القائمة الرئيسية

الصفحات

روايات مقترحة

ملكة قلبة الحلقه الرابعه عشر


 

عاهدونى أن لا تأخروا صلاتكم لأجل قراءة الحلقه عاهدونى أن لا تلهيكم عن ذكر الله

عاهدوني إن وجدوتم منى ما ينفر أو يحرك مشاعرك نحو شئ فج أن تخبرونى 

عادهدونى أن كما اجتمعنا بالدنيا نجتمع كلنا فى الجنه إن شاء الله ❤️ 


"الرابعة عشر" 


أغلقت الباب بوجه أظلمت حياته أطفأت آخر وهج، بكل سهولة اغلقت الباب يعلم أنها موجوعة يعطيها أعذار  لكن لم يتوقع أن يكون هو أول من يتلقى هذا الهجوم، رغم ذلك رفض المغادرة بقى دون ان يعرف لأي مدى سيبقى لكنه كان مدرك تماما أنه شخص واحد من الممكن أن تجلس بجواره ولو فاتك العالم كله.


"""جميع الحقوق محفوظه لدى الكاتبه سنيوريتا ياسمينا أحمد"


تعلقت عين"ملك" بوالدتها وهي تحكي بلا انقطاع وكأنها في شوق ونهم لتعرفها على كل شيء وكأنها ستجلس معها وقت قصير:


- اخواتك "نجاح" دي الكبيرة ابوكي سماها على اسم امه، "مروة" سمتها على اسم الست اللي اشتغلت عندها وفى بقى اختك "سمر" واخر وحده اللي قبلك على طول "منى" كلهم سترتهم واتجوزا نجاح اتجوزت عتال وسمر  ...


توقفت "هبه" عن الكلام نظرت لها بتمعن وهي تتذكر شيء هام أردفت وهي تضع اطرافها اسفل ذقنها :


-  شكلك ما تعرفي يعني اي عتال؟


ظلت "ملك" ذاهلها لا تريدها ان تكف عن الكلام حتى وإن كانت لا تفهمه أؤمت بنعم كي تكمل شرح.


 ربتت" هبه" على كتفيها ومسحت جسدها بعينيها بانبهار وأردفت:


 ‏-اصل انتي باين عليكى العز كده، والجدع اللي جاى معاكي شكلة حاجه أوبهه ما تحكيلي عنك بقى، قوليلي هتقعدي معايا قد ايه ؟


اجابت دون تردد وكأنها كانت تنتظر هذه الفرصة لتنطلق:

-طول العمر مش هسيبك ابدا .


لطمت" هبه" صدرها وصاحت بفزع:

-إيه ؟

التفتت حولها وهى تشير إلى المكان الضيق الغير صالح للإعاشه سواء من حوائطه التي تشبعت بالرطوبة والدهان الساقط عنه، والارض الغير سويه والظلام الدائم لعدم وجود نافذة، والأثاث الذي لم يكن له أثر إلا الكنبة التي تضمهم معا .


-تقعدي فين ؟انتي مش شايفه بعنيكي احنا فين، وانتى فين ده البدلة اللي انتي لابساها دي تأكلنا شهرين !!


امسكت "ملك " بكتفيها وقالت بحماس:

-انا مش هخليكي تحتاجى لأي حاجه ابدا انا هعوضك.


لمعت عين "هبه" وقالت بفرح:


-هتصرفي عليا ؟معاكى فلوس ؟  الناس اللي مربينك باعتين معاكي فلوس ؟

ردت "ملك" بحماس وجهل :


-هشتغل وأصرف عليكي.

 

لوت جانب فمها بسخط وهدرت :

-تشتغلي !! في ايه يا حسرة ؟


استمرت" ملك" على حماسها ولم تحبط عزيمتها :


-اى حاجه ان شاء الله اخدم في البيوت المهم اننا ما نبعدتش عن بعض وأعوضك.


كلما تحدثت أثارت غضب وإشمئزاز "هبه" والتي انفعلت قائلة:


-تعوضينى ؟! اسمعي يا بنتي شغلت الخدمة ما بتشبعش بطن ارجعي مكان ما جيتي.


امسكت بيدها كي تنصحها وأضافت:


-عايزه تخدميني ارجعي مكان ما جيتى، وكل مده تعالي وهاتي مبلغ لأحسن علاج أبوكي قاطم وسطي .


اتسعت عينها والتمعت بالدموع وردت بوجع :

- ماليش مكان هناك مافيش حد بيحبني الست اللي افتكرتها امي كانت مسلطه واحد يخطفني يقتلني، واتهمتنى زور مع اللي مفروض عمي انا مليش مكان بينهم .


"هبه "حركت فمها إلى كلا جانبين وقالت بحسرة:

-يا عيني يا بنتي جات الحزينه تفرح ما لاقتلهاش مطرح.


أردفت بيأس ودون حتى ابتسامة:

-خلاص أقعدي.


""جميع الحقوق محفوظه لدى صفحة بقلم سنيوريتا 👑"


ظل واقفا بانتظارها وفي أثناء وقوفه أجرى عدة مكالمات ومن بينهم اتصلت والدته لتطمئن سائله:


-عملت ايه يا يونس وديتها ؟


أجاب وهو ينظر بضيق باتجاه العمارة:

-ايوه وهي دلوقت مع والدتها .


جاء صوتها متردد وهي تسأله:

- وهترجعوا إمتى ؟


كان بحاجه للشكوى من فرط ألم صدره فقال بحنق:


- مش عايزه تيجي !!


تغيرت نبرة امه وتهللت قائلة:


-الف حمد وشكر ليك يارب، حلتها من عندك اسحب نفسك وتعالى.


قضب وجهه وازداد انفعالا وهو يرد عليها :


- مش هرجع غير بملك ولو قعدت هنا باقي حياتى .


أغلق المكالمة دون انتظار المزيد وانطلق إلى العمارة المنشوده ليطرق بابها من جديد وكأن والدته

أعطتة شحنه جعلته ينطلق كالسهم ليطرق الباب من جديد.


فتحت بنفسها لأنها تعرف انه الطارق وقفت بوجه وتطلعت إلى ملامحه الغاضبه وهو يزعق بها :


-انتى بتلاعبينى !


طوت يدها إلى صدرها، وهتفت بجدية وكأنه شخص لا يعنيها ولاتعرفه:


-لأ مش بلاعبك.


يزداد حنقا من تغيرها وكأنها ليست بملك معشوقته التي كانت تريد باستمرار اللجوء إلى أحضانه لتطمئن، يشعر وكأن "ملك" القديمة سجنت في زويه صغيره بداخلها وتخرج له نسخه شريره هي السجان لايرى في عينيها سوى الانتـــــقام .


-ولما تجبيني من هناك لهنا عشان تسبيني يبقى إيه مش لعب برضو ياست ملك ؟


رفعت كتفها وقالت بتوضيح:


-لأ طبعا انا جيت هنا عشان ده مكاني الطبيعى جنب امي وابويا، وعشان ماليش مكان هناك والمفروض انك تبقى فاهم كده بعد ما الست اللي كنت بقولها يا ماما كانت عايزه تقتلني.


رمته بنظره غريبه لم يعتادها منها تغيرت "ملك" ونضجت بشكل مفاجئ، تبدوا كمن إمتلك سياره دون رخصة قيادة، زعق بصوته الخشن :


-انا قادر احميكي ..


اسرعت بالإجابة:


-انا هعرف احمي نفسي أول حاجه منك .

زاغ بصره بتعجب رغم ما تريه إياه من وجه لم يراه أبدا إلا انه مشفق على "ملك" المحبوسه بداخلها توقع كل شيء إلا انها ستنقلب عليه أول واحد ربما لانه يجهل أسبابها، لذا سأل بتعجب :


-ليه وانا هاكلك؟!


ردت بعصبيه:


-عشان انت اللي سمحت للكـدبـه دي تكبر، انت كنت عارف وساكت ....


لم يتحمل الاتهام هذا وبرر قائلا:


-انا سكت عشانك ....


اوقفته مشيره نحوه بطرف اصبعها:


-‏لأ عشانك، عشان انت كنت أناني، المهم ابقى موجودة بس مش مهم اعرف الحقيقية.


أضافت ونبرتها تمتلئ بالخيبه والوجع:


-‏ انت زيك زيهم للأسف كلكم استغلتوني بالطريقة اللي تناسبكم .


تأثر بما تقول لا يلومها على وجع لكنه يلومها على اصرارها على اقصائه، مهمه إقناعها أنه لم يستغلها وسبب سكوته طيلة كل هذه السنوات خوفا من انهيارها لكن ما يراه الآن جبروت لم يكن بالحسبان.


ترقب فى عينينها أي شيء ليهدأ، وترقبت فى عينه ثورة تجعلها تفرغ كل ما بها من غضب ساد صمت حتى بين عينيهم كلا ينظر للآخر بلا هدف مجرد ترقب .

قاطعت هذا والدتها قائلة بابتسامة بعدما تابعت كل هذا الحوار من بدايته:

-ما تصلي على النبي كده يا ملك وقولي للبيه يتفضل يشرب حاجه.


اخرجتهم مما كان فيه فرمى لها "يونس" نظرة حانقه ثم التفت إلى "ملك" ليقول مشيرا نحو "هبه"  :


-طيب ابقى افتكري انها هي أول من باعك !!


ردت مدافعه بشراسه:


-على الأقل باعتني عشان كانت محتاجه؛ انت بقى بعتني ليهم ليه؟


كان يود أن يبوح بما فى قلبة ان يصرخ بوجهها أنه يحبها مغرم بها لا يتصور حياته دونها لكن الآن وهي بهذه الحالة لن يجدي نفعا الكلام، اشار بطرف إصبعه وهتف  بحده :


-انا همشي دلوقتي لكن مش هسيبك ياملك حتى فى احلامك هتلاقيني .


استدار عنها ووقفت هي مبهوته مما فعلته لأول مرة تجرأ على معاملته هكذا، لكنها كان بداخلها نار مستعره من مشاركته بهذه الكذبة، قلبها غاضب عليه لأنه الوحيد الذي كان يعرف ولم يكشف الأمر، وتركها تعيش فى وهم متوعه بنار حبه الذي لم تكن تفهمه تحمله عبء الايام الثقيلة التي قضتها دون تفسير واضح، لجم المشاعر التي تكنها له وتلوم نفسها بشده على تطرف أفكارها، معتقده انه عمها تلومه على مشاركته بالكذب عليها ولن تسامحه .


"تخرج من الحفره لكن الحفره لا تخرج منك"

استمعت إلى هذه الجملة  من قبل  لكنها كانت الأنسب فى وقتها هذا والوحيدة التي ترددت على مسامعها بلا توقف هي لن تخرج من "يونس" للأبد "يونس" لا يخرج.. "يونس" قطعه منها .

ظلت تحدق فى فراغه حتى هتفت والدتها بخبرة لم تكسبها من قليل :


- مين الجدع ده ؟


كففت دموعها وجاوبتها:


-ده يونس المفروض عمي .


ابتسمت والدتها وسألتها بمكر:


-باين عليه إنه مبسوط اوي .


أؤمأت "ملك" دون ان يخرج لها صوت، فاردفت والدتها بسعادة :


-وبيحبك اوي اوي.

 

نظرت لها "ملك" بدهشة ونفضت رأسها نافيه بحسب ما رأته منه "يونس" كان يحافظ على مشاعره بقوة فمن الصعب أن تثبت عليه شيء كالحب ومن هذا الذي يعرف مفاتيحه.


-لأ طبعا يونس مابيحبش حد غير نفسه .


قالت كلمتها الأخيرة بوجع وخذلان منه، لم تكن سعيدة بما حدث كل ذكرياتها معه طغى عليها طابع حزين يعيقها من التفكير بتعقل.


صدح صوت خشن بينهم ينادي ب:

-ام نجاح.


التفت لترى الرجل الهزيل الذي دلف لتو من باب العمارة متجها نحوهم، لازالوا يقفوا على الباب بعد رحيل "يونس" اقترب الرجل منهم يتفحص الشابة الجميلة التي يتضح عليها الثراء الواقفه أمام زوجته تبدو كصورة ملونه وسط كم من الصور  الابيض والاسود، ابتسم ابتسامه خفيفه وهو يهتف :


-مين الست دى يا هبة لاقيتي شغل تانى ؟

لاحظت "ملك" عبوس والدتها مما جعلها تنفي شكوكها أنه والدها، ردت "هبه"بحنق:


-هو انت كل اللى همك الشغل لأ يا اخويا ارتاح مش شغل الحمد لله ضهري لسه وجعني ومش قادرة امسح سلالم .


هتف الرجل بانفعال :


-كل اللى همي الشغل اومال ناكل منين، ونجيب علاج منين دا مصاريف العلاج وحدها تقطم الضهر انتي اتخبلتي فى مخك؟


كان يقول كلماته ويختطف بعض النظرات للواقفه امامها والتي لايزال يجهل هويتها، لوت "هبه" فاها إلى كلا الجانبين تعرف ماذا يرمى وراء ما يقول لذا قالت وهي تشير نحو "ملك" :

-عطا البوقين دول مالهومش لازمه دي بنتك.


اشار إلى نفسه ورد بغير استيعاب:


-بنتى انا ؟ لا انتي اتخبلتي فعلا هو انا ناقص بنات ؟


ردت عليه وهي تزفر بتعب:


-البت الصغيرة اللي بعتها للرئيسة الملجأ، كبرت وجاتك بنفسها .


ضم حاجبيه وكأنه لا يذكر شيء كهذا ربما حادث غير مهم ليذكره لكن بالنسبة "لملك" كان حدث هام توقفت عند كلمة بنتك يعني ان هذا ابوها، تمعنت بالنظر له كما نظر هو لها رجلا طاعن بالسن اكل الزمن فوق لحمه وشرب، نحيل وهزيل يظهر عليه البؤس، جلده الأسمر يحكي حكايه صعبة من الكد والتعب وبفعل طوله ظهره منحنى  بعض الشيء .

سمعته يحكي إلى "هبة" بشيء من الصعوبة:

-بنت اي انا عندي بنت غير اللي عندى ؟

شهقت "هبه" وصاحت تذكره :


-يااا مصيبتي انت نسيت مش لما عرفت اني ولدت بنت مش ولد حلفت عليا بالطلاق ما انت مربيها ورجعتها  لملجأ لست جمالات .


اتسعت عينه مما يدل على تذكره وهتف بصوت عال:


-ايوه بنتي ؟


سرعان ما تغيرت تعبيره  لجمود واردف:


-جايه ليه ؟


كان سؤال غريبا من اب لم يرى إبنته من عشرين عاماً، وتلجلجت بالقول فما عرفت بما ترد عليه :


-ع..عشانكم !!


تجاوزها ليدخل إلى الغرفة الضيقة التى وقفوا على بابها قائلا بلا اهتمام:


-احنا مش عايزين حد ؟! 


تبعته هبه وردت بحده:


-هو اي اللي مش عايزين حد ؟البت وجات لحد عندنا ما لهاش حته تانيه بتقولك الست اللي اخدتها كانت

 كاريه على موتها .


تمدد عطا على الكنبه الوحيدة متأوها بجسده الشبيه بالهيكل العظمي:


-ما هي هنا هتموت برضو ؟


ظلت "ملك" بمكانها ذاهله من برودته تجاهها، فهو لم يحتضنها ولم يبدى لها أى ترحيب بعكس المتوقع، التفت "هبه" لها وقالت متجاهلاه تماما :


-تعالي يا ملك.


عادت لتعرفه اسمها :


-اسمها ملك.


ثم نظرت إلى ابنتها لتسالها:


-جعانه؟ يوه هو ده سؤال اكيد جعانه من الصبح وانتي مادقتيش حاجه.


سحب طرحه طويله من جانب زوجها وقالت وهي تغطى بها شيب شعرها:


-بقولك اي معاكيش أى فلوس نطلع نجيب بيها لقمه نتعشي بيها ؟


نفضت "ملك" رأسها لم تعتاد ان يبقى معها مال كل ما كانت تحتاجه كان تحت يدها، تفحصتها "هبه" حتى وقعت عينها على سلسلة على شكل قلب اعلاه تاج، ابتسمت واقتربت  منها وامسكت بالسلسال البراق المعلق بعنقها وقالت بفرح:


-دهب دي ؟!


اتخذت "ملك" خطوة للخلف وتشبثت بالسلسال؛ هدية "يونس" المميزه لها نفضت رأسها وردت :


-لأ مش دهب .


تشنجت وجه والدتها وقالت بضيق:


- إيه الخيبه دى، طالعه من البيت مش عارفه تاخديلك حتتين صيغه، تعالى بقى نشوف مين هيشككنا، 

ابتعدت عنها خطوتين نحو الباب ثم رجعت قائلة:


-بقولك ايه لو حد سألك انتي مين؛ قولي ان انا خالتك ماحدش هنا يعرف اني خلفت بنت كله عارف ان اخر خلفة واد ومات .


"ملك" كانت تخرج من صدمة لأخرى، ومن عائلة كبيرة لأخرى صغيرة عائلة رفضتها بها امها وعائلة أخرى نكرتها بها أمها ازدياد شعور الألم لديها، الم لا يحكى ولا يوصف وأصعب الآلام الألم الذي لا يبكيك.


"جميع الحقوق محفوظه لدى الكاتبه سنيوريتا ياسمينا أحمد"


القت نظرة على والدها الذي راح في ثبات عميق، تبعت والدتها للخارج تمشي بأعين زائغه بقلبها جم الألم، والوجه كالبدر لا يحكى شيئا سوى ان هذه الفتاة جميلة جدا وحزينه جدا، فور ما وطات قدمها الشارع؛ وقعت عينها على "يونس" المستند على سيارته لم يغادر، ظل منتظرا لحظة تراجعها عن كل ما قالته، ارتسمت الجمود رغم انها تريد أن يحتضنها ويطمئنها كما اعتادت ان كل شيء سيصبح بخير.

 لكن عندما رأته "هبة" علقت باعتراض :


-البيه ده هيحط العين علينا. 

ـ روحي مشيه.


تحركت "ملك" باتجاه ووقفت قباله لكنه لأول مرة يعلق عينه بعيناها دون أن يلتفت كعادته، اطاح بثباتها الواهي امام قدرته على تملكها فقط من نظره 

إزدرات ريقها وقالت بشجاعة:


-واقف عندك ليه؟


ظل ثابتا كما هو يده بجيبه يناظرها بثبات وقد نجح في ارباكها وجعلها تجيب هي بدلا عنه بـ:


- مستنيني أرجع معاك ؟


اطاحت برأسها للوراء وهتفت بتحدي:


- مش هرجع ابدا ومش عايزاك تقف هنا انسى اني ارجع فى كلامي ؟!


تظن انها بتحديها هذا تفقده الأمل، لكنه سابقا عاش متعلقا بالأمل  ضعيف جعله الآن ينظر بعينيها دون أن يشعر بالذنب .

هز كتفه بخفه ورد بهدوئه المعهود وهو لا يزال يناظرها :


-ايه مضايقك فى وقفتي ؟ قولتي ابعد بعدت .


ردت بتشنج لمحاولته خداعها :


-انت واقف تحت بيتي الناس اللي هنا لسه ما تعرفش حاجه، ووجودك هيعمل شوشرة.


التفت يمينا ويسارا لتستكمل :


-‏بص الناس بتبص علينا ازاي ؟


كاد أن ينفجرا ضحكا على كلمة بيتها، أين هو الذي تدافع عنه هو لم يرى سوى غرفه، ملك تدافع عن شيء غير موجود ؟!

 زال الضحك من نفسه وحل محله الضيق عندما تذكر سبب غضبها فتحدث بضيق :


-اسمعى يا بت انتي يا تدخلي العربية وترجعي معايا، ياإما ما تمليش عليا اقف فين؟ وأقعد فين؟


انا حــر؛ أنا يـونــس الــدهبى لو نسيتي .


توترت من جديته لكن سريعا ما جمعت أعصابها لتقول:


-لأ ما نسيتش إنت اللي نسيت انا قولتلك إيه جوه إنت أكتر واحد أناني أنا شفته فى حياتى ...


قاطعها بأن رفع يده بوجهها :


-فى حياتك ؟! وانتي كنتي تعرفي مين غيري انا يا ملك ؟!


زمت فاها من سخريته الواضحة وقالت:


-هعرف يا يونس اديني فرصة أعرف، إدينى فرصة بدل الأنانيه اللي جواك.

 

قبض على ساعدها واتضح عليه  الغضب ومن بين اسنانه المنطبقه بغل تحدث بنبره منخفضه لا تخلو من الحدة:


-ما تقدريش تاخدي خطوة من غير علمي بمزاجك أو غصب عنك، انا ماحفظتش عليكي انا طول السنين دي؛ عشان فى الآخر أسيبك تضيعي نفسك .


تدخلت والدتها والتي كانت تتابع الأمر من بعيد، ووقفت بالقرب منهم لتقول "ليونس" برجاء:


-صلي على النبي يا بيه  الناس هنا ما تعرفش انها بنتي ومش ناويه اقول،  وقفتك هنا هتحط العين علينا والكل هيسأل كتر خيرك انك وصلتها سيبها فى حالها وانا هشيلها فى عنيا .


لم يحد "يونس" عينه عن" ملك" واختلاف نظرته هذه المرة جعلها ترتعب لم يقصد هذا لكن ما حدث جعل عصبيته تطفو ولم ينقصة إثارة غيرته، ترك يدها ودخل إلى سيارته لم تؤثر عليه بطلب رحيله لكن يكفيها مشكلات حتى الآن خاصتا أن والدتها قالت انها لن تعترف بها، كما بقى لأجلها  فرحيله ايضا كان من أجلها.


"جميع الحقوق محفوظه لدى صفحة بقلم سنيوريتا 👑"


بحياتك يا ولدي إمرأة

عيناها سبحان المعبود

بحياتك يا ولدي إمرأة

عيناها سبحان المعبود


فمها مرسوم كالعنقود

ضحكتها أنغام و ورود

فمها مرسوم كالعنقود

ضحكتها أنغام و ورود

والشعر الغجري المجنون

يسافر في كل الدنيا

قد تغدو إمرأة يا ولدي

يهواها القلب هي الدنيا


بحياتك يا ولدي إمرأة

عيناها سبحان المعبود

فمها مرسوم كالعنقود

ضحكتها أنغام و ورود

والشعر الغجري المجنون

يسافر في كل الدنيا

قد تغدو إمرأة يا ولدي

يهواها القلب هي الدنيا


ستفتش عنها يا ولدي

يا ولدي في كل مكان

وستسأل عنها موج البحر

وتسأل فيروز الشطأن


ستفتش عنها يا ولدي

يا ولدي في كل مكان

وستسأل عنها موج البحر

وتسأل فيروز الشطأن


وتجوب بحارا و بحارا

و تفيض دموعك أنهارا

وتجوب بحارا و بحارا

و تفيض دموعك أنهارا

وسيكبر حزنك حتى يصبح

أشجارا أشجارا


وسترجع يوما يا ولدي

مهزوما مكسور الوجدان

وسترجع يوما يا ولدي

مهزوما مكسور الوجدان

وستعرف بعد رحيل العمر

بأنك كنت تطارد خيط دخان


فحبيبة قلبك ليس لها

أرض أو وطن أو عنوان

فحبيبة قلبك ليس لها

أرض أو وطن أو عنوان


ما أصعب أن تهوى إمرأة

يا ولدي ليس لها عنوان

ما أصعب أن تهوى إمرأة

يا ولدي ليس لها عنوان

ليس لها عنوان

ليس لها عنوان

عنوان عنوان

يا ولدي يا ولدي


اتخذ" يونس "شقة بأحد الأبراج السكنية ليستقر بها مؤقتا أمر حراسته الشخصية بمتابعة منزل "هبة" أربعة وعشرين ساعة وحرس آخر خاص "بملك" وحدها .


استرخى على الأريكة الفارهه امام الشرفة التي تطل على البحر يحتسي قهوته بعدما تناول كل أدويته أجفل بتعب كان بحاجة لراحه بعد السفر وبعد ما عانه من ألم اسمه" ملك" ألم يعشقه حد الهلاك .

دخل إليه احد رجاله والأقرب إليه"عزمي" والذي اتى فوراً إلى الإسكندرية بناء على رغبته، وضع حقيبه سفر وقال :


- الهدوم اللي حضرتك أمرت تشتريها. 


لم ينظر" يونس" إلى ما اشار به لكنه أمر :

-ابعت حد بيها لبيت "ملك" .


لم ينسى ما تحتاجه وقد أتصل بأحد المحلات الشهيرة وابلغهم بكل القياسات المطلوبه من كل قطع الملابس وكذالك الأحذية ليرسلها إليها .

حك جبهته بتعب مضيفا:

- ابعت معاهم أكل.


كل التفاصيل الخاصة كان ملما بها، وبرغم انه اعتاد السفر والغياب عنها لكن اليوم وهي تعرف الحقيقة يشعر بالاغتراب لأول مرة غريب عن موطنه، وغريب عن نفسه وعنها، رأسه لم تهدأ عن التفكير بها والتسائل المستمر ماذا ستفعل به ؟

وبعد مدة قصيرة جائته الإجابة لم تقبل أى شيء منه ردت إليه أشيائه المتيقن هو بأنها تحتاجهم كل ماتفعله هو معانده بكل طاقتها .


"جميع الحقوق محفوظه لدى صفحة بقلم سنيوريتا"


'فى الصباح '


وبعدما قضت ليلتها نائمه بالارض بجوار والدتها تاركين الاريكه المستطيله للاب الذي تجاذب معها اطراف حديث بارده دون أي مشاعر، مجرد اسئلة عابره عن حياتها طيلة السنوات الماضية وبعدها غفى دون سماع باقي الاجابات.

استيقظت بتعب فهي لم تعتاد تلك النومه ولا هذه الحياة، الخراب الذي حولها لا يعني شيئاً أمام الخراب الذي بداخلها، والظلام بالمكان ليس أكثر ظلمه مما فى نفسها لذا كانت متقبله تلك الحياة المشبهه لمشاعرها المتألمه.


هتفت والدتها والتي سبقتها بالاستيقاظ وهي قادمه من باب الغرفه التى تضمهم :


-ملك يا بت امك، فى خدمه كده لو فيها رزاله تعملهالي؟


انتبهت لقولها وسألت بفضول ما الخدمة التي ستقدمها لوالدتها الجديدة:


-‏ خدمة إيه؟!


ردت "هبه" بإبتهاج :


-تطلعى تمسحى سلم العمارة لأحسن انا مش قادرة أعمله ؟


فرغ فاها وهب تستمع لتلك الخدمة وتردد صدى الكلمه حتى تمنت أن تصاب بالصممـ "ملك" الكريمة التي كان فى خدمتها أكثر من خادمة تتحول بين ليلة وضحاها إلى خادمة ؟!

ورغم ان العمل رفعه مهما كان مادام حلالا لكن هذه الإهانة التي شعرت بها جعلتها تبكى بانهيار.


رأت والدتها دموعها وقالت بتأثر :


-خلاص هطلع انا.


وقبل ان تخرج من الغرفه التفت لها لتقول بجدية وحزم:


-اعملي حسابك دي المرة الأولى اللي هسيبك فيها على هواكي  بعد كده سبت وتلات عليكي السلم اومال نعيش منين انتي جيتي هنا لازم تنسي عيشتك القديمة لما الجوع هيقرص بطنك هتجري على السلالم .


كان عقاب شديد لرفضها امس طعام "يونس" ورداء "يونس" وكل ماحاول تقديمه من مساعده لها، حتى لا تسقط في كل هذا الظلام لقد عرفت قيمة النعم التي نعمت بها دون شعور بالامتنان، لكنها لازالت عنيده تريد بدأ حياة جديدة بعيد عن الكذبة المزيفه التى عاشتها طيلة سنوات .

نهضت من مكانها واستقبلت حياتها الجديده التي ستبدأها بمسح السلم  واتجهت صوب والدتها لتقول :

-هطلع يا أمي .

 

نظرت لها والدتها نظرة ابتهاج وردت بفرحه:


- طيب تعالي اديكي جلابيه من عندي، وشيلي هدومك الحلوة دي للخروج .


خلعت عنها ملابس الترف واتدت جلباب قديم به بعض التمزقات، وحاوطت شعرها الطويل ذو الرائحة الجميلة بحجاب قصير ملفوف للخلف، لم تشبه ما ارتدته ولا يشبها لازالت جوهرة نادره حتى وإن كانت في باطن الأرض وسط الوحل .


صعدت لأعلى بيدها الأدوات ورأها احد الحرس الذي كان يدخل إلى المدخل عدة مرات ليتابع الأمور  وسرعان ما امسك بهاتفه ليعطى خبرا ل"عزمي" بالجديد.


"جميع الحقوق محفوظه لدى صفحة بقلم سنيوريتا 👑"


"يونس " جالسا مغمض العينين بالقرب من النافذه الزجاجية التي تطل على البحر  لم يغير جلسته من أمس يستدعى الهدوء الذي لا يأتي ابدا ينفث دخان سيجاره وحوله جثث لا تحصى من اعقاب السجائر تلك العادة السيئه قادرة على قتله عندما يدخل فى تلك النوبه من الحزن والتفكير .


وقف "عزمى" بوجهه وهتف متأثرا بحالته:

- يونس بيه حضرتك ما نمتش من امبارح وفى ادويه محتاج تاخدها وشرب السجائر ده غلط عليك .


كانت إجابته سريعه ومقتضبه:

-إيه الجديد ؟


صمت "عزمى" قلقا مما قد يخلفه سماع الحدث الأخير عن "ملك" صمته هذا جعل" يونس "يفتح عينها ويسأل بقلق:

-إيه اللى حصل ؟


حاول "عزمى" أن يمهد له قبل أن يعلمه فقال:


-إيه أسوء حاجه ممكن تزعلك منها أو عليها  ؟


هنا علم "يونس" أن هناك ما قد يسوءه منها هناك المزيد من الألم من جانبها، فأجاب بفزع غير متخيل مدى الألم الذي سيناله بعد إجابته:


-انها ما تبقاش موجودة.


زفر الآخر وتحدث براحه:


-الحمد لله ملك موجودة وصحتها كويسة، كويسه لدرجه انها بتمسح سلم العمارة.


كالقذيفه نزلت الجملة على "يونس" وثب من مكانه وبلمح البصر كان ممسكا بتلابيه وزعق بشراسه:


-انت واعي بتقول إيه ؟انت عارف انت بتكلم عن مين؟!


أجابه "عزمى" وعينه زائعه بعينه التي اقتلاعته من مكانه :


-دي اخر الاخبار يا افندم، ده مش من عندي ؟!


دفعه بكل الضيق الذي اعتراه فاصتدم بالحائط من خلفه ودخل هو في نوبة من الغضب والانفعال، فراح يقذف كل حوله باتجاه الحائط كان أشبه بالمجنون، الانتقام إلى هذا الحد أعماها جعلها لا ترى من تسحل خلفها .

وبرغم من قلق "عزمى" من نوبة غضبه إلا انه حاول تهدئته:


-براحه يا يونس بيه تحب نروح نجيبها بالعافيه ؟!


لم يهدا وظل فيما يفعل يقذف الاثاث والمزهريات وكل ما يقع بيده :


- انا اللي وصلتها لكده عشان انا السبب انا السبب ..


"جميع الحقوق محفوظه لدى الكاتبه سنيوريتا ياسمينا أحمد"


"ملك " كانت تعمل بجد وكأنها تجلد ذاتها وتحط من نفسها لتألف حياة جرحتها بقسوة بدايتها كانت ألم ونهايتها لا تعلمها .


لفتت نظر كل السكان واتسعت اعينهم بدهشة لتلك الفتاة صغيرة السن جميلة الملامح التي تنظف السلم بملابس باليه منهم من استنكر ومنهم من أشفق، ومنهم دحجها بنظرات مريبه وجائها السؤال الذي يؤلمها من سيدة فى العقد الثالث تنزل مع زوجها  باستعلاء شديد:


-انتي بنت مين ياشاطره؟


السكين لا يزال بموضعه لكن ضغطتها بقوة زادتها ألم ، رمشت بعينها لتجيب بوجع:

-بنت اخت الست هبة وقاعده معاها.


ليس بامكانها أن تجيب اجابة صحيحه فهي بلا موطن بلا أرض بلا حياة..


نزلت المرأة من جوارها وهي تهمس لزوجها بغيرة:


-لأ البنت دي ما ينفعش تمسح السلم دب تجيب لنا مشاكل كتير قول لهبه يا امسح هي يا نجيب اللي كنا بنجبها لما تعبت.

رد الرجل على همسها بهمس:


-وهي مالها اهي بصحتها وبتقولك قاعدة معاها يعني هتنفعك، وتساعدك فى أى حاجه.

رمقته زوجته بحنق وعايرته قائلة :


-ايه ايه انت عايزني ادخلها كمان شقتي عشان تحطها تحت عينك اللي عايز يدب فيها رصاصة.


زعق الرجل مدعياً الإنفعال:


-ايه اللب بتقوليه ده بس، يعني الحق عليا اللى عايز راحتك ؟!


بالتبادل صار الحديث كالآتي وبصوت وصل للكل قبل "ملك" التي وقفت متجمده بملابسها المبلله.


-‏راحتي ولا راحتك يا ابو عين زايغه ؟

-‏انا عينى زايغه يا ست يا مفتريه !!

-‏ايوه هو انا عاميه؛ شفتك بتبص عليها ازاي ؟ 


واشتعل بينهم الخناق وعلا صوتهم حتى اسفل الدرج .


نزلت وبيدها الجردل والممسحه، وقعت عينها وهي تقبض الثمن من سيدة أخرى كان مبلغ زهيد لا يكفي شيء، لكن "هبة "كان يتضح عليها السعاده وهي تلتقطه من يد المرأة سمعتها أيضاً وهي تقول لها برحابه:


-لو عايزه ايتها حاجه فى شقتك نادي وقولى يا ام نجاح وهطلعهالك دي شاطرة ولهلوبه.


علمت "ملك "أن الأمر لا ينتهي عند هذا فهي ستحول إلى خادمة فى بيت كبير ليس له اى مقارنه بقصرها السابق، وتاكددت أن الامور ستطور ولن تنجح فى الارتقاء ابدا من القاع الذي سقطت به .

واستمعت إلى "هبة "وهي تسألها بحرج:

-والنبى ياست زبيدة لو عندك حاجه تتبلس من هدوم الست الصغيرة تبعتيها لاحسن الهدوم اللي عندى ما تنفعاش خالص.


اكتفشت" ملك" بانها على طريق طويل أوله تنازلات كثيرة ستفتت روحها، وتعصف بكرامتها تماما .


قذفت الادوات التي بيدها وأحدثت ضجة؛ لفتت انتباه "هبه" و"زبيده" وجعلتهما ينظران نحوها لكنهم لم يلمحوا سوى طيفها وهي مسرعه نحو الغرفة التي بأسفل السلم.


سارعت إليها "هبة" ودخلت ورائها لم تحتاج لتفسير سبب غضبها وبكائها الآن فصاحت بها :


-بقولك ايه مش عاجباكي عشيتنا روحي عيشي عند البيه اللي اتحايل عليكي تروحي معاه، انا مش هفطرك مربي وجبنه غاليه انا يا ضنايا بكمل عشايا نوم .


رفعت " ملك " راسها لن تنحني "ليونس" ولن تنحني للحياة، وإن كان عليها تقديم تنازلات فستقدمها على هواها وبالطريقة التي تحب، ردت بعناد:

-لأ مش هرجع ليونس أنا هشتغل بس شغل تاني غير الخدمة.


قلبت أن تبعثرها الحياة ولا يبعثرها "يونس"لن تعود حتى وإن أصبحت خادمة تقبل بهذا بكل ما أوتيت وستكون هي ملكة نفسها ولن ترضى بهذا الذل لأنها ملكة..


.............يتبع 

وهي ملكة _ملكة قلبة 👑-سنيوريتا ياسمينا أحمد "الكاتبة"

سالخير يا حلويات الكوكب اشتاقتلكم واشتاقت لكومنتاتكم يلا يا حبيباتي اظهروا 🫶♥♥♥♥


بحب كتابة الروايات

تعليقات