روايةثلاثي الأبعاد
بقلم أمل عبد االله الفصل الثالث
- كيف لك أن تعترض علي أوامر والدك يا سامح ؟
قالت والدة سامح هذا الكلام بعتاب شديد فعندما أستدعي سعيد سامح ولده لعرض الأمر عليه لتحديد موعد لإعلان إرتباطه برنا رفض رفض قاطع وهرب من أمام والده فتبعته والدته ولحقت به قبل أن يخرج من المنزل فقال هو لها بحنق شديد :
يا أمي أنا لا أريد أن أعاند مع والدي ؛لكن الفتاة متعجرفة وترفضني ..هي ما أن تراني قادماً من العمل حتى تدخل غرفتها ناظرة لي وكأني عدو لها ,ولا أريد أن أفرض نفسي علي امرأة ترفضني .
فاقتربت شريفه منه وربتت علي كتفه قائلة له برفق :
هي فقط غير معتادة علي وجودها هنا يا ولدي ..,وما أن تفعل ستجدها مطواعة تستمع لأوامرك .
تنفس سامح بحنق وعصبية فهو لا ينكر أن رنا فتاة جميلة ..بل جميلة جداً ؛لكنها ترتدي دوماً ملابس مثيرة للأعصاب وكل مرة يستغفر ربه شاعراً بالذنب كونه رغماً عنه تنتابه أفكاراً غريبة فيهرب من الدوار حتى لا يلتقي معها كثيراً ويحفظ خصوصيتها وأيضاً يحفظ نفسه من الفتنة وكلامها الغاضب وطريقتها المستفزة في قول تلك الكلمات عندما يطلب منها لبس عباءة :
لا شأن لك بى ,ولا تحلم بأن أتزوج بك وسأرتدي ما يناسبني .
فهذا يغضبه بشدة ,ويجعل عروقه تكاد أن تنفجر ,ولبعض اللحظات يفكر بأن يفقد أعصابة معها ويمسك بها ملقياً إياها علي ساقية صافعاً إياها علي قفاها ؛هذه الفكرة كانت تلقي استحسان كبير لدية حد المتعة ,وللحظة جال بأفكاره بطريقة متهوره عن المتعة التي سيحصل عليها أن روض هذه الجامحة فأستغفر ربه وأبعد هذه الأفكار الغريبة عليه ؛ فهو ضد مبادئه أن يفرض نفسه عليها والآن عرض نفسه لغضب والده الذي قال له أنه سيتزوجها برضاه أو رغماً عنه وعليه أن يختار فنظر لوالدته وقال بهدوء وهو يكره خضوعه الدائم لوالده رغماً عنه :
حسناً يا أُمي سأفكر بالأمر ؛ فالأفضل سييسره الله عز وجل .
ابتسمت والدته وقالت بانتصار وهي تعرف أن كلامه يوحي بالموافقة :
مبارك يا ولدي ..سأزف البشري لوالدك .
لسبب ما وجدت الابتسامة طريقها إلي وجهه وأتجه ناحية غرفته ,ولم يخرج كما أنتوي ,ومر بجانب غرفتها وهو يمر بالردهة الخارجية ولاحظ أن بابها ليس مغلق تماماً ,ورآها من خلاله تجلس علي الأريكة تبتسم ببلاهة للحاسوب الشخصي الذي تعمل علية ..ثم تمط جسدها بكسل وتتخلل بأصابعها شعرها القصير الذي بالكاد يصل لكتفيها ؛وتفكه من عقدته لينساب كالحرير علي كتفيها ,وتلك المنامة التي ترتدي كانت تكشف أكثر مما تخفي فأستغفر ربه مجدداً لأنه يحدق بها دون قصد ,ولوهلة وصل له إحساس أنها تحدث أحدهم عبر شبكة الإنترنت وتفتعل تلك الحركات المثيرة كي تغويه فوجد نفسه بلا تفكير يقتحم غرفتها فنهضت هي من مكانها بفزع ما أن رأته ,و تملكها الغضب الشديد قائلة له بحدة :
ما الذي تفعله أيها الأحمق ؟ كيف تقتحم غرفتي بهذا الشكل ؟ من سمح لك ؟
وجد نفسه بموقف لا يحسد عليه ,وبالرغم من هذا نظر لشاشة الحاسوب بلهفة وعندما لم يجد شيء من أفكاره المريضة التي استولت عليه قال بقسوة غير مبررة ليخفي حرجة الشديد :
أنا لم أعطيكِ الرقم السري لشبكة الاتصالات كي تجلسي علي الحاسوب طيلة الوقت ؛فأنتِ لا تساعدي حتى والدتي بالعمل بالمنزل و..
قاطعته بغضب قائلة لمبرره السخيف :
أولاً لا شأن لك سواء جلست علي الحاسوب أم لا ..وثانياً هناك خادمة بالمنزل ووالدتك لم تطلب مساعدتي .
شعر بالحنق لردها عليه كلمة بكلمة وشد حاسبها الشخصي من يدها وقال :
عليك عرض المساعدة حتى أن لم يتم طلبها ,وهذا الحاسوب لن تستخدميه حتى أزوده بالبرامج التي تجعلني أتأكد من أنك لن تدخلي أياً من تلك المواقع التي تفسد أفكار النساء .
لا يعرف ما هذا الهراء الذي يفعله أو يقوله لكنه شعر بموقفه سخيف جداً ولوهلة رغب في الخروج من الغرفة ومسح هذا الموقف من ذاكرتها وذاكرته تماماً ورنا شهقت لا تصدق وقاحة هذا الشخص فهل هو من أولئك الأشخاص المتزمتون بالنسبة لخيارات النساء عند التعامل مع الحاسوب عبر شبكة الويب ..يا ألهي ستموت حتماً أن أجبرها عمها علي الزواج حقاً به فقالت له بغضب ساخر :
أولاً تلك البرامج التي تتحدث عنها عقيمة ؛ويمكنني تخطيها بكل بساطة ,لذا أعد لي جهازي الآن فلدي عمل ,وقد وصلت لنقطة حساسة .
عمل ! شعر أن عقله توقف لوهله عن العمل فنظر لها بدهشة ,وقال لها باهتمام :
وهل تعملين من خلال شبكة الويب ؟ أي عمل هو هذا ؟
أنه جاهل لا يفهم شيئاً كيف يمكنها شرح ما تفعله له ؟ فقالت له بسخرية وزهو :
- كلا لست أعمل بهذه الطريقة ؛أنا أقوم بصنع برنامج جديد سيقوم بعمل انقلاب بعالم الحاسوب والإنترنت .
جاء دوره ليسخر منها فماذا تفهم هذه الصغيرة كي تخترع برنامج مهم بهذا الشكل فقال لها بسخرية :
وما هذا البرنامج أيتها العبقرية ؟؟...
حسناً فليسخر كما يشاء فعندما يعرف عن برنامجها الوليد ستنمحي سخريته حتماً فابتسمت قائلة له بغرور :
عندما تجد أنني أصبحت من المشاهير قريباً لا تلوم سوي نفسك .
انفجر ضاحكاً من تعبيرها لا يصدق ما تقوله هذه الصغيرة وقال لها:
حسناً أيتها المشهورة ؛اشرحي لي ما هذا البرنامج .
رغم سخريته اعترفت أن ضحكته جذابة ونبرة صوته قوية وثقته لفشلها جعلتها تقول له بثقة :
حتماً سمعت قبلاً عن برامج الأبعاد الثلاثية التي يستخدمون لها النظارة ؛أو ذلك الصندوق الذي يجعلك تشعر أنك تشاهد مقطع الفيديو وكأنك بداخله ..أليس كذلك ؟
قال وهو يعقد حاجبيه باهتمام :
طبعاً أعرفه وعفاف شقيقتي كانت تملك أحد هذه الصناديق الغبية لكنها لم تهتم حتى لأخذه معها ببيت الزوجية .
ابتسمت رنا مما جعله ينسي للحظة عما يتحدثون ودقات قلبه قد نقصت دقة أنها حقاً جميلة والشيطان بدأ يتلاعب بعقلة فهو معها وحدهم بغرفة النوم وبملابسها هذه سيحترق بجهنم حتماً ؛سمعها تقول له وهو يبعد أنظاره عنها بحرج :
برنامجي ثلاثي الأبعاد أيضاً لكن بطريقة مختلفة ..فأنت لن تكون فقط داخل الحدث ويكون كل شيء واقعي وحي بل ستتفاعل معه بشكل حقيقي للغاية ,ولن تحتاج لذلك الصندوق صحيح أنا أستخدمه الآن لآن ليس لدي الإمكانيات لصنع النظارة الخاصة بالبرنامج لكن ؛برنامجي سيحطم كل المقاييس في العالم أجمع كونه مجرد فكرة في أذهان الكثيرون ولم يحققها أي شخص من قبل .
نظرت له تنتظر أن يبدي انبهاره من كلامها لكنها وجدته ينظر لها نظرة غريبة فقالت بحنق :
ماذا ألا تصدقني ؟
طبعاً هو لا يصدقها لكن ليس هذا ما كان يفكر به فأفكاره بدأت تتخذ منحني خطر وهو يحاول ألا ينظر إليها بينما الشيطان يبديها في عيناه مثيرة ..فاتحة للشهية ,و..كفي عليه التوقف الآن عن التفكير بهذا ويخرج من هذه الغرفة فوراً فلن يسمح لشيطانه وغرائزه أن تتحكم به مُطلقاً فتنحنح قائلاً بقسوة غير مبررة :
هراء أتريدين مني تصديق ما تقولينه ؟
كلامه استفزها كثيراً خاصاً أنه يبعد نظراته عنها فقالت له بتحدي :
حسناً أيها المتحذلق سأثبت لك كلامي ؛كم الساعة معك الآن ؟
نظر سامح لساعته باستهتار وهو يريد أنهاء هذا الحديث والخروج من هنا قائلاً :
الساعة التاسعة .
تنفست بحنق ,وقالت وهي تقوم ببعض الحسابات برأسها :
حسناً سأحتاج علي الأقل لساعتين كي أنهي البرنامج لذا لنقل في تمام الثانية عشر تعال لغرفتي وسنجرب سوياً التجربة الأولي للبرنامج مع صديقة لي مباشر عن طريق الشبكة .
ونظرت له بتحدي فقال بذهول :
أتطلبين مني التسلل لغرفتك في منتصف الليل أنتِ مجنونة .
ابتسمت بتحدي قائلة :
كما تشاء أنا سأجرب البرنامج الليلة سواء بمشاركتك أو بدونها .
لقد فقدت عقلها مستحيل أن يدخل غرفتها مجدداً ألا تعرف تلك المجنونة أن الشيطان هو ثالثهم الآن فماذا يمكن أن يحدث إذاً بعد منتصف الليل ووالداه نائمين بعمق ؟ فقال لها بغضب شديد وهو يحارب شيطانه :
أفعلي ما تريدينه أنا لا أريد المشاركة في هذا الهراء .
نظرت له بغضب وقالت :
هراء ؛أنت أحمق وجلف ,ولا تفهم بالتكنولوجيا ؛وستظل رجعي للأبد هيا أخرج من غرفتي .
ودفعته بيديها من صدره بغضب شديد وهي تود قتله فاتسعت عيني سامح لا يصدق أنها تقوم بملامسته فأزاح كلتا يديها غاضبا ؛وقلبه يخفق بعنف شديد وشيطانه يوسوس له بألف شيء ,وشيء لفعله بها الآن فقال لها ووجهه ملتهب :
يجب أن تُعاقبي علي تلك الحركة ؛ألم يعلمك عمي عن أنه من غير اللائق أن تضعي يديك علي صدر رجل بهذا الشكل .
نظرت له لا تفهم مقصده فرغم تحررها الشديد لكنها شديدة البراءة بالنسبة لتلك الأمور وبلحظة أُملئت عينيها بالدموع وقالت محاولة السخرية حتى لا تسقط دموعها أمامه :
كلا لم تسنح الفرصة له لذلك ؛وطبعاً تعرف لما .
ضغط علي يديه شاعراً بالذنب ,وقال بحنق وهو يتنحنح :
عليك ترك مسافة بينك وبين أي رجل مهما كانت صلة قرابتك به ..وإياكِ ثم إياكِ أن تقومي بملامسته .
ثم استدار مغادراً غرفتها وهو يلعن نفسه علي دخولها من الأساس
************
تعليقات
إرسال تعليق
اترك لنا تعليقًا ينم عن رأيك بالمحتوى