القائمة الرئيسية

الصفحات

روايات مقترحة

سكريبت الست فتون بقلم الكاتبة إيمان صالح

سكريبت الست فتون بقلم الكاتبة إيمان صالح 


الست فتون بقلم الكاتبة إيمان صالح 

سكريبت بقلم الكاتبة إيمان صالح 

الكاتبة إيمان صالح  

بقلم الكاتبة إيمان صالح 


سكريبت الست فتون بقلم الكاتبة إيمان صالح




 _أنا هروح ياهناء، هروح المشوار المستعجل دة وبالكتير يومين وهرجع. 

_ماكنتي خدتي حد من العيال معاكي يما وعرفتينا رايحة فين بالظبط؟

_ماتقلقيش عليا.. المشوار دة لازم أروحه لوحدي.. 

مشيت وسبت بنتي الكبيرة وانا في طريقي للمجهول.. 


إسمي فتون، من محافظة الفيوم .. انا ست كبيرة في السن وماتعلمتش ولا دخلت مدارس ، لو سألتني عن عمري بالظبط مش هعرفه ولا أعرف أحسبه.. عمري اللي لو ماصلحتش غلطتي ربنا عمره ماهيسامحني وهيضيع عليا هدر.. 

وعشان أصلح الغلطة دي كان لازم أرجع لسنين كتيرة فاتت من عمري، لنفس المكان اللي بدأت فيه الحكاية، ودلوقتي أنا في طريقي للمكان ده وبدور عليه ومش عارفه أوصله وكل ما أسأل حد يبصلي بطريقة غريبة وكأني بخرف أو بقول كلام مش مفهوم، ساعتها وقفت واحدة وقولت أسالها يمكن تعرف تفيدني.. 

_بقولك إيه ياست لو سمحتي! كان فيه هنا من سنين مكان فيه جبانات ومقابر جنبها بيوت، المكان ده فين بالظبط اوصله إزاي؟ 

بصتلي وقالتلي بإستغراب... 

_مقابر وجبانات وبيوت جنبها؟!... اللي بتقوليه ده كان من امتى؟ 

قلتلها.. 

_من كذا سنه فاتوا، هو انا جيت هنا مرة واحدة مع ست  معرفة والست دي مريضة دلوقتي، تعرفي تدليني عالمكان دو  وحياة ولادك؟ 

_ياستي المكان اللي بتوصفيه مالوش وجود خالص واللي صح في كلامك هو الترب بس، هي ايوة كانت هنا من فترة كبيرة، بس إتنقلت في مكان تاني خالص، لو عاوزة أعرفك مكانها تعالي وانا اوديكي.. 

فجأة ظهرلنا واحد من العدم ووقف يكلمني.. 

_تعالي ياست، أنا شايفك بتسألي على حاجة ويظهر الست مش عارفه تفيدك، تعالي ياحجة.. بتسألي عن إيه؟ 

أول ماقربت من الراجل حسيت ببرد طالع منه وكأني واقفة قدام لوح تلج، بدأت أكلمه وأقوله: 

_بقولك ياخوية، هو كان فيه من فترة كدة ترب هنا، 

قاطعني وكلم الست التانية... 

_طب ياست روحي انتي وأنا هشوفها.. 

قالتله.. 

_طيب ماشي.. 

بصتلنا بنفس الإستغراب ومشيت وسابتني معاه ووقفت أكمل كلامي.. 

_بقولك كان فيه هنا، 

قاطع كلامي وهو بيشدني من إيدي وقالي.. 

_تعالي ياست أنا عارف انتي عاوزة إيه... تعالي تعالي وماتتكلميش كتير.. 

خفت وبدأت أبصله وانا مرعوبة وخايفة ومش عاوزه اصلا أتحرك من مكاني وقلتله... 

_انت عاوز ايه مني ياعم انت؟... انت طلعتلي منين اصلا وعايز مني إيه.. 

_انتي مش جايه بتسألي على المكان ده من سنين؟... مش هتعرفي توصلي للمكان من سنين غير لو سمعتي كلامي.. 

_طب الترب اللي كانت هنا كان فيها مكان عاوز أوصله راح فين المكان وماتقوليش امشي معاك خطوة واحدة عشان مش همشي.. 

_ياستي انتي خايفه ليه بس.. متخافيش وتعالي ورايا.. 

بصيتله من فوق لتحت ووقولتله... 

_قسما بالله... إن طلعت حرامي ولا ابن حرام وعملت حركه كده ولا كدة لاهقلع اللي في رجلي وهديك فوق دماغك، انت سامع؟ 

_ياست فتون!... هو انا لو عاوز اعمل حاجه فيكي مانتي واقفة لوحدك أهو منا كان زماني آذيتك ودفنتك في مكانك ولا حد هيحس بيكي... أنا جاي عشان أوصلك وخلصيني بقى عشان مانتأخرش.. 

من كلامه ونطقه لإسمي عقلي لف واتبرجلت وقولتله... 

_إنت مين طيب وعرفت إسمي منين ؟ 

_إمشي ورايا وانتي ساكته... تعالي ياست.. 

مشيت وراه وأنا ساكتة بس وقتها حسيت فعلا انه هيوصلني للمكان اللي أنا عوزاه لأن ساعتها وصلت بنفس الغموض اللي موجود دلوقتي،

 لقيت نفسي بقوله بالراحة... 

_إنت هتوصلني للشيخ  اللي عاوزة أروحله مش كدة؟ 

 _اسم الله عليكي.. أخيراً بدأتي تفهمي! 

_معلش برده ماهو من الربكة وشدت الخوف، انت أكيد حاسس بيا.. 

_طيب طيب.. أنا هسبقك لثواني، ماتجيش ورايا على طول، إتأخري شوية وهتلاقي طاقة طالع منها ضوء أتفتحت في المبنى اللي هنوصله كمان شويه، لما تشوفيها هاتدخلي، هكون وقتها أنا اللي فتحتلك.. 

_تمام تمام، أنا واقفة وانت امشي وأنا هاجي وراك.. 


 مشي... ومشيت وراه بعد ما اتأخرت شوية وبعدها حصلته ومرة واحدة بدأ يظهر قدامي مكان وكإن باب اتفتح وطلع منه نور... فضلت أبص يمين وشمال ودخلت... هو المكان اللي كنت بدور عليه، أيوة هو دة المكان اللي انا عوزاه 

... كل حته في المكان افتكرتها ساعة ماشوفتها... إتلفتت حوالين نفسي تاني لقيت مافيش حد حواليا، وقفت أنادي بصوت مرعوش.. 

_سء... سلام عليكم ياأهل المكان!.. هو أنا هفضل كدة واقفة لوحدي كتير ولا إيه؟.. ياللي هنا؟... حد يرد عليا! 

مرة واحدة بعد ماكنت لوحدي وخايفة وبتكلم برعشة، لقيت حد ظهر قدامي فجأة من العدم... 

بدأ يتكلم ويقولي.. 

_ أهلا وسهلا... شرفتي، طلباتك.. 

إتلجمت ومسكت نفسي بالعافية وبدأت أقوله... 

_يشرف مقدارك ياشيخ ... إنت فاكرني ولا لأ؟ 

بصلي بصة عمري ماهنساها ورمى حبة بخور ريحتة غريبة عالنار اللي قدامه وبدأ يقولي... 

_هو انتي تتنسي بردوا؟.. يستحيل أنساكي... اللي زيك مايطلعوش من الذاكرة بسهولة يافتون...هاه!... طلباتك؟.. راجعة ليه تاني؟ 

بلعت ريقي بخوف وبالعافية... 

_طء... طب كويس انك لسة فاكرني ياشيخ .. عموماً يعني انا جاية النهاردة عشان أوقف اللي عملته زمان، كفاية اللي حصل لحد كدة.. 

مرة واحدة لقيت الدنيا أتقلبت حواليا وكأني إرتكبت جريمة مثلا... صرخات حواليا من كل مكان والمكان اللي أنا فيه اتقلب ولقيت نفسي واقفة في مدفن وظهر قدامي واحد تاني خالص غير اللي كان قاعد قدامي...  حد شكله رعبني  وخلى جسمي اتلبش ولساني ربط واتجمدت في مكاني بزيادة  لما المخلوق اللي قدامي قام من مكانه وفرد دراعه الإسود بالراحة ووجهه في وشي وميل عليا بشكله المفزع... اللي قدامي كان عبارة عن جلد كاسي هيكل عضمي، جلد اسود لون البترول يشبه بالظبط جلد الخفافيش .. ملامح الوش عجوزة ومكرمشة بشكل وعيون عبارة عن بياض.. بياض بس،  المنظر اللي قدامي عمال بيقرب مني كل شوية لحد مابقت أنفاسي في أنفاسه.. ريحة النفس الكريهة اللي طالعة منه وكأنها دم متفعن خلتني كنت هرجع... وغمضت عيني بسرعة وبخوف...

رفع صوباعه السبابة اللي الضافر فيه طول صوباع كامل في ادين أي انسان وقالي.. 

_جاية تخلفي عهدك معانا بعد عمر طويل؟... بعد مابدأتي تحسي ويظهرلك خطورة اللي انتي عملتيه؟.. بعد فوات الأوان.. 

رديت عليه بنفس الرعب اللي ماسكني.. 

_كفاية أذيه.. كفاية اللي حصل لها أرجوك.. 

_الكلام دة فات عليه سنين  والبنت دلوقتي كبرت واللعنة كبرت معاها، وانتي كمان اللعنة بتكبر معاكي وصيباكي، إنتي مفكرة إنك هتفضلي كدة؟ 

رديت عليه والدموع خنقاني وبلعت ريقي بالعافية ولسة عنيا مغمضة.. 

_بكفاية.. كفاية اللي حصل تعبت وهي كمان تعبت.. حرااام بقى كفاية أبوها اللي مرمي في المستشفى مجنون.. بكفاية هي واللي حاصل فيها كفاية.. كفاية كل الناس بتخاف منها 

بدأ يبعد عني وبضافره اللي وجهه ناحية عيني، مابين عيني وودني وشق الجزء دة بضفره وبسرعة جري دم على وشي وبدأت أرجع بالزمن لورا.. وكأن اللي حصل زمان بيحصل قدامي تاني... 

من حوالي ١٠سنين... 


 في قريه من قرى الارياف وتحديداً في مستشفى ولادة... مرات أخوية  لسة قايمة من الولادة ومعاها اتنين في قلب الاوضة ، أنا وأخوية... اخويه  باين عليه مرعوب وخايف وأنا كنت العكس واقفة مبسوطه وبضحك وبدأت أكلم مراته... 

_ ماشاء الله يابت ياصفية، دي بت حلوة وجمييلة! 

بدأت ترد عليا بلسان تقيل وجسم همدان وتعبان.. 

_بجد يافتون؟ حلوة البت؟ 

_ زي القمر والله، شبهك ياصفية،  خد ياعبد المجيد.. سمي على بنتك.. 

 أخويا واقف مبلم وبصتله  بزغرة وزغدته في كتفه وقلتله... 

_خد ياخويا كبر لبنتك في ودانها وصلي عالنبي.. هتسميها أيه يابت ياصفيه؟ 

_ هسميها "ذِكر" عشان تطلع بتحب ذكر الله زي امها، سميها ذِكر ياعبمجيد.. وأنتي يافتون.. لو حصلي حاجة أوعديني تخلي بالك منها وتربيها انتي..

_بعد الشر عليكي ياقلب اختك..ان شاء الله هتقومي بالسلامةوتربيها انتي...وانت خد بنتك،أمسك.. 


خد البنت الصغيرة من إيدي بالعافيه وبدأ يبص في وشها بحب وحصلت بينهم ألفة لمدة دقيقة وكل ملامح عبد المجيد حب وضعف وفجأة إتحولت ملامحه تاني لرعب وصرخ فينا.. 

_ذِكر... البت دي لعنة... من يوم حملها فيها وهي لعنة، أكبر في ودانها إيه بس؟... دي عاوزة حانوتي ينادي عليها.. 

 بصتله  تاني بغيظ وقلتله... 


_لااا... دنتا يظهّر عليك إتجنيت خالص.. خد  البت وروح طلعلها شهادة ميلاد وإرجع بسرعه ياخويا يلا... 


أخد عبد المجيد بنته ومشي وباله شارد ومشغول وعمال يفكر ويكلم نفسه جوة دماغه ويقول.. 

_ وبعدين ياولاد؟.. البت دي ملعونة أنا عارف الكلام ده ومتأكد منه، لو خليتها أمها هتموت، أنا لازم اتخلص منها لازم  .. 


وأخد عبد المجيد البنت وطلع ونيته مايعلمهاش الا ربنا... بعد شويه كان فوق سطوح المستشفى، المستشفى اللي مبنية من اربعة أدوار وهو فوق عالسطح وفضل يقرب من السور لحد  مابقى قريب من حافته خالص وبدأ يتكلم مع بنته وكأنها فهماه ويقولها.. 

_أنا لو خليتك أمك هتموت... ولو موتتك يمكن تعيش، انتي فيكي لعنة كبيرة وسر محدش فاهمه ولازم اخلص منك لازم... لازم صفية تعيش وانتي تموتي .. من يوم ماخلفتك ماجالهاش غير المرض...سامحيني.. 

ومرة واحدة وهو على طرف سور السطح  مد إيده بالبنت  وراح حادفها لفوق وكأنه بيرمي كيسة زبالة ونزلت  من الدور الرابع على الأرض... وعيطت مرة واحدة وفجأة سكتت.. 

ومرة واحدة سال الدم من كل جزء من جسمها وبسرعة المستشفى اتقلبت عاللي حصل... اللي وقفت تصرخ من المنظر... واللي وقفت تشتمه... واللي طلعوا يجروا ورا عبد المجيد فوق وجابوه رنوه علقة موت لحد مابقاش قادر يتكلم وبسرعة الناس اتصلت بالشرطة ومسكوه، ومجموعة تانية شالت البنت من عالأرض وجريوا بيها على الطوارئ..

وقفت الممرضة ترد على الناس اللي بيسالوها الطفلة عايشة ولا لأ وقالتلهم.. 

_عايشة عايشة،  وسعوا كدة بسرعة.. 

وأخدت الطفلة وطارت على جوة.. 

******

 كل دة شايفاه بيتعاد قدام عنيا وكإنه لسة بيحصل النهارده... ورجع تاني المخلوق الغريب اللي قدامي ومش فاهمه هي إيه يتكلم معايا ويقول.. 

_إفتكرتي الماضي يافتون؟... ذنبها ايه الطفلة المسكينة باللي بيحصلها؟ 

مرة واحدة فتحت عيني وقلتله بغضب.. 

_خلاص.. خلاص أنا جاية أفض الاتفاق اللي كان  بيننا من سنين واللي يحصل يحصل.. فكلي العمل وبس.. 

ضحك اللي قدامي ضحكة هزت المكان كله لدرجة خلت التراب قدامي ينزل من الحيطان وتاني رجع يقول.. 

_انتي مفكرة بالسهولة دي هينفع؟... إنتي لازم هتدفعي التمن، تمن اللي عملتيه زمان واللي بتعمليه دلوقتي.. 

التراب  دخل في عيني وكأنه عماني واتسببلي في وجع شديد.. فضلت ادعك في عنيا وقلتله بصوت مخلوط بالعياط.. 

_انت عاوز مني..  جنسك إيه بالظبط انت؟..  ماخلاص بقى  ماتغور وتسيبني أمشي خلاص.. 

مرة واحدة ببص لقيتني إترفعت لفوق وراح لافف بجناحاته لفة واحدة في المكان وكإني دخلت اعصار بالظبط وبدأت أشوف حجات مايصدقهاش عقل بشر وبدأ تاني يقول.. 

_فيه حد جاي يعمل حاجة زي اللي عملتيها من سنين دي ومهواش عارف هو جاي عند مين؟

عيطت وقولتله..  

_انت مين؟.. عاوز مني ايه؟ 

_احنا خدم الملك دنهش يافتون.. حتى الشخص اللي شوفتيه برة ودلك عالمكان ده واحد مننا، والست جارتك اللي جابتك هنا أول مرة تعرفنا كويس.. ازاي ماعرفتكيش؟.. حتى ذكر المسكينة قالتلك مرة وانتي ماصدقتيهاش.. 

في اللحظة دي كل جسمي اتخشب ومبقتش عارفة اتكلم.. وبالعافية قولتله.. 

_مين دنهش دة؟... أنا للأسف مش عارفه ولا فاهمه حاجه، أنا كل اللي عملته اني رحت معاها مكان عشان،،

****** 

سكتت... سكتت تاني عشان افتكر البشاعة اللي كانت في عقلي وقتها، إزاي أنا عملت كدة؟.. أزاي انا فكرت التفكير دة مع صاحبة عمري وصديقتي؟! 


الحكاية كلها ابتدت واحنا عيال، لما صاحبت صفية.. صفية البنت الجميلة الشاطرة جارتنا... كنا قريبين من بعض في السن قوي يعني الفرق بيننا كان يجي كام سنه كدة بس اللي انا متأكدة منه انها كانت اصغر من أخوية ب٣سنين.. كنا بنروح الكُتاب مع بعض عشان نحفظ قرآن، بس الي زعلني قوي... ان أهلها هي في سن المدرسة دخلوها المدرسة، إنما أهلي أنا... مادخلونيش.. ومن هنا بدأت أحس انها احسن مني عشان بتتعلم، ومرت الأيام ودارت وكانت بتيجي بيتنا وتدخله وكأنها واحدة مننا بالظبط... لكن اللي ضايقني أكتر... إن أبويا كان بيهتم بيها قوي.. يمكن يكون بيهتم بيها أكتر مني كمان.. وقتها بدأت آخد بالي واتضايق أكتر وكنت كل ما ابتدي أبعد عنها تقرب مني أكتر... لحد مابدأت أفكر وأنا لسة عيلة إزاي هخلص منها، وفيوم... 


خدتها ساعة المغرب  والناس كلها في بيوتها في الوقت ده عند ساقية كانت كل البلد عارفه انها مكان  مش تمام وبيحصل عندها حجات كتيرة مش طبيعيّة  والكل كانوا بيقولوا اللي يروح عندها بالليل بيطلعله جن ياخده وينزل البير بتاع الساقية ومابيطلعش ألا بعد أيام ياغرقان، يامتقطع حتت، واللي حصل مابيننا ساعتها كان بالتفصيل... 

_يعني انتي عاملة قوية ياست صفية ومابتخافيش؟ 

_لأ.. وأخاف ليه أصلا؟.. 

_خلاص.. تعالي نروح عند ساقية الحج عمر... هناك بقى هيبان لو انتي خوافة ولا لأ.. 

_بس انا ماينفعش أروح هناك ولا انتي كمان.. 

_هههههه.. شفتي بقى انك جبانة؟ 

اتغاظت وسبقتني على الطريق وهي بتقولي.. 

_طيب.. أنا هوريكي أنا جبانة ولا أشجع منك.. 

طلعت تجري سبقتني على هناك وفضلت اجري وراها وانا بحاول اوقفها.. بس ماسِمعتش كلامي، وبعد شويه وصلنا قدام الساقية ووقفت إتخشبت ومصممة ماتمشيش.. 

_اهو ياست فتون اديني واقفة جنب الساقية أهو ومش خايفة ولا حاجة.. انتي بترتعشي ومرعوبة أهو انما أنا لأ.. 

_طب خلاص عرفنا انك مابتخافيش.. لو بصيتي في الساقية بقى يبقى انتي بت شجاعة فعلا.. وهقول للعيال كلهم كدة.. 

_ابص في الساقية إزاي يعني؟.. فهميني.. 

_يعني تمدي راسك عند طرف الساقية وتبصي عالمية في قلبيها... 

بصتلي وإتضايقت قوي وبعدين عملت زي ماقولتلها وفضلت تزعق بعزم قوتها وتبص في المية في البير وكأنها بتتريق عالكلام اللي بيتقال وقعدت تقول وصوتها بيتردد في الفضا .. 

_ هااه... هاااه  .. ياعفاريت؟.. فينكم إنتوا فين؟

ومرة واحدة سمعنا ضحك ست.. صوت رفيع قوي واتبدل من ضحك لصريخ ومرة واحدة بردة... الساقية دارت  لوحدها ودماغها اللي دفساها تحت رفعتها لفوق وبتبص للساقية .. الساقية كانت هتاخدها وتنزل في البير وبسرعة رحت شداها من رجلها ونزلت الساقية عالفاضي لتحت.. احنا الاتنين طلعنا نجري بسرعة بعد اللي حصلنا وسمعناه وفضلت تشكرني اني شديتها.. 

_الحمدلله.. انتي نجديتيني.. أنا مش عارفه أشكرك إزاي يا فتون، انتي نجدتيني من الموت.. 

وقت ماسمعت منها الكلمة دي ضميري أنبني جدا وقولت اني مش هأذيها تاني... ومرت سنين وسنين واحنا بردة اصحاب، لحد ماكبرت وإحلوت.. كانت أذكى مني في كل حاجه وأشطر برده في كل حاجة.. وحسيت ان اخويا بدأ يتعلق بيها.. ومرة واحدة.. خطبها وحددوا الفرح .. ودي كانت تاني أزمة في حياتي بسببها، إزاي أنا الأكبر وهي تتخطب وهتتجوز قبلي؟.. هي أحسن مني فإيه؟.. كنت على طول بفكر هي أحسن مني فإيه..إشمعنى هي ربنا عطاها كل حاجة حلوة وانا لأ؟... بس ماكنتش بلاقي رد ولا سبب يقنع... واتجوزت صفية من أخوية وكان طبيعي ان العروسة تعيش في بيت أهلي.. بس لما شفت معاملتهم ليها تاني ماكنتش وقتها طايقة حتى نفسي، دلع الكل ليها كان بيتعب نفسيتي وإهتمام اهلي بيها وحب أخوية وإهتمامه 

كان بيخليني هموت.. حاولت اهز ثقتها في نفسها ماعرفتش وهي ماتأثرتش بعمايلي ،كانت كل حاجه بتعملها بعيب عليها بس كلهم كانوا بيقفوا معاها هي ويشهدولها.. فضلنا سنين على كدة لحد مافيوم إتقدملي إبن عمي وخطبني وإتجوزت، بس كان جوازي غير جوازها خالص.. ولا فيه نفس روح الحب ولا الإهتمام بيا، مكانش أبدا بيحسسني بحبه ليا ومرت الأيام  والسنين ومات أبويا وأخويا ورث منه.. عشان أتفاجئ بإنه بيكتبلها  كل حاجة هو ورثها من أبويا أنا... وهنا بقى.. ناري قادت تاني، ويومها كنت قاعدة مع واحدة جارتي وصاحبتي وده اللي حصل.. 

_أنا مش عارفه والله.. مش عارفه هي عملالهم كلهم ايه؟!.. مش فاهمه يعني ازاي يتكتبلها كل الأملاك والفدادين دي؟ مش فاهمه أنا.. 

ردت عليا وقالتلي.. 

_سحراله ياخايبه سحراله.. اومال اخوكي هيعمل كدة يعني من نفسه؟! ماهو مايمشيش زي الخاتم في صباعها كدة غير لما يكون مسحور.. 

_طب والعمل يعني؟.. هنعمل إيه احنا دلوقتي ونتصرف ازاي؟ 

ميلت عليا بجنبها وقالت.. 

_تعالي أوديكي للمبروك بتاعي.. هيفك لأخوكي العمل ويشيل الغشاوة اللي على عينه دي ويرجعك أقرب الناس ليه صدقيني.. 

_إزاي يعني؟... ماتفهميني! 

_هو كلامي محتاج تفسير؟... بقولك هوديكي لواحد يرجع اخوكي خاتم في صباعك انتي مش هيا.. ولو ماحصلش!... نخليه يعملها هي حاجه، بُعد... كُره... مَرَض.. أي حاجة.. 

قلتلها وزي مايكون صدري إتشفى من غليله شوية... 

_أيواااه.. أنا موافقة، أي حاجة ترجعه لعقله بدل الشوطة اللي جتله دي أنا موافقة عليها... المهم فلوس أبويا ترجعلي والحق أخويا قبل مايبعزقها.. واخويه يبقى حبيبي وصاحبي أنا.. 

_خلاص.. يبقى تديني يومين إتنين بس، هظبطلك ميعاد وأقولك تجهزي، ووقت ماقولك يلا تيلا.. 

_على خيرة الله.. 

وعدوا اليومين وخدتني وروحنا المكان اللي قالت عليه وكان في محافظة غير المحافظة وبلد غير البلد، المكان اللي كانت وخداني له مكان غريب في وسط الترب، مكنش حد ماشي فيه غيري أنا وهي وشوية ناس قليلة عمالين يبصوا علينا رايحين وجايين.. وقتها حسيت بخوف وقولتلها... 

_بت؟.. هي الناس دي بتبصلنا كدة ليه؟.. هو إحنا فينا حاجة غلط؟ 

_ماتبصيش على حد ولاتركزي.. خلينا فحالنا وماتنسيش اننا أغراب.. 

_طب احنا قدامنا قد ايه عشان نوصل؟ 

_دقايق.. دقايق وهنوصل.. 

_يامسهل.. 

بعد شوية وصلنا للمكان اللي هي عارفاه وسبقتني قبلها وبعدين طلعت خادتني، ولما دخلنا... 

_خشي يابت يافتون متخافيش.. ادخلي.. 

_إيه المكان اللي يقبض القلب دة؟... أنا مرعوبة خلينا نمشي.. 

لسة بخطي عشان أطلع مسكتني من إيدي وقالتلي بالراحة عشان محدش ياخد باله.. 

_ماتكسفيناش الله يهديكي.. بلاش خيابة،  خلينا نعمل المصلحه بتاعتك ونمشي.. 

_طب الشيخ فين ولا هيطلع إمتى.. 

_اقعدي.. اقعدي بس.. 

وفجأة واحنا بنتكلم طلع قدامنا من جوة شيخ زنجي، كنت أول مرة أشوف شيخ من الزنوج وشكله غريب قوي وبدأ يتكلم معانا... 

_السلام على من أتبع الهدى.. 

ردت عليه جارتي.. 

_وعليكم السلام يابركتنا.. أنا جيت في الميعاد المتحدد أهو.. 

_الله ينور.. انتي قولتيلي إنك عوزاني في شئ ضروري، إيه هو؟ 

شدتني من إيدي وقالتله... 

_أهي اللي عوزاك يامولانا.. هي المرادي مش أنا اللي عوزاك.. 

بدأ يبصلي بتركيز وقالي... 

_هاه؟ أؤمري.. 

بدأت أتكلم بخوف وانا ببلع ريقي.. 

_آااا... أخويا ياشيخنا... اخويه.. 

_ماله؟

_مسحورله.. 

_أسمه ايه؟ 

_عبد المجيد..

_إسم امه؟ 

_فاطنه.. 

_مين ساحرله تعرفيه؟ 

_مافيش غيرها.. أكيد هي السحارة السحابة مراته.. 

_إسمها ايه اخلصي! 

_صفية ياسيدنا.. صفية.. 

سكت شوية وسرح لبعيد وهو مغمض، وبعدين بصلي وقال.. 

_أخوكي مش مسحور يافتون.. انتي اللي بتغلي منها من سنين.. 

أنا اتلجمت وانا بسمع كلامه وقلتله تاني... 

_مش معقول.. أكيد سحراله أكيد.. 

شخط فيا وقالي بصوت عالي.. 

_أخوكي بيحبها وعشان كدة كتبلها كل حاجة يملكها.. مش هو دة اللي جابك هنا؟ 

 بصيت ساعتها لجارتي وراحت قيلالي بخوف.. 

_وكتاب الله ماقولتله حاجة.. 

اتجننت أكتر ورد تاني عليا وهو بيقول.. 

_انتي مفكراني مش هعرف انتي جاية هنا ليه؟.. لو أنا ماعرفتش سبب جايتك يبقى مش هقدر اساعدك.. 

_خلاص.. ساعدني، ساعدني بأي تمن.. 

_أساعدك إزاي؟... حددي نوع المساعدة.. 

_مش عاوزه أشوفها قدامي.. خلصني منها خليه يكرهها.. خليها  تمرض وتموت.. أي حاجة المهم ماتبقاش أحسن مني.. 

_هتإذيها لمجرد انك مش عاوزه تشوفيها قدامك وبس؟ 

_أيوة.. ولو أطول أقفل عليها باب حديد وتفضل فيه بعيد عني ولاتعرف تطلع منه كنت عملت كدة.. 

_أذيتك ليها هتإذي ناس كتير.. 

_مش مهم.. المهم اني أخلص منها بأي شكل.. 

الوقت دة ماعرفتش أزاي أنا ملكني الغل دة كله وكأن حد تاني كان جوايا بيتكلم.. ومرة واحدة وأنا انفاسي بتشيل وتحط وكإن السقف اتشق قدامنا والبرق والرعد فضل يضرب في المكان اللي احنا فيه ووقف الراجل دة يقول  كلام غريب.. 

_أنتي جيتي بأذى وأذيتك مش هتأذي شخص واحد.. فيه كتير هيتأذوا من وراكي... انتي أول اللي هيتأذوا وهيصيبك جزء من اللعنة..هي واللي في بطنها هيتأذوا، وانتي كمان لازم تاخدي نصيبك من الشر.. 

ساعة أما سمعت اللي فبطنها طبعاً شكيت أنه بينصب علينا.. وكل حاجة اختفت من قدامنا فجأة حتى الراجل اللي كان قدامنا مابقاش موجود... وفجأة برده بقينا برة المكان في وسط الترب ومفيش حوالينا سريخ ابن يوم وكل اللي لقيته في إيدي هو حاجة مثلثه كدة ماعرفتش هي بتاعت ايه وقتها وفضلت جارتي تصرخ فيا وتقولي.. 

_يلا بسرعة نمشي منا هنا... 

_هو انتي جيبانا فين هنا.. وايه البتاعه اللي فإيدي دي اعمل بيها ايه؟ 

_أما تروحي فضيها في كوباية عصير واسقيها لصفية وإوعي حد يلمحك وانتي بتديهولها فهمتي؟ 

_حاضر حاضر.. 

وبعد ماروحنا بلدنا وسقيتها العصير باللي كان في المثلث وعدت على خير.. بدأت تحصل لصفية حجات غريبة ووقتها بقيت أقول عليها مجنونة... 

قلت عليها كدة لما في يوم كنت في بيت أبويا بزورهم وهي في قلب الحمام سمعنا صريخها جايب لآخر الدنيا.. 

_الحقوووني.. الحقوني ياناس.. 

البيت كله اتقلب عليها في الحمام ووقفنا نتفرج ودخل عبد المجيد يكلمها... 

_فيه ايه يابت مالك بس؟.. إيه الي جرا؟ 

وقفت تشاور بإيدها عالمراية وتتكلم.. 

_أنا كنت واقفة بغسل وشي عادي وبفضي المية بالكوز على نفسي وعيني جت عالمراية غصب وبركز ناحيتها لقيت واحد واقفلي بيبصلي ويضحك.. واحد شبه الزنوج كدة، لونه اسود وشكله وحش ويخوف ، ماعطيتش فبالي وقولت اتخيللي كدة  وبصيت الناحية التانية لقيت نفسي بشوف واحد بيطلع من المراية وبيزحف على إديه ورجليه لحد ما وقف وبقى قدامي، وقف قدامي انا متأكدة..لمسني وضحك ضحكة خبيثه قوي، أنا ماعرفش دة ايه ومش عاوزه اعرف والمهم أنه يكون بتهيألي.. 

رد عليها عبد المجيد... 

_لاه لاه.. الله أكبر اعوذ بالله... تعالي ياقلب جوزك تعالي، انتي بس اعصابك تعبانه تعالي نقعد جوه، هرقيكي وتبقي زي الفل.. 

_أنا سقعانة ياعبده.. عاوزة أنام انا حاسه بحجات غريبة بتحصلي.. 

_تعالي ياحبة القلب انتي عاوزة تنامي.. 

خدها وطلع على فوق وفضلت أنا واقفة متلخبطة.. دة اللي أنا عملته؟... بدأ يظهر مفعولة بالسهولة دي؟ 

وبعد ماعدى أيام وأيام المخلوقة بدأت تدبل ويمسكها التعب الشديد وكل ماتخف من تعب تدخل في تعب تاني لحد ماجابولها دكتور والدكتور قال إن تعبها بسبب الحمل وطلب منها تحاليل كتيرة.. والكارثة اللي ظهرت مع التحاليل... إنها عندها الخبيث.. 

الكارثة نزلت على دماغ الكل زي سلوك الكهرباء، وبعد ما كلنا نصحناها تنزل الطفل عشان خطورة الحمل رفضت وقررت تخلي الجنين، ووقتها حصل اللي حكيته قبل كدة لما دخلت المستشفى يوم الولادة... 

*********

 وبعد ماأبوها طلع بيها فوق ورماها والخبر وصلنا.. صفية  اللي كانت بتحارب الموت أصلا وقتها ماستحملتش من الصدمة وماتت في المستشفى... أما أخويا عبد المجيد فالشرطة أخدته وطلعوا بيه على مستشفى الأمراض العقلية، أما عن الطفلة المسكينة... فابعد ما انا عرفت بموت أمها وأبوها اتاخد قدامي طلعت أجري أطمن عشان عليها وأشوف ايه حصلها هي كمان،، واللي حصل وقتها والغريب إني كنت طالعة ومتأكدة اني هتفاجئ بموتها.. لكن إتفاجئت  انهم قالولي انها عايشة لسة بس دخلت الطوارئ عشان يشوفوا إيه اللي حصلها بالظبط، وسبتها  في الطوارئ وطلعت وأنا مش عارفة أعمل ايه ولا ايه.. أدفن مرات أخوية؟.. ولا أجري ورا أخويه اللي عمل المصيبة؟..ولا أشوف العيلة اللي بتموت.. وقفت أعيط زي الأطفال وفضلت واقفة جنب اوضة الطوارئ لحد ماالدكتور طلعلي وبلغني باللي هيحصل للبت .. 


_ادعيلها تقوم منها بالسلامة، دي طفلة والحدفة صعبة عليها وأقل حاجة هتحصل لو قدرنا يعني ننقذها هتطلع بعاهة مستديمة وعمى.. دة لو قدرنا نطلعها سليمة..

طبيت  على صدري  بإيدي وصرخت والدموع في عنيا زي النهر.. 

_يالهوي ياني؟ مني لله، أنا مني لله.. ضيعتهم كلهم.. أنا السبب.. 

وقعت في الأرض وماقدرتش اتحمل الوجع.. أنا سبب اللي حصل لبنت أخوية ولازم أكفر عن ذنبي معاها.. 

بعد ماعملولها عمليات كتيرة وطلعت عالحضانة بين الحيا والموت... طلعت الحضانة بصيت عليها لقيتها متجبسة ومتربطة من كل ناحية وقعدت أعيط وأنا بوعدها  وعد وقولتلها... 


_وعد مني ليكي ياذِكر، إن محدش هيربيكي ويعلمك ويكبرك غيري أنا، أنا اللي هصلح اللي باظ، ندرن عليا  لانفذ وصية أمك وتتربي في داري زيك زي أي عيل من عيالي.. 

وبعد أيام... 

 خدتها بيتنا اللي هو بقى بيتها .. وبعد فترة طويلة من العلاج والعمليات والمحاولات عشان ترجع سليمة... طلعت بعمى دايم وإعاقة في رجلها الشمال مع زكة في رجلها اليمين... وبعد ست سنين وهي لسة طفلة كان المفروض كل اللي يشوفها يعطف عليها ويحبها، لكن اللي كان بيحصل معاها كان العكس تماماً، الناس كانوا بيشوفوها بيخافوا منها وساعات كانوا بيبعدوا عنها وده كان بيحسسني بالذنب أكتر وأكتر.. 

بس زي مايكون ربنا أخد منها حاجة عشان يديها حاجة تانية.. 

مرت الأيام وهي قدامي  بتعمل حجات غريبة  تقول إنها مش طبيعية أو مش لوحدها...مفيش طفلة في سنها تقول كلام كبير على سنها كدة، مافيش طفلة في سنها تستشهد بآيات قران كبيرة من سور كبيرة وخصوصاً اني كنت لسة بعلمها اياميها حفظ القرآن جديد... بقيت أشوفها بتقرب من أي حاجة وتتوشوش ولما أسألها ترد عليا رد غريب..

_بتعملي أيه يابت ياذِكر؟ عمالة تتوشوشي مع الحجرة طول النهار.. 

إتلفتت  ناحية صوتي اللي سمعته وركزت بودانها وقالتلي... 

_بسبح ياعمتي، بسبح مع الحجر والشجر.. 

_ لاهو الحجر سمعتيه بيسبح يابنت اخويا؟! 

_كل حاجه بتسبح وبتذكره ياعمتي، كل حاجة ماعدا الأنسان، "إن الإنسان كان ظلومًا جهولا".. 

_صدق الله العظيم... ياربي... إسترها يارب... معقول.. معقول يكون اللي فبالي حصل؟


 مرت الايام وإكتشفت عندها حاجة جديدة... كل ما تقول على حد دة مريض يكتشفوا فعلا انه عيان.. كل ماتبص لحد وتقولي دة هيموت... بعدها بكام يوم يموت، لحد ماجيت فيوم وقالتلي حاجة غريبة.. وقتها كنت قاعده جنبها وبدات تقولي...


 _عمتي؟... البلد هيحصل فيها بكرة خناقة كبيرة، خناقة بين عيلة ابو شامخ وعيلة أبا بكري... وهيموتوا ناس كتير كتير قوي ياعمتي.. 

اتعدلت في قعدتي وبصيتلها وقولتلها...

 

_ انتي بتقولي ايه ياذكر؟... انتي جبتي الكلام دة منين؟ 

وشوشتني في وداني عشان ماحدش يسمع وفاكرة يومها لما قالتلي.. 

_ دنهش ياعمتي... هو اللي بيقولي كل حاجة بشوفها وبسمعها وبتحصل قدامي قبلها.. 

 جسمي قشعر وبصيتلها  بإستغراب وقولتلها..

 

_ انتي يابت  مين قالك تقولي الكلام ده ليا ياذكر؟ 

_ماحدش ياعمتي، دة اللي بيحصل بحقيقة.. انا مابكدبش.. 

_اسمعي ياذِكر.. انا مش عاوزة حد يعرف خالص باللي انتي بتقوليه ده، لحسن الناس تقول عليكي ملبوسةولا مجنونة! 

_ بس انا مش مجنونة... انا فعلا فيه واحد اسمه دنهش ومعاه التابع بتاعه بيجيلي وبيحكيلي كل حاجة وبيعلمني حجات كتيره... بس ساعات بيقول كلام مش فاهماه.. 

_ زي ايه يابنتي؟! 

سكتت ذِكر وكإنها بتنصت لحاجة.. وقامت وقفت ومشيت مشيتها اللي بتبين مدى إعاقتها كبيرة قد ايه.. 

_ولا حاجة ياعمتي، ولا حاجة.. 

شردت لبعيد وفضلت أكلم نفسي... 

_ ياخوفي ياذِكر لايكون سبب اللي انتي فيه بسبب اللي في دماغي..

تاني يوم كلامها اتحقق وقامت الخناقة ووقع عدد كبير من القتلة في العيلتين وعرفت ان اللي عملته زمان هو السبب في اللي ذكر فيه.. ذِكر صابتها اللعنة زي ماصابت أمها وأبوها وصابتني بالظبط لما فقدت ولدين من ولادي وجوزي ورا بعض... وبعد كل الحجات الكتير اللي وصلتلها  ذِكر بسببي دي... كان لازم أرجع مكان ماعملت العمل السفلي لأمها عشان أفكه وانهي الكرب عن الكل... 

*******

وجت اللحظة اللي أنا دخلت فيها بنفسي لمكان الدجال اللي عملي العمل أو اللي كنت فاكراه شيخ وطلع خادم من خدام  جن كبير إسمه دنهش في الآخر... وبعد ماجارتي هي كمان خلعت نفسها مني بالذوق انا واقفة دلوقتي قدامه لوحدي في أصعب لحظات حياتي... ورجع تاني خادم دنهش يكلمني... 

_ دلوقتي إفتكرتي كل حاجه عملتيها؟... شايفه آذيتي كام بنيآدم باللي عملتيه؟.. معإني وقتها عرفتك ان فيه ناس كتير هتتأذى بس انتي اختارتي الأذية للكل وللأسف لازم تاخدي نصيبك اللي فاضل إنتي كمان من اللعنة.. 

ومرة واحدة راح ضارب بجناحه في الأرض والتراب اللي فيها كله طلع في عنيا ووقفت أصرخ بعزم مافيا أصرخ وكأنه حدف في عنيا نار مش تراب وأنا بقوله كفاية،كفاية جوزي وولادي ، وفجأة تاني ومرة واحدة لقيت نفسي بيضربني بجناحه يطلعني برة المكان وأنا ماسكة عيني ومش قادرة أفتح وعمالة أصرخ بقوة، طلعت أجري عالسكة وأنا بصوت وبقع وبصوت من عزم الوجع وبقع وبعد ماقربت شوية من الناس والعمار.. الناس هما اللي شالوني وسفروني لبلدنا ووصلوني لبيتنا بعد ما قولتلهم العنوان بالعافية... 

وبعد ماعدى سنين طويلة عاللي حصل... 

 سامعة صوت ذكر برة جايلها زايرة زوارها اللي بيحبوها ويثقوا فيها وبيسمعوا كلامها..ذِكرربنا عوضها بميزة مش موجوده عند أي حد، ذِكر ربنا وهبها نعمة البصيرة ولازم اللي كانت تشوفه بيحصل كان بيحصل، بقت تعالج أي حد مأذي بسحر أو بمس بالقرآن.. 

*********

_ إن شاء الله ياحجة مش هسيبلك إبنك إلا لما يقف على رجله تاني ويرجع زي الأول وأحسن كمان.. 

_يارب ياست ذِكر يجعل في إيدك الشفا والعافية.. 

_ يارب ياست أم رشيد.. ان شاء الله أوعدك اني هعمل كل اللي أقدر عليه عشان ارجعه زي ماكان.. 

_ان شاء الله انا متأكدة انه خير.. هستأذنك انا بقى.. سلام عليكم.. 


قامت الست سابتها ومشيت ودخلت عليها بنتها الكبيرة  اللي سميتها على إسم أمها وقعدت تتكلم معاها شوية.. 


_ياسلام عليكي يما وعلى الأمل اللي بتديه للناس.. نفسي اعرف بتجيبي اسلوبك الحلو وكلامك اللي يريح الناس دة منين! 

_ لازم ياصفية تدي الامل للناس.. لازم تعيشي عشان تخدميهم على قد ماتقدري.. بس لو تقدري تعملي كدة في الخير.. 

ردت بنتها عليها.. 

_ بس انتي يعني أصلا.. 

_ أصلا ايه؟.. عشان العمى والعجز بتاع رجلي اللي عندي يعني؟!.. وهو كل اللي عنده إعاقة جسدية ماينفعش غيرة؟... مانتي ماتعرفيش أنا وصلت للي أنا فيه دة ازاي؟!


_ ماتحكيلي يما حكايتك إيه من وانتي صغيرة.. اكيد فيه حجات كتيره ماقولتليش عليها مع الحكايات اللي بتحكيهالي.. 

_حاضر ياقلب امك هحكيلك،بس خلي بالك انا بحكيلك حكايتي عشان تطلعي منها بعبرة وعظة،إنك عمرك مهما كانت عندك من مشكلات تتضايقي واتعودي تقولي الحمد لله وماتبصيش بغيرة لحد أبداً... 


 شردت وقعدت تكلم بنتها وتحكيلها اللي حصل زمان ...

وفضلت أسمع لكلامها وأعيط بندم... ندمانه على صحبتي اللي راحت بسببي.. ندمانه على أخويا اللي اتجن بسبب طمعي ومشيي ورا الحرام.. ندمانة على الطفلة اللي كنت سبب في تدميرها وإعاقتها بالرغم من البصيرة  أو العبد الصالح اللي ربنا بدلهولها ببصرها اللي راح... لكني في الإخر كنت أستاهل اللي جرالي أنا كمان لما رجعت يومها وأنا كمان فاقدة بصري ومن ساعتها ومبقتش بشوف وذكر وولادها دلوقتي هما عيلتي .... 

#تمت... 

#سكريبت..

#الست_فتون

#إيمان_صالح

تعليقات