القائمة الرئيسية

الصفحات

روايات مقترحة

رواية شغفي الفصل الثامن بقلم قسمة الشبيني


رواية شغفي  الفصل الثامن بقلم قسمة الشبيني

في الفصل الثامن بقلم قسمة الشبيني


كان الصباح يحمل الكثير من الحماس لحسام الذى يتلهف لمغادرة هذا المشفى فكم كره ذلك الضعف الذى تلبسه ولولا وجود آيلا وزواجه منها ما نجى من هذا الحادث لقد كان قربها سببا لتشبثه بالحياة وتعلقه بالأمل الضعيف لنجاته

استيقظ حسن أيضاً يساعده في جمع متعلقاته فلن يبرح المدينة قبل أن يتأكد من وصول أخيه سالما لمنزل آيلا يكفى كل منهما ما عاناه من تشتت ووحدة.


طرقة خفيفة تبعها دخول آيلا ليشرق وجه حسام 

- آيلا اتأخرتى اوى

- معلش حبيبي كنت بجهز الشقة طول الليل اخدت اتنين بنات وروحت نضفت انا هنا من يوم إصابتك ماروحتش، صباح الخير يا حسن صحيح انت رتبة ايه؟

- ماتشغليش بالك بالرتب يا آيلا انا حسن وبس

نظر حسام لأخيه بدهشة وقبل أن يعلق على قوله دخل دياب بوجه متجهم

- صباح الخير 

- خير منين بشكلك ده ؟ عملت ايه على الصبح يا دياب؟

نظرة شديدة الحدة بل ربما مفزعة انطلقت من عينى دياب لحسام الذى أشار إلى آيلا 

- شايفة نظراته تهديد صريح 

- ابدا ده دياب مفيش اطيب منه هو بس تلاقى السكرة الصغيرة ماخلتهوش ينام 

عقد دياب ذراعيه معترضا

- خلصتوا؟ اتفضل جدامى اروحك انت ومرتك عندى محكمة بعد ساعتين 

تهلل وجه حسام 

- مراتى مش قولتلك يا تنين هتجوزها . بقت مراتى 

انشقت شفتا دياب عن ابتسامة خفيفة، هو سعيد بالفعل لأجل صديقه المشاكس 

- مين هيشيل الشنط ؟

تساءلت آيلا ليتقدم دياب ويحمل الحقائب ويتجه للخارج يتبعه حسن بينما ظلت تنظر إليه وهو يطالع الغرفة بدهشة

- ايه حبيت الاوضة فجأة ؟

- حبيت ايه انا لولا وجودك قربى ماكنتش خرجت من هنا ابدا 

التقطت كفه تسحبه للخارج فهى أيضاً عانت كثيراً مخاوفها لعدم مغادرته المكان وهذه الكلمات التى عبرت شفتيه تؤلم قلبها لدرجة تعجزها عن التعبير


بعد دقائق كان دياب يقود السيارة وبجواره يجلس حسام بينما آيلا بالخلف وفضل حسن صحبة عمه ، عم الصمت بينما حسام يتفقد السيارة باحثاً عن شئ مجهول لينهره دياب

- حسام انت چرى لك ايه بتلعب فى العربية كيه الصغار!

- اسكت انت بدور على حاجة نسمعها 

فتح أحد الادراج لتظهر علبة الحلوى التى أثارت ضحكات حسام متسائلا 

- ايه ده اول مرة اشوف تنين بياكل شيكولاتة 

اسرع دياب يخفيها عنه ومغلقا الدرج بحدة 

- بعد يدك انا چايبها لمرتى 

- قولت لى الآنسة ؟؟

ضهر غضب دياب من نظراته الحادة 

- حسااام 

ضحك حسام بقوة وهو ينظر نحو آيلا 

- اول مرة قابلت مرات دياب كان هو مضروب بالنار وفكرتها أخته لو شوفتيه ساعتها وهو بيقولى الآنسة تبجا مرتى كنت تهلكى ضحك 

ضحكت آيلا بينما تسرب الغضب الذى حملته قسمات دياب لهذه الذكرى الغالية على قلبه بل هو يعتبر كل يوم له معها ذكرى غالية على قلبه.

- قول يا قفل زعلتها ليه علشان تجيب شيكولاتة 

نهرته آيلا برفق

- حسام مايصحش كده

- ماتخافيش يا دكتورة هو خابر انى ماهحكيش سر بيتى لكن حسام لو سكت مايبجاش حسام 

شعرت ببعض الراحة لتستند إلى المقعد وتترك لهما وقتا للمشاكسة دون أن تقاطع حوارهما العبثى هى فقط كانت تخشى خدش الخصوصية لكن يبدو أن كل منهما يعلم حدوده فقط يسحب صاحبه بعيدا عن بؤرة تحزنه يشعر بها ولا يريد له السقوط فيها.


........

قد يعجبك ايضا

دخل حسام برفقة آيلا لشقتها الصغيرة بينما وضع دياب الحقائب جانباً وغادر مرة أخرى دون حديث لينظر لها حسام 

- شكله زعلان مع مراته وهو بيحبها اوى 

- يبقا هيعرف يراضيها ماتخافش 

- عارف بس مش عاوزه يبدأ يومه مضغوط بالشكل ده 

قاطع حوارهما ظهوره مرة أخرى يحمل بعض الحقائب البلاستيكية وضعها فوق الطاولة 

- دى حاچة بسيطة يا حسام من النچع حدانا شوية فاكهة وشوية زفر تتجوت بيهم افوتكم بعافية وهكلمك على تلافون الدكتورة على ما تچيب تلافونك كان متحرز 

- هكلم وصفى يجيبه يا دياب المهم انت خلى بالك من نفسك وكل حاجة بتتصلح ماتقلقش 

هز دياب رأسه بابتسامة مترددة وغادر مع وصول حسن وعبد الرؤوف الذى تعبر ملامحه عن مشاعره المتخبطة وتحمل عينيه حزنا لا يفهمه حسام 

- مالك يا اوفه ؟ 

ربت فوق ساعده 

- انا كويس يا حسام الحمدلله انك رجعت لنا بالسلامة 


دعتهم آيلا للبقاء حتى موعد الغداء لكن تعلل العم بأعمال ضرورية وتعلل الاخ بموعد السفر ليغادرا فى خلال نصف ساعة وقد أكد عليها حسن أثناء مغادرته بضرورة إبلاغ حسام بموت والدهما فى اسرع وقت فهذه خطوة بديهية من وجهة نظره.

بدأت تتحرك حوله وهو عاجز عن التحكم في مشاعره فكم كان هذا القرب حلما غاليا يقاتل لتحقيقه

ظلت عينيه تتبعها اينما تحركت لتستقر أمامه جالسة بعد ساعة تقريباً 

- حسام انت كويس تحب تدخل ترتاح؟

- انا تعبت من كتر الراحة، انا عاوز انزل واتحرك، عاوز اروح الچيم وأشوف زمايلى 

- مبدئيا كده مفيش نزول النهاردة من البيت انت لسه خارج من المستشفى تانى حاجة حكاية الچيم والرياضة دى بعد شهر كمان لما اطمن أن صحتك تمام أما حكاية اصحابك ما كانوا معاك في المستشفى محدش وحشك يعنى تنزله مخصوص 

- يعنى ايه هتحبس هنا ولا ايه ؟ هو انا خرجت من حبس المستشفى لحبس فى البيت!

- مش عاوز تقعد معايا لوحدنا ؟

تعالت دقات قلبه لتتعطل أفكاره بينما عينيه تضم ملامحها الرقيقة المنقوشة فى كل جزء منه، ما الهراء الذى تتحدث عنه؟ هو لا يريد البقاء معها وحده! 

بل هو يتمنى أن يظل معها للأبد 

هو يتمنى أن تطول هذه اللحظة لتشمل عمره كله.

تلك الحمرة التى تزين وجهها تنشق لها شفتيه مبتسمة وكم تمنى أن يضمها ويتذوق روعة حرارتها .

هى بريئة كلياً يقسم دون أن يحتاج للتأكد أنه الرجل الأول بحياتها وكم هذا ينشى قلبه!

- بيبي روحت فين ؟

اعادته نبرة صوتها من شروده 

- انا اتمنى يا آيلا اكون معاك لوحدنا العمر كله 

- طيب فى حاجة عاوزة اقولك عليها بس محرجة

انتفض عن مقعده ليجلس قربها فوراً بحماس 

- لا محرجة ايه مفيش بنا الحاجات دى قولى كل اللى نفسك فيه 

- الحاجات اللى دياب جابها دى مش بعرف اتعامل معاها

إلتقى حاجبى حسام بدهشة وكأنه لا يستوعب ما نطقت به شفتيها، وكأنها ذكرت اسم صديقه!

هل فعلت أم أن عقله اصابه الخرف؟؟

- حاجات إيه ودياب مين؟ هو ده الكلام اللى محرجة تقوليه ؟ مش واخدة بالك من حاجة؟ مش ناسية حاجة

تلفتت حولها تبحث عن شئ اغفلته أثناء تفريغ الحقائب لتجد المكان خالياً 

- حاجة ايه؟ 

امسك وجهها لتنصب نظراتها نحوه 

- إحنا لوحدنا فعلياً لأول مرة بعد كتب الكتاب لا كاميرات مراقبة ولا دياب يقتحم المكان ولا ممرضة رخمة تقولى معاد الدواء أنا وانت وبس والمفروض فى شيطان يجى دلوقتي 

كللت الدهشة ملامح آيلا وقد تمكن منها حسام بشكل كامل وشتت أفكارها 

- شيطان ازاى ؟ 

- شيطان يا آيلا يجى يوسوس لى مش احنا اتنين يبقا الشيطان تالتنا 

بدأت تفهم ما يرمى إليه هذا المشاكس ورغم يقينها أنها إحدى نوبات جنونه الذى اشتاقت إليه إلا أن جرأة تلميحاته أسرت حرارة الخجل بين دمائها التى أعلنت عن خجلها عبر وجنتيها .

زادت هيئتها من روعة جمالها لتزيد من ثورة مشاعره وهو عاجز عن إخماد هذه الثورة .

ارتفع كفه ببطء ليضم هذا الوجه الذى يعشق تفاصيله بدفء يشعرها بالسكينة 

- آيلا انت شغف عمرى الوحيد ، عمرى ما كان فى قلبى احساس بالشكل ده، عمرى ما كان قلبى بيدق للدرجة دى.

امسك كفها ليضعه فوق صدره المتقد لكنها تبعت كفها واستقرت فوق ثورة خفقاته وكأنها بحاجة للاستماع لهذا الصخب بين جنباته 

حاول تنظيم أنفاسه فرغم أن شوقه إليها يهلكه لكنه لن يرضى إلا بحقها الكامل 

- إحنا لازم نعمل فرحنا بسرعة انا مش قادر على كده

- لما اطمن عليك يا بيبي 

- اطمنى عليا وانت في حضنى اصلا مش هكون كويس غير وانا معاكى وبلاش كلمة بيبى دى كتير انا ماهصدق واضعف .

ضحكت بخفوت ليستقيم واقفا في لحظة ولازالت بين ذراعيه محاولا التخلص من ثورة مشاعره

- تعالى ورينى ايه اللي مش عارفة تتعاملى معاه وانا اتعامل ماتخافيش انا فى ضهرك 

ضحكت وهى تصحبه للمطبخ حيث ينتظره عمل أتى على عدة ساعات من الظهيرة قبل أن يعدا سويا الغداء وللمرة الأولى منذ زمن طويل يشعر حسام بالألفة والدفء المنزلى فأحب الوقت وقلبه يستحث الدقائق أن تطول.


كان عليها المغادرة ويصعب عليها تركه أصبحت لأول مرة مشتتة بينه وبين عملها لا يمكنها إنكار فضل مدير المشفى لكنها حالياً تخلصت من مطاردة عبدالرحمن واصطدمت بالواقع أنها الوحيدة المسئولة عن القسم.

هاتفت زميلة لها وطلبت منها أن تعلمها فى حالة الطوارئ وبما أنها شخصية محبوبة من الجميع سعدت زميلتها بتقديم هذه الخدمة وساعدتها الظروف وكانت ليلة هادئة.

حصل على قسط من النوم بعد الغداء بينما ظلت تفكر في طريقة لتمرر له خبر وفاة والده فمهما كانت تراه شخصاً سيئا سيظل والده.

استيقظ بعد ساعتين تقريباً ولازال يعانى بعض الألم لملازمته الفراش طيلة فترة مرضه.

غادر الغرفة التى خصصتها له يبحث عنها وكانت شاردة تتابع مشهد الغروب فوق أريكة بالشرفة فلم تشعر بقربه

- آيلا 

انتفضت فهى لازالت غير معتادة على سكنه معها، اعتدلت بجلستها وافسحت له مجالا ليجلس قربها ولم يتردد 

- حسام عاوزة اتكلم معاك في موضوع مهم

- خير يا آيلا!

- فى حاجة حصلت وانت في المستشفى واضطرينا علشان حالتك وقتها نخبى عليك بس حاليا الحمدلله انت احسن والخوف من حدوث جلطات قل بنسبة كبيرة 

- دى اكيد حاجة خطيرة اللى تخوفك كده، سيادة اللواء عملك حاجة ؟

- هى حاجة بخصوصه بس مش زى ما انت فاكر 

- اتكلمى يا آيلا 

- حسام والدك اتوفى 

انتفض لترفض بعده عنها وتتشبث به ليظل بقربها ، نظر إلى وجهها يبحث عن نفى ما تفوهت به 

مرت دقائق قبل أن يستجمع بعض حروفه

- ازاى؟

- الحادث كان صعب وقلبه وقف اكتر من مرة وفى النهاية عجز الدكاترة عن إنقاذه 

شعرت بالتيه بين نظراته لتجذب رأسه حتى استقر بين ذراعيها وهى تخبره عن دفنه وايام العزاء التى حضرها أخيه وعمه ليفهم لما نزع أخيه رتبته عن اسمه، ليفهم سبب الحزن في نظرات عمه ويفهم سبب طول نوبات تنويمه التى ظنها فى البداية ناتجة عن حالته.

ظل على وضعه لدقائق حتى شعر بحاجته للمزيد من دفء هذه الضمة ليرفع قدميه ويتكوم كاملا بين ذراعيها عل قربها يسكن من الألم الذي ينخر بصدره.


..............


وصل للمنزل وعقله لم يصل لسبب حزنها ليلة أمس لذا عزم على طلب المساعدة ومن يمكنه أن يخبره ما يحدث في غيابه سوى شبيهه والأقرب إلى عقله صهيب.

توجه لغرفة ابنه وطرق الباب ثم دخل بهدوء وكان الصغير ممسكا بهاتفه 

- بتعمل ايه يا صهيب؟

- ولا حاچة يا بوى بتحدت مع واد خالى 

- طيب همله دلوك 

ترك الفتى هاتفه وانتبه لأبيه الذى حمحم 

- فى حاچة حصلت انى ماخدتش بالى منيها؟ امك حزينة ومتغيرة ليه؟

صمت الفتى لحظات لم تطل هو لا يفكر في المراوغة بل يبحث عن بداية مناسبة

- انت انشغلت عنينا كلاتنا يا بوى امى بتسد مكانك معايا ومع عمير بس مفيش حد يسد مكانك أنت معاها لما بترچع بتكون مع بدر فرحان بيها وده حجك طبعا بس امى مافرحتش هى مش بس حاسة أن بدر خدتك منيها لاه هى حاسة أن وچودها مابجى لوش عازة هى فى البيت تراعينا ومفيش حد يراعيها.

صمت الفتى لتزداد مشاعر دياب صخبا وتضارب متى نضج هذا الفتى لهذه الدرجة!

ومتى أصبح هو غير مسئول لهذه الدرجة ؟

نظر للحقيبة التى يحملها لينظر ابنه بالتبعية وكأنه يقرأ أفكاره 

- مش هتصلح اللى هى فيه بس هتفرحها وتحس انها فى بالك.

نهض محتفظا بصمته ليبحث عن تلك التى أهمل وجودها بغير تعمد منه وترك لها ألما ما ظن أن يصدر عنه يوماً.


فتح باب غرفته وكانت خاوية لتتجه قدميه نحو غرفة الفتاة ولم يكن اى منهم هناك فليس هناك إلا غرفة الصغير عمير .

دخل وكانت تجلس بالفراش الصغيرة على يمينها وعمير على اليسار يركز نظره على لعبة عقلية أمامه لتجميع الصور اتجهت إليها عينيه ليحاول تجاوز الألم 

- بتعملوا ايه وحديكم ؟

نظرت ولم تجب بل تركت للصغير مساحة للتحدث 

- شوف يا بوى ده اخر مستوى في اللعبة لو خلصته امى هتعملى روانى 

- شاطر يا عمير متأكد انك هتخلصها 

ابتسم له الصغير وعاد يركز نظراته على المربع أمامه محاولا إنجاز مهمته بينما تعلقت عينيه بمحياها الحزين ليقترب ويجلس بجوارها 

- عاملة كيه يا دينا؟

- الحمدلله 

مد كفه لتداعب أنامله وجه الصغيرة التى تأففت أثناء نومها لتلتقط عينيه ابتسامة ساخرة معبرة عن الألم كللت ملامح زوجته.

مد كفه يلتقط كفها يدفعها لمغادرة فراش الصغير وقبل أن تعترض 

- عمير دير بالك على خيتك على ما امك ترچع انت راچل دلوك 

هللت ملامح الصغير 

- حاضر يا بوى 

- انت ساحبنى على فين عمير بعده صغير مايعرفش يراعى خيته 

- لا هيعرف ماتخافيش تعالى يا دينا هو انى هاكلك 

تبعته بلا حماس بينما فتح خزانة جانبية حيث تحتفظ غالباً بحلواها المفضلة لتصطدم عينيه بالكثير منها.

التقى حاجبيه رفضاً هل فقدت الشغف حتى بالحلوى؟

متى أصبح غير مسئول لهذه الدرجة ؟

- بتدور على حاچة ؟

- بدور على مرتى 

نطق بألم حقيقى لتسحب كفها الغارق بين أنامله 

- سلامة الشوف ما انى چارك اهه 

رآها تبتعد حتى وصلت للفراش لتجلس بصمت أطبق على أنفاسه

تعليقات