الفصل الثالث
فكر فريد قليل أنه ربما لم يستمع إلى كلام جده جيداً، أنها المرة الأولى التي يشاهد فيها جده بكل هذا التعنت والصرامة هتف فريد في محاولة منه لإعادة الحوار إلى الشركة الخاصة به فقط:
ـ يا جدي أنا بتكلم عن شغل شغلي ، وإن كان على سيلا أنا هجيبها لحد هنا وتجيب كمان خطيبها:::
أشار كارم إلى فريد قائلا:
ـ بقولك اي يا فريد، انت عايز الفلوس وأنا مقلتش لا، بس قلت لك ع الشرط الوحيد اللي يخليك تاخد هم، وكمان عايزك تفهم أن ورثك كله وورث سيلا مرهون بالجوازة دي٠
هتف فريد في صوت به لهجة استنكار:
ـ يعني تجوز واحدة غصب عنها ولا اي؟ اقول لها سيبك من خطيبك دا وبعدين انا عمري ما بصيت ل سيلا غير أنها بنت عمي وبس
هتف كارم في لهجة ساخرة:
ـ بنت عمك وبس؟
ظهر على وجه فريد الغضب ولكنه لم يستطع أن ينطق بكلمة مما دفع كارم أن يصيح به:
ـ يا فريد يا متعلم يا اللي بتلف عقل اللي قدامك واللي اكبر منك في السوق سنين علشان صفقة وشغل و بزنس، وبتلاقي الف طريقة وطريقة علشان دنيتك تفضل ماشية معاك ومش عارف تقول ل واحدة من دمك عايز أتجوزك؟ أمرك غريب يا بن فهمي؟
صمت فريد دقائق ثم اقترح في لطف :
ـ طيب ما تخلى موضوع الجواز من بنت عمي دا ل بعد الصفقة٠
هز كارم رأسه في إصرار وهو يقول:
ـ جوازك من بنت عمك قبل اي حاجة٠
فريد ألقى نظرة على الأراضي الخضراء الممتدة أمامه ثم قال:
ـ الجواز غير الشغل يا جدي، وحتى لو افترضت معاك أن دا أمر لازم اعمله ولازم اتقدم لواحدة وتكون بنت عمي، يا جدي الدنيا اتغيرت، تفكير البني ءادمين كمان اتغير عن زمان، وبنت عمي مش قاعدة مستنية فريد يدق على بابها، بنت عمي لها شخصية مستقلة ورأي من دماغها، وبعدين هي اختارت خلاص اكيد هتقول لا وألف لا كمان، قلبها متعلق بواحد غيري٠
هتف كارم في سخط:
ـ ما هي غلطتك أنها اتعلقت بواحد غيرك، أنت أولى بيها من الغريب، اسمع يا فريد أنا مش عايز لف ولا دوران الشرط الوحيد ل موافقتي على أنا اديك الفلوس هو جوازك من بنت عمك غير كدا مالكش ورث عندي ولا هي كمان٠
قبل أن يحاول فريد أن يتحدث نهض كارم في حزم وهو يقول:
ـ أنا عندي جلسة كدا مع ناس في البلد، انت عندك الاوض اقعد براحتك وفكر ، أو عندك الأراضي الواسعة لو زهقان اتمشي فيها ومن هنا ل بكرة شوف مصالحك هتمشيها ازاي مع بنت عمك؟ شوف لك طريقة واتجوزها٠
فريد قال في لهجة استجداء:
ـ أنا جاي معاك٠
وضع كارم يده على يد فريد قائلا:
ـ قلت لك اقعد وفكر في جوازك٠
رحل كارم في حين ظل فريد يفكر في كلمات جده، وقفت زاهية أمام فريد المغص العينين وقالت في لهجة نداء اقرب إلى التوسل :
ـ سيدي فريد٠
رفع فريد عينيه نحوها في كسل ثم اغمض عينيه مرة ثانية مما دفعها أن تتابع:
ـ عايزة اقولك كلمة لو تسمح لي٠
تمتم فريد في صوت منخفض:
ـ قولي ٠
تابعت زاهية في سرعة:
ـ عايزة اقولك أن سيدي كارم في ناس كتير اوي ملمومين حواليه اليومين دول، ناس حلوة وناس وحشة ، والنفوس ما يعلم بيها غير اللي خالقها، الكل حواليه والغرض مختلف وانتم بعاد عنه٠
فتح فريد عينيه نظر لها في إهتمام في حين أكملت هي:
ـ أنا قصدي المصلحة، مصلحتك انت وكارم بيه ، انت لما تكون جنبه اللي قاصد استغلال هيبعد، انت بردوا حماية ليه٠
هتف فريد وهو ينظر إلى زاهية في امتنان:
ـ شكراً يا زاهية، شكرا٠
ترددت زاهية لحظة، شاهد فريد وقوفها إلى جواره صامتة وجهها يحمل كلمات مكتومة، أشار لها أن تفصح عن ما تريد:
ـ قولي يا زاهية متخافيش مش هقولك ل جوزك ولا ل جدي على كلامك٠
أسرعت زاهية في البوح مثل من اطلق لها السراح :
ـ في ناس جم البلد كدا وطبو علينا نصابين، ايوا نصابين، وبصراحة كدا أنا شفت ناس منهم بتكلم سيدي كارم٠
أطلق فريد زفير عالي، مما دفع زاهية أن تعقب:
ـ الناس كدا شكلها مش ناويين على خير وأنا خايفة ع سيدي كارم٠
فريد قال في صوت منخفض:
ـ أنا من هنا ورايح عايزك تتابعيني، عايزك تعرفيني كل اللي بيحصل٠
هتفت زاهية في صوت حماسي:
ـ هجيب ورقة وقلم واكتب لي نمر تك، وكل يوم اعرفك من اللي دخل البيت ومين اللي خرج٠
أسرعت زاهية وضعت الورقة والقلم في يد فريد الذي كتب لها رقمه في سرعة ثم نظر لها قليلاً وتساءل:
ـ أنت مش معاك تليفون؟
همست زاهية في سرعة:
ـ هكلمك من تليفون الثريا٠
هز فريد رأسه علامة الرفض، ثم اخرج من جيبه مبلغ من المال وقال:
ـ اشتري ليك تليفون وخط دلوقت من البلد، وأنا هسجل رقمك معايا
هزت زاهية راسها علامة الموافقة، ثم أسرعت في الخروج من الثريا وهي تهتف:
ـ مش هتأخر عشر دقايق وارجع لك، المحل مش بعيد عن هنا٠
حين جاء كارم كان فريد مستلقى فى إحدى الغرف، حين استمع إلى صوت جده، انضم له، قال فريد وهو يضع يده على ذراع الجد:
ـ أنا خلاص اقتنعت أن لازم اتجوز بنت عمي سيلا٠
أعقب الجد في لهجة تحمل تحذير:
ـ كدا بقا التفكير السليم بدأ في دماغك، واي تفكير تاني يبقى :::
أعقب فريد في هدوء:
ـ أنا هروح ل سيلا بكرة٠
هتف كارم في إصرار:
ـ تروح ل سيلا و تقنعها بالجواز و تجيبها هنا كمان علشان تكتبو الكتاب قدامي، ٠
هتف فريد وهو يؤكد على كلمات الجد:
ـ تمام٠
حين غادر فريد في اليوم التالي، كانت الساعة تقترب من الساعة العاشرة صباحاً، كان يفكر طوال الوقت ماذا عليه أن يفعل؟ حلمه متوقف على بنت العم، و امبراطورية كارم يهددها الاغراب والنصايبن، كما أخبرته زاهية، يكاد الجد يقع في شباك النصابين، وهو يجب أن ينقذ شركته وجده أيضاً، الأمور متداخلة وقد تفاقمت فجأة ووضعت زاهية كل شيء أمام عينيه وتركت له دوامة التفكير المتعب
لم يعد هناك حل آخر، اما أن توافق سيلا على الزواج، أو يجد طريقة حتى ينتقل الجد معه إلى الإقامة في القاهرة،
اوقف سيارته أمام الشركة الخاصة ب سيلا،
حين جلس في مكتب الانتظار، بعد أن أخبر الأمن أنه ابن العم، كانت سيلا في اجتماع ظل لمدة ساعة كاملة، قبل أن يقرر فريد أن يرحل كانت سيلا تقف أمامه مباشرة وخلفها السكرتيرة الخاصة بها هتفت سيلا في صوت مرتفع :
ـ فريد! هاي فريد اكيد فريد، أنا تفكيري تعبان جداً النهاردة، أول ما السكرتيرة قالت لي ابن عمك، قلت لها ابن عمي مين؟ اكيد فريد ما أنا ماليش غير ابن عم واحد بس، تعال يا فريد تعال ع المكتب٠
دلف فريد خلف سيلا التي ألقت نظارتها في عصبية شديدة على مكتبها وتابعت:
ـ يومي مش احسن حاجة، بجد حاسة اني في شرنقة ومحتاجة اتنفس ٠
ألقى فريد نظرة على يد سيلا التي تزينها بالخواتم المختلفة التصميمات وقال:
ـ يومك مش احسن حاجة ليه بس ؟
تابعت سيلا وهي تقف خلف نافذة مكتبها:
ـ أزمات، صفقات كبيرة لازم تخلص في اسرع وقت بس مع الاسف ٠
هتف فريد في هدوء:
ـ طيب اخد فكرة يمكن نلاقي حل٠
صمتت سيلا لم تعقب على كلمات فريد، مما دفع فريد أن يكمل:
ـ اكيد محتاجة سيولة مالية علشان صفقة كبيرة٠
هتفت سيلا في اذعان:
ـ اكيد واجهتك للمشكلة دي قبل كدا مش كدة؟
هتف فريد في سخرية:
ـ أنا فيها في الوقت الحالي٠
تمتمت سيلا بصوت يحمل لهجة تحذير:
ـ بلاش اقتراح البنوك والقر وض، لاني مش هقدم الشركة ضمان،
أنا مستعدة اقعد في الشركة دي كدا من غير موظفين من غير شغل، ولو اني احطها رهان شركتي اكبر من دا كله٠
.هتف فريد في لهجة تحمل استنكار:
ـ حفيدة كارم مينفعش تروح البنك تقول قرض٠
تعليقات
إرسال تعليق
اترك لنا تعليقًا ينم عن رأيك بالمحتوى