الحلقه الاولى
حين تكون الحياة جامدة من حولك وقد أغلقت قلبك إلى الأبد ورسمت قناع الجمود التام على وجهك وخيم الظلام على حياتك وأجبرت قلبك على الجمود وأحطته بأعتى الاقفال وشدت من إحكامها وأحكمت غلقه بشدة حتى لا يتسلل إليه أى شعور يبدد ذلك الجمود الذى فرضته عليه فهل سيستطيع الصمود كثيراً أمام أول نسمة هواء منعشة تداعب اوتاره أم سيحاربه بشدة حتى لا يدرك دفاعاته التى حرص بشدة على تشيدها أمام كل المشاعر التى تهدد ثباته وجموده الذى حرص على الدفاع عنهم بأستماتة ليحافظ على قلبه مغلقا لأن بنظره إنه لو أحب سيصبح الحب نقطه ضعفه
وهو لايريد لأى أن كان يجعله ضعيفآ
بأحد الاحياء الشعبية فى صباح يوم جديد وحين اطلت الشمس بأشعتها الذهبية على الكون معلنة عن بدايه اليوم
بأحد المنازل البسيطة ذات الطابقين حيث تقيم أسرة مكونه من أربعه أفراد الشقيق الأكبر سياف شاب طويل القامة
ذو بشرة قمحية يهابه الجميع ويقدرونه كثيرا نظراً لحسن سيرته بين الجميع ويستشيروه فى جميع القضايا العالقة بالحى توفى والده وهو بسن الخامسة عشر فأصبح هو كل شئ بالنسبة لأسرته وبات الجميع يعتمدون عليه بكل أمور الحياة
وهناك ايضا شقيقته زينب فتاة مرحة ودائما ما تشاكسه وتشاكس شقيقها الصغير خالد
ودائما ما ينهض سياف على صوت شجاراهم وينهرهم كى يكفوا عن الشجار معٱ
وأيضاً والدتهم خديجة والجميع يعيشوا معا بسعادة وهناء
بظل إعتناء سياف بهم وحرصه على تلبية جميع مطالبهم
كان أول من أستيقظ من نومه هي والدتهم أدت فرضها ثم توجهت إلى غرفة زينب لتقوم بأيقاظها لتذهب لجلب الإفطار
تقدمت والدتهم إلى حيث تنام زينب ولكزتها بحدة وهي تجذب الغطاء من فوقها قائلة
قومى يا زينب إنتى إيه مابتشبيعش نوم فزى قومى يلا علشان تلحقى تجبيبى الفطار علشان سياف يلحق يفطر قبل ماينزل
ألحت والدتها عليها بحدة قائلة
يلا يا زينب بلاش كسل علشان تلحقى تجيبى العيش قبل الزحمه ولسه هاتروحى تجبيلى طلبات البيت علشان الغداء
اكملت قائلة بنفاذ صبر
إنتى شكلك مش ها تقومى بالذوق أنا ها أروح أجيب الشبب وأعرفك أزاى أصحيكى و ما تسمعيش كلامى
ما إن أستمعت زينب لتهديد والدتها فنهضت راكضة نحوها وهي تهتف بمشاكسة قائلة:-
خلاص يا أمى والله حقك عليا أكملت حديثها وهي تتثائب
هلبس وأنزل أهو بس بلاش الشبشب بالله عليك
ضحكت خديجة على إبنتها فنهر قائله :-
أيوة كدة ناس ما بتجيش إلا بالضرب بالشبشب
تذمرت زينب قائلة وهي تتثائب بخمول :-
الله يسامحك ياست الكل متشكرين على المعاملة السيئة دى
قذفتها والدتها بالحذاء قائلة بغضب :-
يلا يابت إنتى بلاش لكاعة أخلصى يلا وأنزلى بسرعه يلا
ركضت زينب متوجهه الى المرحاض وهي تتمتم قائله بصوت خافت :-
ربنا على المفترى هو كل حاجه زينب زينب مفيش غيرى
فى أم البيت ده أمتى بقى أتجوز أنا والواد مازن ونتلم
فى بيت واحد وأخلص بقى من الغلب ده
صاحت والدتها قائله بحده شديدة:-
بتقولى حاجة يا مقصوفة الرقبة إنتى ؟
أغلقت زينب باب المرحاض عليها من الداخل وصاحت قائلة بمرح:-
بقول ربنا يخليكى ليا يا ست الكل وما يحرمنيش منك أبدا
أغتسلت زينب على عجل ثم بدلت ملابسها وحملت حقيبه السوق وهبطت الى الشارع على عجل
وما إن أصبحت بالشارع حتى تناهى الى سمعها صوت الباعة الجائلين وكلا ينادى على بضاعته
حيث كان الجميع يتسابق على السعى على رزقه
أخذ بائع الفول ينادى بصوت جهورى قائلا:-
الفول اللى زى اللوز يا فول مين يقول هات فول
وكذلك بائع الطماطم ينادى على بضاعته قائلا :-
مجنونه يا قوطة طبيخ وسلطة يا قوطة
وكذلك أيضا بائع البطاطا يصيح مناديا وهو يمسك بالبطاطا يتذوقها قائلا:-
تعالى يا أستاذ تعالى يا آنسة دوقى البطاطا المعسلة
تأففت زينب بملل قائلة :-
ياربى على الصداع هو كل يوم نفس الموال يارب أنا تعبت بقى من موال كل يوم
سارت بخطى سريعه متوجهة إلى المخبز لتقوم بشراء الخبز
ثم تذهب لشراء بقية الطلبات
وقفت بالطابور وهيا تتأفف بملل من ثرثرة النساء خلفها
فجميعهم أخذوا يثرثوا عن ما يحدث بمنازلهم
أخذت واحدة منهم تشتكى للأخرى قائلة بملل وهيا تتشدق بالعلكة بفمها :-
تصورى يا منى المنيل جوزى قفشته بيكلم واحدة على النت
أجابتها الأخرى قائلة بفضول شديد وقد أتسعت عينيها بعير تصديق قائلة:-
ها وعملتى معاه إيه ؟
اجابتها الاخرى قائله بغضب :-
هددته وقولتله إن لو ما أتلمش ورجع عن عمايله السودة دى اكلم أحمد اخويا الجزار يعلقه زى الدبيحه على باب المحل
انفجرت المدعوة منى من شدة الضحك قائلة :-
والله برافو عليكي رجاله تخاف متختشيش
تأففت زينب بملل قائلة :-
ياربى نسوان رغاية تموت فى الرغى يا ستير يا رب
ما إن جاء دورها حتى أخذت الخبز ووضعته بالحقيبة وركضت هاربة من ثرثرة النساء المزعجة التى سببت لها صداع شديد
توجهت إلى محل الفول والطعمية وصاحت قائلة بنفاذ صبر:-
صباح الخير ياعم محمد هات بخمسة فول وخمسة طعمية
وشوية تحابيش كدة على ذوقك وأتوصى
أجابها البائع قائلا ببشاشته المعهودة:-
صباح الفل على عيونك يا ست البنات حالآ ها أعملك طلبك والفول المحوج اللى بيحبه الاسطى سياف
وسلامى ليه إنتى بس قوليله عمك محمد بيصبح عليك
أجابته زينب بأبتسامة هادئة قائلة:-
الله يسلمك يا عم محمد هوصله سلامك
أخذت الفول والطعمية ثم سارت لتجلب باقى الأشياء
حتى تعود إلى المنزل ما إن أنتهت من جلب كل الأشياء
تذكرت إنها لم تجلب الحليب
فتأففت بغضب شديد قائلة:-
يوه ياربى لازم أرجع تانى أجيب الحليب لا سياف يعمل هوليله وأنا مش ناقصه على الصبح
ذهبت للبقال المجاور لمنزل مازن لتجلب الحليب ممنية نفسها بأن تشاهده ولو قليلا قبل أن تعود إلى المنزل
طلبت من البائع أن يزن لها كيلو من الحليب ووقفت تتلفت يميناً ويساراً لعلها تشاهد مازن
وحين لم تجده زفرت بحزن وحاسبت البائع ثم سارت مبتعدة عن البائع وما كادت تمر من أمام منزل مازن حتى شهقت بفزع حين فوجئت بمن يجذبها الى داخل المنزل ويغلق الباب
ما إن تمالكت زينب نفسها من المفاجأة صاحت به بغضب قائلة :-
أخص عليك يامازن خضتنى والله قلبى كان يقف من الخضة
غمز لها مازن وهو يقترب منها على مهل وهو يتأملها بوقاحه قائلا:-
بعد الشر عنك يا قلبى من الخضة وحشتينى يازوزو
أخوكى على طول واقفلى زى اللقمة فى الزور كده مش بعرف أقعد معاكى دقيقتين على بعض
خجلت زينب بشدة من حديث مازن قائلة بخجل شديد:-
بس يا مازن أبعد لا حد يشوفنا إحنا في مدخل البيت حد يشوفنا وبعدين تبقى مشكلة
تجاهل مازن حديثها وأخذ يقترب منها حتى أصبح لا يفصل بينهم شئ
وقبلها قبلة خاطفة وماكاد يتعمق بقبلته ويداه تضمها اليه ابتعدت عنه على الفور وخرجت راكضة حين استمعت لصوت خطوات قادمة نحوهم
أخد مازن يضحك بشدة على خجلها وهو يلعن سياف وتحكماته المستفزة
هرولت راكضه إلى المنزل وهي تتمنى ألا يكون قد رأها أحد
ويخبر شقيقها سياف وهولو علم بذلك سيعقباها بشدة
تقدمت إلى داخل المنزل وهيا تلهث بشدة من شدة التوتر الذى تشعر به وهي بالكاد تستطيع التقاط أنفاسها
عادت إلى المنزل وقامت بفتح المنزل بالمفتاح الذى بحوزتها
وضعت الطعام وما جلبته على الطاولة ثم ركضت الى
إلى المرحاض لتهدىء من روعها قليلاً وتهدىء من أنفاسها المضطربة
بدلت ملابسها وأرتدت ملابس المنزل ثم غسلت وجهها ببعض الماء وخرجت لتضع الطعام على الطاولة
حتى لا تلاحظ والدتها إضطرابها
ما ان أنتهت من وضع الطعام
ذهبت لغرفة سياف طرقت الباب عليه فلم يجيب فتحت الباب وتقدمت الى داخل الغرفة وهزته برفق قائله :-
سياف يلا قوم الفطار جاهز علشان تنزل شغلك بدرى
تململ سياف بنومه وخاطبها بصوت لايزال عالقا به اثر النعاس :-
سبينى شوية يا زينب أنا تعبان مش قادر افتح عنيا
دفعته برفق قائلة بود :-
يلا بقى بلاش كسل يا سياف الفطار جاهز يلا بقى علشان نفطر كلنا سوا
صاح بها سياف بنفاذ صبر :-
خلاص يازينب بطلى زن ويلا أخرجى وأنا شوية وجاى وراكى
خرجت زينب بعد أن شاكسته قليلا وبعثرت له شعره حتى كاد سياف أن ينهض ليفتك بها لكنها هربت تاركة إياه يلعنها لانها تسببت له بإزعاج شديد
نهض سياف على مضض وأخذ ملابسه وتوجه الى المرحاض أغتسل وبدل ملابسه ثم مشط شعره وخرج ليتناول الافطار برفقه والدته وأشقائه
جلس سياف على الطاوله وبدء بتناول الطعام وحين لم يجد خالد شقيقه يجلس تحدث الى والدته بتساؤل قائلا:-
خالد فين مجاش يفطر ليه يا أمى ؟
والدته بود شديد قائلة :-
صحى يا سياف وجاى أهو
ماكاد ينهى حديثه حتى وجد شقيقه آتيا ناحيتهم
بعد أن القى التحية على الجميع جلس يتناول إفطاره بصمت وحين أنتهى نهض ليذهب إلى مدرسته
أوقفه سياف قائلا بتساؤل :-
معاك فلوس ياخالد
صمت خالد قليلا وفكر بماذا يجيب شقيقه فهو يعلم
انه شقيقه يتعب كثيرا لتوفير المال اللازم لمعيشتهم
فلم يود أن يجعله يتحمل فوق طاقته
أخرجه صوت سياف من صمته قائلا بود وهو يربت على كتفه :-
مالك ياخالد ساكت ليه قول يا حبيبى ما تتكسفش
وحين لم يجد منه إجابة اخرج مبلغ من المال ووضعه بجيب شقيقه قائلا بحدة:-
خلى دول معاك يا خالد ولو أحتجت فلوس تانى تعالى قولى
أنا عارف إنك بتحتاج ملازم كثير
و فأى وقت تحتاج فلوس مش عايزك تتردد
عانقه خالد بود كبير وسالت دموعه من تقدير شقيقه له وحرصه الدائم على توفير ما يلزمه من إحتياجات
غادر بعد أن صافح الجميع
وكذلك سياف اخذ مفاتيح محله ثم خرج متوجها الى المحل
لأن لديه الكثير من العمل الذى يود إنجازه بالوقت المطلوب
ما إن وصل سياف إلى محله أنحنى ليقوم بفتح ثم قام برفع الباب وأرتدى ملابس العمل وأنهمك بالعمل إلى أن يأتى صبيانه ليساعدوه بالعمل فهو يملك ورشة تصليح سيارات
ويعمل معه الكثير من العمال فهو يحب أن يساعد الجميع
بعد قليل جاء العمال والقوا التحية عليه قائلين :-
السلام عليكم يا أسطى سياف
أجابهم سياف بود:-
وعليكم السلام يارجاله يلا كل واحد على شغله عندنا شغل كثير
بمنزل سياف أنهمكت زينب بتنظيف المنزل ووالدتها أخذت تجهزطعام الغداء
مر الوقت سريعاً وحين أنتهت جلست تلتقط أنفاسها قليلاً
نهرتها والدتها قائلة بحدة:-
أنتى لسة ها تقعدى يازينب يلا خدى أكل الطيور وأطلعى حطيلهم الأكل والميه يلا بلاش كسل
نهضت زينب وهي غاضبة بشدة من والدتها التى لاتمنحها
فرصه واحدة لترتاح قليلا
حملت طعام الطيور وركضت على الدرج وهيا تحدث نفسها بغضب
اه يانى هو مفيش غيرى كل حاجة على دماغى
صعدت الدرجات الباقية المؤدية إلى السطوح وهي تحمل بيدها طعام الطيور التى أمرتها والدتها بأن تصعد به وتضعه للطيور ركضت على الدرج وهي تشعر بسعادة غير عاديه فهي تعلم إن بذلك الوقت كل يوم يجلس مازن على سطوح منزلهم يأخذ الهاتف ويجلس يستمع الى الاغانى
وما إن وصلت إلى السطح حتى وضعت الاناء الذى به طعام الطيور وإنهمكت بوضعه حتى تفرغ منه سريعا وتركض لتتحدث مع مازن خطيبها
فهو عندما يأتى لزيارتهم لا تستطيع أن تاخذ راحتها بالحديث معه فوالدتهم تبقى جالسة معهم طوال فترة تواجده
ماكادت تضع الطعام لباقى الطيور حتى فوجئت بمن يمسك بها من ذراعها هامسا لها برقه:-
زوزو حبيتى اتأخرتى قوى عليا النهاردة
فزعت زينب من رؤيته امامها فهو منذ قليل كان يجلس فوق سطح منزلهم
أخذت تتلفت حولها بريبة وهي تخشى أن يراهم أحد فيخبر
سياف وهيا لاتريد أن تغضبه لانها تعلم أن طبعه شديد للغاية
هتفت به قائلة بصوت خافت :-
هاتودينى فى داهية يامازن لو حد شافك وقال لسياف هايسود عيشتى
حاول إحتضانها قائلاً بحب كبير:-
إنتى خطيبتى يازوزو وأنا مش عارف اتلم عليكى ولا أقعد معاكى
أجابته قائلة:-
بس بقى يا مازن مش كدة حد يشوفنا
زفر مازن بغضب قائلاً:-
يو ه ه مازن وسنين مازن البيضا والله ما إنتي نازلة من هنا الا اما تدينى بوسة
أحمرت وجنتيها خجلاً وكادت تهرب من أمامه لكنه أصر أن ينتزع منها قبلة صغيره لاثمٱ شفتيها برقه
دفعته وقد أشتد خجلها وهرولت تركض على الدرج والسعادة تغمرها بشدة
فتلك أول مره تبقى بقربه ولو قليلا من يوم عقد قرانها منذ سنتين
صاح من خلفها قائلا بتوعد:-
ماشى يازوزو إن ما وريتك
وحياتك ما ها أسيبك إلا أما أخد بدل البوسة اللى ما أتهنيتش عليها دى عشرة يازينب
قفز إلى السطح عائداً إلى منزله وهو يلعن حظه العاثر الذى
أوقعه مع شخص متزمت مثل سياف الذى لا يسمح له بالأقتراب نهائيا من زوجته
عادت زينب إلى المنزل وهي تركض خائفة بشدة أن يكون شاهدها أحد ويخبر سياف فيعاقب مازن ويعاقبها
رغم كل الشعوربالقلق الذى تسري اليها شعرت بالسعادة حين تذكرت قبلة مازن ولمساته الحانيه وتمنت لو الايام تمر سريعا ليجمعهم منزل واحد ولا يمنعهم أحد من الإقتراب من بعضهم البعض
عادت إلى المنزل ودلفت إلى المطبخ لتساعد والدتها فى إعداد الطعام
مر الوقت سريعاً وجاء موعد الغداء
أرسل سياف أحد رجاله إلى المنزل ليجلب له طعام الغداء للجميع
ذهب حسن العامل لدى سياف الى منزله وطرق الباب
وانتظر قليلا
بعد مرور عدة دقائق خرجت له والدة سياف بصينية محملة بأشهى انواع الطعام
ودورق كبير ملئ بالعصير الطازج
شكرها حسن وأخذ الصينية عائدا إلى الورشة
ثم وضع الصينية على المنضدة
ترك سياف ما بيده ثم ذهب ليغسل يده وجلس بعد أن أمر الجميع بالجلوس معا ليتناولوا الطعام سويٱ قائلا بجدية
يلا يا شباب بسم الله الأكل بينادى على الاكيلة
تجمع العمال جميعهم إلى جوار بعضهم البعض
وبدأوا بتناول الطعام
وحين أنتهوا من تناول الطعام
سكب سياف العصير بالاكواب
وقام بتوزيعه على الجميع وجلس يتسامر معهم
وحين أنتهى وقت الراحة عاد الجميع إلى العمل مرة أخرى
بالمنزل جلست زينب فى غرفتها تتذكر تلك اللحظات القليلة
التى قضتها برفقته وتمعت بقبلاته التى أخذتها لعالم آخر
وجعلتها تشعر بأنها تحلق بالسماء وسط العصافير والفراشات
بورشة سياف حين أنتهى من العمل وغادرجميع العمال عائدين الى منازلهم
جلس سياف بمكتبه المقابل للورشه ليتناول القليل من الشاى الساخن قبل أن يعود إلى المنزل
كانت بذلك اليوم تشعر بالأختناق وبأنها تود أن تتحدث مع أى شخص لم تجد شخص قريب منها تستطيع ان تقص عليه
ما يعتمل بصدرها سوى مريم صديقتها التى تعرفت عليها منذفتره قصيرة حيث كانت تأتى لتعد لها الطعام
ومن يومها أصبحت صديقه مقربة لها
فهي فريدةالسويفى والدها رجل عصامى بدء من الصفر وبنى نفسه بنفسه لكنه خطأه الوحيد إنه تزوج من سيدة عديمة المشاعر بعد وفاة والدتها وحين تزوجها أصبحت تعاملها بقسوة إلى أن أضطرت أن توافق على أول شخص يتقدم للزواج منها لتهرب من جحيمها ظنت إنها سترتاح بعد الزواج لكن الوضع تأزم اكثر وتحولت حياتها معه إلى جحيم لا يطاق
وما إن
انتهت فريدة من زياره صديقتها هبطت من البناية التى تقطن بها ثم سارت عده خطوات تبحث عن تاكسى ليقلها الى منزلها ما كادت تسير مبتعدة عن منزل صديقتها
فوجئت بشابين يعترضوا طريقها
ومد أحدهم يديه محاولا التحرش بها ولمس ذراعها قائلا بوقاحة
المزة ماشية لوحدها ليه إحنا فى الخدمة يا جميل ماتيجى
معايا وأنا هابسطك قوى
أنكمشت على نفسها وأبتعدت عنه وحاولت أن تهرب من محاصرته لها لكن فاجأها الشاب الاخر بمحاولته جذبها رغما عنها قائلا
هاتروحى فين ياحلوة دة لسة الليل فى أوله تعالى معانا بس وإنتى هاتتبسطى قوى وها اعكمك مبلغ محترم بس إنتي تعالى
تسرب الخوف إليها وشعرت بالرعب يسيطر على كامل جسدها فصمتت تفكر بحل لتلك المصيبة التى وقعت بها
أخذت تبحث بعينيها عن مخرج أو شارع صغير تركض ناحيته وما إن التفت للخلف شاهدت شارع صغير
ركضت ناحيته بكل ما أوتيت من قوة وأخذت تركض حتى كادت انفاسها تتقطع من شدة الركض
خشيت أن تلتفت إلى الخلف لترى إنهم لازالوا يركضوا خلفها
لم تكن تعلم إلى أين ستذهب ومن الذى سينقذها منهم ؟
لم تجد امامها سوى مكتب صغير ركضت ناحيته وتقدمت إلى داخله وأثناء ركضها إلى الداخل اصطدمت بجسد صلب فرفعت رأسها تنظر إليه وعلامات الرعب والفزع أرتسمت علي وجهها خشيه أن يكون شخص آخر يود أذيتها
تعثرت وكادت أن تسقط فأسندها قائلا بود:وهو يتأملها بروية خشيه أن يكون أصابها مكروه
مالك يا أبله حد بيضايقك ؟
ما كادت تجبيه حتى رأت الشابين متوجهين ناحيتهم أشارت إليهم بفزع والرعب يسيطر عليها :-
هما دول أرجوك أبعدهم عنى بيطاردونى من بدرى وأنا خلاص مبقتش قادرة أجرى أكتر من كده
أنا نفسى أتقطع
خرج سياف لملاقاتهم وتلقينهم درس اذا لزم الأمر
ما إن رأه الشابين تسمروا بوقفتهم
تقدم منهم سياف صائحٱ بهم بغضب شديد:-
أنتم أزاى تتجرأو وتعاكسوا بنت وتضايوقوها بالطريقة دى لا وكمان مش مكسوفين من نفسكم وجاين وراها لحد هنا
تحدث أحدهم قائلاً باحترام شديد حين شاهد سياف :-
إحنا أسفين يا كبير غلطة ومش هاتتكرر حقك علينا سامحنى المرة دى
دفعهم سياف بحدة شديدة قائلاً وهو يشير إليهم بتحذير ولهجه صارمة
لو لمحت خيال واحد فيكم مرة تانية ولا عرفت إنكم بتضايقوا أى بنت تانى مش ها ارحمكم
ركض الشابين من أمامه وهما مرتعبين منه
وهما يرددون أسفهم قائلين بذعر
إحنا أسفين غلطة ومش ها تتكرر يا كبير
عاد سياف إلى حيث تجلس فريدة وحدثها بود وهو يتحاشى النظر إليها فهو لا يعلم لماذا حين شاهدها للوهله الاولى دق قلبه بشدة لا يعلم لما حدث له ذلك
حاول جاهد الثبات أمامها وحدثها قائلاً بجدية :-
أتفضلى يا أبله ها أوقفلك تاكسى يوصلك أى مكان أنتى عايزاه
نهضت فريدة وحدثته قائلة وهي ترمقه بنظرات مليئة بالفخر
وهي سعيدة لشهامته ووقفته معها
متشكرة ليك جدا مش عارفه لولاك كان إيه جرالى
سياف خافضٱ عيناه إلى الأسفل بأحترام شديد ومحاولا السيطرة على ضربات قلبه التى تدق كالطبول
لا شكر على واجب يا أبله
أجابته فريدة وهي تتأمله بأعجاب شديد قائلة :-
انا بجد مديونالك بحياتى النهاردة لولاك معرفش كان هيجرالى إيه
وكأن هناك شئ يجبرها على البقاء أخذت تبحث عن سبب يجعلها تقف تتحدث إليه قليلاً تحدثت إليه قائلة
هو أنت حضرتك أسمك إيه؟ هو أنت ساكن هنا ؟
أبتسم سياف أبتسامة هادئة وأجابها قائلاً بجدية
أسمى سياف يا أستاذة وبشتغل ميكانيكى وأشار إلى
ورشته بفخر قائلا-
دى ورشتى يا أستاذة ومد لها الكارت الخاص به قائلا :-
وده الكارت بتاعى لو حبيتى فى يوم تصلحى عربيتك
لا تعلم لماذا شعرت بالراحة لحديثها معه ؟! ولماذا تود أن لاينتهى الحديث معه مطلقا ؟
أبتسمت برقة قائلة
أنا فريدة السيوفى وكنت بزور صديقة ليا ساكنة هنا بس الوقت اتأخر وأنا مخدتش بالى إن الوقت مر بسرعة كدة
كادت أن تغادر وتتركه لكنها خشيت أن يكونوا هؤلاء الشباب بأنتظارها ويحاولون أذيتها مرة أخرى
أنتبه إلى حيرتها الشديدة ولاحظ ترددها فى الذهاب
فتحدث اليها بجدية قائلاً
تحبى أوصلك يا أستاذة؟ شكلك قلقانة لسة ومش مطمنة
شعرت فريدة حين عرض عليها أن يقوم بأيصالها بالراحة
الشديدة فقد كانت كالغريق الذى تعلق بقشه منعته من الغرق
فأومأت له برأسها قائله بتردد
فى الحقيقة أنا عربيتى راكناها بعيد وخايفة أروح عندها لوحدى
سار سياف برفقتها متوجها إلى حيث تركت سيارتها
وحين وصل اطمئن إنها أستقلت السيارة وأشار لها مودعآ
توصلى بالسلامة يا أستاذة شرفتينا الشوية دول
أشارت له فريدة مودعة وأجابته قائلة بأبتسامة رقيقة :-
متشكرة جدا يا أستاذ سياف أنا حقيقى عاجزه عن الشكر
أجابها سياف بجدية شديدة قائلاً :-
لا شكر على واجب مع الف سلامة توصلى بيتك بالسلامة إن شاء الله
لم يغادر مكانه إلى أن أطمئن إنها غادرت بقى واقفا بعد أن غادرت وأخذ يحدق فى أثرها بشرود آفاق من شروده على صوت رنة هاتفه أجاب على الهاتف حين وجد إنه شقيقه قائلاً بتساؤل :-
خير يا خالد فيه حاجه حصلت ؟
خالد ببكاء شديد
الحق يا سياف ماما وقعت من طولها ومش عارفين نعمل إيه
أغلق سياف مع شقيقه الهاتف دون أن يجبيه بشئ وركض عائداً إلى المنزل وهو يبتهل إلى الله داعياً أن ينجى والدته
فهو بعد وفاة والده ليس له سواها فهي وأشقائه بالنسبه له
هم كل شئ
ما إن وصل إلى المنزل ركض على الدرج والقلق بسيطر عليه
تقدم إلى داخل المنزل وهو قلق للغايه أخذ يبحث عن والدته بلهفة
وزفر براحة حين وجدها تجلس بالفراش ويبدو إنها أفاقت لتوها
تقدم منها قائلاً بلهفه :-
إنتى كويسه يا أمى فيكي حاجه جرالك إيه طمنينى ؟
تعليقات
إرسال تعليق
اترك لنا تعليقًا ينم عن رأيك بالمحتوى