من الرعب، من ضمن الحجات.. لما دخلت أنضف الاوضة اللي بتنام فيها تغريد، بالصدفة فتحت إدراج المكتب اللي معاها في الأوضة، وإتفاجئت أنها محتفظة بصليب.. لما شوفته، خدته بسرعة وروحت واجتها بيه.. وساعتها شدينا مع بعض شويه وإحنا بنتكلم..وفجأة كلامنا إنتهى بكارثة.. 

 

_دة بيعمل إيه هنا ممكن أفهم؟ 

_إنت بتفتشي فبيتك ورايا؟ 

_ أنا لابفتش ولا بنيل.. أنا بنضف فالقيته بالصدفة، فلازم أفهم.. 

شدته من إيدي وبصت لي وقالت.. 

_أنا زيي زيك معرفش حاجه.. أنا لقيته يوم ما الصلبان وقعت من السقف.. شكله غريب وشدني فاإحتفظت بيه.. 

_وتحتفظي بيه ليه، أنا هرميه.. 

لسه بشده من إيدها على أساس هرميه في الشارع صرخت بعزمها وشدته مني وقالت.. 

_لأ.. إوعي ترميه.. هاتي.. 

وخدته ودخلت تجري على جوة، إتضايقت منها وطلعت أجري وراها بس لقيتها قافلة عليها الباب، فضلت أخبط في الباب بجسمي لحد ماإتفتح.. لما دخلت عليها، لقيتها واقفة قدام المراية بتتنفس بصوت عالي وماسكة الرواية فتحاها على الصفحات المتشفرة.. وبتتكلم لغة غريبة مش مفهومة وبتصلب على نفسها وماسكة الصليب في أيدها وإيدها عمالة تنزف دم من شدة ضغطها عليه، ساعة ماشوفتها بتنزف صرخت فيها وجريت عليها بسرعة وأنا بحاول أنجدها وقولتلها.. 

_إنت بتعملي إيه؟.. هاتي دة من إيدك. 

بصت لي، لقيت عنيها كلها كتلة سواد.. وفي لمح البصر وجهت حرف الصليب ناحية رقابتها وقالت لي.. 

_أنا هلبي طلب الرواية وإنت فكي الشفرة بعد ما أضحي بنفسي..

في لحظة.. قطعت رقبتها بالصليب اللي في إيدها وحرفه كان عامل زي الموس، ودمها نزل عالرواية غرقها، وفعلا لقيت الصفحات بتظهر قدامي بسرعة رهيبه وتتفسر، من القهرة وقعت جنب صحبتي وفضلت أصرخ.. بعد دقايق جت الشرطة وأخدوني على القسم، قضيت يومين بهدلة، الحاجة الوحيدة اللي نجدتني إنهم لقوا الصليب لسة غرقان دم مالحقش ينشف ومفيش غير بصماتها عليه، ومفيش أي أثر إنه حد مسكه.. بعد تحقيقات كتيرة رَوّحت.. كل تفكيري دلوقتي، إزاي هحذر الناس من الرواية دي.. هي مفيش غيرها شيماء صحبتي.. دي صحفية وعندها جريدة ورقية، أنا كدة لازم أكتب مقال تحذيري من الرواية دي وأحكي فيها كل اللي حصل.. وعشان أتكلم عن كل حاجه بالتفصيل، كان لازم أفتح الرواية المسقية بدم صحبتي وأقراها.. وبعد أنهيار وعياط كتير.. قدرت أقعد وأقراها.. والحكاية كلها طلعت عن رومانزوا وأليخاندروا، أليخاندروا اللي إكتشف خيانة حبيبته فاقرر الأنتقام منها بإنه قتلها وخد دمها شرب منه، وبعدها إتجنن.. 

معقولة!!... هو دة مغزى الرواية؟.. فيه سر تاني مخفي معرفتهوش، أنا متأكدة من اللي بقوله.. المصيبة إني لو سبتها تتنشر ألف واحد وواحدة ممكن يموتوا لما يفتحوها.. أنا لازم أخلي شيماء تنشرلي المقال في أكتر من جرنال مش في جرنال واحد.. وبعد فترة دة اللي حصل.. وإنتشر المقال، وقلت نسبة المبيعات على الرواية.. لحد مافيوم.. جالي تليفون من فرع الدار اللي روحته قبل كدة. 

_ألو.. 

_أستاذة ليليان ؟ 

_أيوة يافندم.. مين؟

_أنا صاحبة الدار المسؤولة عن نشر رومانزونيرا.. ممكن تشرفيني ساعتين النهاردة؟ 

إرتبكت، ومضحكش عليكوا خفت.. بس رديت وقولتلها.. 

_آه.. طبعًا طبعًا.. ساعة وهكون عند حضرتك..

بعد شوية روحت على الفرع عشان أقابل الست اللي كلمتني.. ولما وصلت.. قابلت ست عندها ٦٥سنة، شعرها أبيض وضهرها محني، التجاعيد راسمه وشها زي الخرايط، جسمها النحيل خلاها صعبت عليا، حتى وهي بتقوم عشان ترحب بيا قولتلها.. 

_أقعدي أقعدي ياطنط.. أنا تمام.. 

شاورتلي بعينها.. 

_أقعدي يابنتي.. 

أبتسمت وقولت.. 

_شكرًا جزيلا.. جالي تليفون من الدار أنكوا عاوزني.. 

_الصراحة آه.. أنا اللي كلمتك، بإيجاز.. إنت عاوزة مننا إيه؟.. بتضاربينا ليه في أكل عيشنا؟ 

_أنا؟.. ماحصلش.. أنا شايفة حاجة عاملة ضرر فاعاوزة أوقفها.. وبعدين حضرتك لازم تدليني على الكاتب دة.. أنا لازم أمنعه من نشرها.. 

_ماتحاوليش.. الموضوع مش سهل زي ماإنت متخيلة.. الظلم وحش يابنتي.. 

بصيت لها.. 

_هو إيه الحكاية؟.. ممكن أفهمها منك لو تعرفي حاجة؟ 

هزت دماغها بتأني وقالت لي.. 

_حاضر هحكيلك.. بس توعديني، إنك تسحبي المقال بتاعك من الجرايد، إحنا مش ناقصين شوشرة.. وأنا أوعدك، هسحب الرواية من السوق خالص، انا من ساعة مانزلتها وهي عملالي وجع دماغ.. 

_خلاص.. إحكيلي.. وأنا أوعدك لو حضرتك سحبتيها من السوق، هشيل المقال من الجرايد.. 

_حاضر.. الحكاية مابدأتش هنا.. الحكاية بدأت في إيطاليا.. 


كنت واقفة في مكتبي الرئيسي هناك، مكتب الدار يعني، ساعتها دخل علي  شاب مصري ملامحه حزينة، كان بيدور على شغل.. قبلت أشغله لما عرفت إنه مصري زيي..لما إشتغل معايا أثبت كفائته.. يعني كان فاهم في الطباعة والتنسيق والكتابة، ومن هنا عرفت إنه له سابقة كتابة.. إبتديت أهتم بكتاباته.. ليه ماأنشرلهوش يعني؟.. أنا لحد هنا مكنتش أعرف أي حاجة عنه خالص، المهم إني أخدت منه رواية ڤودكا.. تعرفي الروايتين دول بقالهم عندنا كام سنة؟ 

_كام؟ 

_سنين طويلة، اللي عطلني كل شوية تطلع حاجة توقف النشر، المهم إني أخدت كتاباته منه، وبعد ماخدتهم، بحثت عن الملف بتاعه هناك في إيطاليا.. وعرفت إنه كان بيستخدم السحر الإسود وهو بيكتبهم.. وأكتر من كدة ماأعرفش عنه حاجة.. أنا بس حبيت أعرفك إننا ملناش دخل، وبالرغم من كدة هسحب النسخ من السوق عشان خاطرك، بس تروحي تمنعي نشر المقال.. 

إتنهدت، وقولتلها.. 

_حاضر، وأنا آسفة عن أي أذى إتسببت لكم فيه.. 

_مفيش أي حاجة.. المهم إنك تخلصينا من الجدل اللي حاصل.. 

_تمام.. أنا هتصرف.. 

خدت بعضي وخيبتي وأملي اللي أتكسر في إني أعرف أي حاجة عن الشخص دة وخرجت.. بس يظهّر كدة إن الموضوع مش هيخلص، وأنا خارجة من المبنى.. لقيت نفس الراجل اللي وقفني أنا وتغريد الله يرحمها وإتكلم معانا خبط في بكل قوته وقعد يقول لي. 

_ياشيخة حاسبي.. ياشيخة خلي بالك.. 

قولتله.. 

_الله؟.. أنت اعمى ولا أيه؟ 

 بص لي وبص بعينه على الأرض وبرق، لقيته بيبص على ورقة شكل الجواب، ساعة مالمحتها جيت أوطي عشان أجيبها، شاورلي بسببابته، لأ..وسابني ومشي.. مديت رجلي بسرعة دوست عليها وإستنيته لما إختفى ووطيت خدت الورقة من الأرض وطلعت أجري، بعد شوية وصلت البيت وفتحت الرسالة اللي كنت متحمسة أقراها بكل جوارحي.. إبتديت أفتحها وكان مكتوب فيها.. 

"مالقيتش طريقة أشرحلك بيها كل حاجه غير الطريقة دي، أعذريني في خوفي.. بس أنا عارف إنهم هيقتلوني، أنا عاوز أجيب حقها الأول، رويدة بنتي، أو رومانزوا.. اللي إتبلى عليها وأتهمها بالخيانة.. وهو اللي دمرني بيها وقتلها .. أنا هحكيلك الحكاية من أولها لآخرها، الحكاية إبتدت بكاتب مصري فاشل، إسمه علام علام.. فضل يكتب ومحدش يعرفه.. عمل كل البدع عشان يوصل للشهرة، بس ماوصلش، فقد إيمانه بالله، ومرة واحده، سافر إيطاليا.. وهناك، إنضم لطائفة من السحرة، إتعلم السحر الإسود، كان كل همه.. الشهرة.. لكنه مكنش يعرف إنه لازم عشان يحقق حلمه بالسحر هيضحي بدم حبيبته..رويدة بنتي كانت بتحبه والوحيدة المؤمنة بموهبته هنا في مصر.. فضل يستدرجها عشان ينجح وياخد الشهرة اللي بيحلم بيها، وعشان ينفذ خطته،وقتها قال لها إنه نازل مصر عشان يخطبها بعد حب دام سنين، وأقنعها أنه لازم يشوفها قبل ماييجي البيت، بكل نية صافية راحت له مكان ماقالها تيجي.. والكلب إغتصبها، ودبحها، ومثل بجثتها وقدم قلبها ودمها قربان للشياطين والسحرة.. وبعد ماقتلها.. فجأة ومرة واحدة، كتب رواية أسمها فودكا وإتشهرت جدًا..فودكا اللي كانت مليانة صفحات فاضية ولازم عشان تظهر تضحي بدمك ، بعدها.. إتجنن.. وبدأ يكتب في الرواية دي، الرواية الملعونة اللي عشان تتقرأ، لازم يموت ضحية.. أليخاندروا هو علام.. ورومانزوا هي رويدا، أظن اني فهمتك كل حاجة..أوقفي نشر الرواية "


تاني يوم الصبح بدري، كنت عند مبنى الدار مستنية الراجل ده.. وساعة ماشوفته شديته من أيده وطلعت أجري برة المكان.. الغريب إنه طلع معايا من غير مايقاوم.. إبتديت أكلمه واسأله.. 

_إنت عرفت كل اللي حكيته دة إزاي؟.. إنطق.. 

_ عرفت كل حاجه من أمه، أمه تبقى هي الست اللي إنت قابلتيها.. 

مافوقتش غير وأنا بقوله.. نعم.. والعربية بتشيله من قدامي بتساويه بالأسفلت.. 

#تمت... 

#الرواية_السوداء

#إيمان_صالح

انت الان في اول مقال

تعليقات