القائمة الرئيسية

الصفحات

روايات مقترحة

سكريبت مخبز راويه بقلم الكاتبة إيمان صالح

سكريبت مخبز راويه بقلم الكاتبة إيمان صالح 

مخبز راويه بقلم الكاتبة إيمان صالح 

سكريبت مخبز راويه بقلم الكاتبة إيمان صالح


بقلم الكاتبة إيمان صالح 

الكاتبة إيمان صالح 


#مخبز_راوية

#سكريبت

#إيمان_صالح

_قومي يابنتي الله يصلح حالك.. لازم تيجي معايا دلوقتي قومي.. 

_لأ ياراوية مش هقوم، سيبيني فحالي مالكيش دعوة بيا خالص، مشيه، مشيه ياما وماتجيبيليش حد تاني يشوفني يما بكفاية اللي بشوفهم ليل نهار.. 

_لاحول ولاقوة الابالله العلي العظيم.. لاحول ولاقوة الابالله، حاضر يابنتي عليه العوض ومنه العوض... 


سبتها وطلعت وانا بخبط كف على كف ومش عارفه اقول ايه للشيخ اللي جايباه للمرة الرابعة وبترفض تقعد معاه عشان يشوف مالها.. انا اسمي "راوية" عندي  ٥٦سنة من الصعيد.. أبقى أم لبنتين وولد سنية وسمية وراضي.. أكبرهم يبقى راضي إبني، أبوهم مات وسابهوملي كلهم حتت لحم حمرا ولا عائل ولاسند غير ربنا.. واللي كان هادد فيا أكتر إنه لما مات مكنش ليه اي حاجة خالص أربي بيها العيلين..ولا أرض نزرعها ولا بهيمة نبيعها ، وده اللي خلاني افكر بسرعة هربيهم ووأوكلهم لقمة تعيشهم  واخليهم مستورين في الدنيا إزاي.. وبسرعة  بعد مافكرت اخترت أكتر حاجة انا شاطرة فيها وهي الخبيز ومافكرتش كتير وقررت اني آخد أوضة من قلب داري وأعملها فرن عيش، أهو منها هبيع وأسترزق ومنها عيالي وعيال البلد كلها هياكلوا منها وأهو برده هكون رحيمة بالناس شوية وأبيع بمبلغ مش غالي، بعد ماخطتت لكل حاجة قفلت الأوضة الفاضية اللي ناحية الارض، كانت اوضه مقفولة مابدخلهاش كتير الا للشديد القوي وكانت على طول فاضية وقلت استغلها في المشروع.. ونفذت المشروع والدنيا  مشيت كدة والواحد لقى نفسه بقى ليه زبون، والزبون جاب زبون والموضوع بدأ يكسب معايا قرش حلو ووقفت علىرجلي من اول وجديد .. علمتهم لحد ما بقوا في الدبلومات ووقفت ابني معايا، إبني اللي كان عامل نفسه علينا راجل البيت بقى وبدأ يلاقي أخواته كبروا وبقوا عرايس وفضل يشخط ويتشرط ويفرض عليهم أوامر ونواهي لحد ماأخته الكبيرة جالها عدلها واتجوزت وما بقاش فاضل غير الصغيرة اللي طبعاً وراها الويل طول قاعدتها معانا من غير جواز... 

 الصراحه البت ماكانتش بتأثر خالص، شغل معايا في الفرن تشتغل، في البيت قايمة بيه كله، حتى طلبات اخوها نفسهاكانت بتعملهاله.. لحد مافيوم واحد من أصحابه جه ياخد يزوره في البيت  وشافها واتهبل عليها، بس المشكله انه كان اكبر منها ب٢٠ سنه ودة السبب اللي خلاها طبعاً ترفض لما قالها عليه ووقتها اللي دار بينهم كان كلام كله شد وتحدي: 

_هو انا قولتلك ياراضي إني عاوزة اتجوز؟ 

_هتتجوزيه يعني هتتجوزيه ولو ماوافقتيش هتبقى أيامك سودة.. 

_لأ مش هتجوزه ايه رأيك بقى؟ 

_والله العظيم أدبحك دبح.. 

_يااخي روح ادبحلك فرخة وابعد عني بقى.. 

_خدي يابت.. ماتمشيش من قدامي وانا بكلمك.. خدي هنا.. 

وقامت بينهم الخناقة وجابها من شعرها ونزل فيها ضرب.. ولما بحاول أحوش عنها كان بيضربني ويزقني أنا راخرة، وإستحلفلها لاتتجوزه وهي راضية وتوافق عشان منظر اخوها قدامه وعشان فلوسه وغناه.. يا إما تعيش هنا بتخدمنا وخدامة له هو شخصياً وتعيش بلقمتها وماتفكرش في الجواز أبداً، ولما رفضت ووافقت تعيش بالشرط التاني ذلها ذلة الكلبة وفضل يطفش فيها لحد ماجت فيوم وقالتلي بكل وجع وحسرة في عنيها: 

_أنا هوافق يما.. هرحم نفسي وأوافق عشان انا تعبت من اللي راضي بيعمله دة.. 

_هاتيجي على روحك يابنتي عشان أخوكي؟ هتتجوزي جوازة زي دي كلها بؤس وقلة فرح؟ دة قد عمرك مرتين يابنتي! ماتكرريش غلط ناس سبقوكي ياقلب امك.. 

_انا يما هوافق، هقعد معاه يمكن ارتاح.. وقتها أنا هقرر اتمم الجوازة ولا لأ.. وبعدين هو انتي شيفاه سايبلي رأي تاني أقرره؟!  دة واحد ظالم هيسلمني لواحد همجي وكل شويه ليه جوازه شكل عشان يرضي شهواته وبس، أنا هوافق وخلاص يما.. 

بصيت لها واستغربت من اللي هتعمله في روحها وظلمها لنفسها.. بعد ماقعد معاها جت وكلمتني وقتها وقالتلي: 

_ده شكله يخوف يما.. وانا ببص في وشه كأني شايفة قرد، شكله وحش قوي.. 

_خايفة من شكله وهتتجوزيه ازاي؟! 

_مش عاوزه اتجوز بس انتي قولي لأبنك يبعد هو عني بس.. 

_ياغلبي ياني؟! دة لو عرف بكلامك ده  ودافعت عنك ممكن يموتنا احنا الأتنين.. 

_وأنا ماليش دعوة بقى.. انا مش هتجوزه يعني مش هتجوزه.. انا ولا مؤاخذة يعني مش هكرر نفس غلطك اللي فات.. 

_خلاص، إخنسي خالص وماتتكلميش في الموضوع ولا تجيبي سيرته لحد مانشوفلك صرفة.. 


عدى كذا يوم وانا وهي مقفلين عالموضوع لحد ماجه اخوها من برة بيبتسم على اخره ومبسوط والفرحة مش سيعاه وقعد ينادي عليها بعلو صوته: 

_سمية.. يابت ياسمية خدي يابت دانتي امك دعيالك يابت والله.. 

رديت عليه بشخط وقولتله: 

_فيه ايه يازفت انت؟ بتزعق ليه اختك جوة في الفرن بتخبز شغل النهارده.. 

_لأ قوليلها ماتعملش حاجة.. دي لازم تبقى برنسيسة بعد كده.. 

طلع كبشة فلوس من جيبه وهو بيقول: 

_بصي.. بصي اداني ايه وقالي اديهوملها مصروف لو احتاجت حاجة.. المحظوظة بنت المحظوظة اتفتحلها باب رزق واسع على يدي.. 

_وباب الرزق اللي اتفتح على يدك دة هي رفضاه  ومش عوزاه، واصرف نظر عنه خالص .. 

_انتي بتقولي ايه انتي؟ هي مين اللي ترفض ولا تقبل انا هنا اللي برفض وبقبل وانا وافقت وخلاص.. 

_يابني ماتسيبها فحالها بقى.. 

_لو ماتجوزتش توفيق هقتلها قدامك.. 

لما سمعت كلامه خفت على البت.. وبعتتها عند اختها المتجوزة من ابن عمها يومين لحد مانشوف هعمل ايه في المصيبة دي، بس يظهر ان المكتوب أقوي مني بكتير، راضي ماسكتش وراح يجيبها من هناك، ولما ولاد عمها حاولوا يوقفوه خرب الدنيا وجابها غصب عنها بالبهدلة والصوت العالي وبعد شهر من اللي حصل.. اتجوزت صاحبه توفيق وبدأت أيامها السودة... في الاول كانت عادي.. عروسة ومتجوزة أي جوازة وخلاص لكن بعد  اقل من شهر جالي تليفون من جوزها بيستنجد بيا وبيقولي: 

_ تعالي يا راوية شوفي بنتك مالها، انا مش هستحمل المرار اللي انا فيه دة كتير ومش عارف أمشيها ازاي؟! 

_مالها البت يابني مش كانت زي الفل؟! 

_زي الفل إيه؟ دي من يوم ماخدتها وهي مش طيقاني ومش عوزاني آجي ناحيتها وكل ماتشوفني عاملة زي ماتكون ملبوسة ولا شافت عفريت، تعالي شوفيلك معاها صرفه.. 

_ماشي يابني.. جاية طوالي.. 

خدت جلابيتي وطرحتي وطرت على بيت البت عشان الحقها وأشوفها فيها إيه.. بس الحقيقة إني لما وصلت شفت العجب.. بنتي هناك قافلة  على روحها أوضتها وكل ماتوفيق يحاول يجي جنبها أو يكلمها ويلمسها تصرخ وتعيط وتقوله ابعد عني يابا.. لما سمعت الكلام اللي جوزها حكهولي دماغي بتفكيري كان هيتشل.. إيه اللي ابعد عني يابا دي؟! وانتي فين يابنتي وأبوكي فين اصلا!  المهم  اني طلعتلها الاوضة فوق عشان أتكلم معاها.. والأغرب اللي حصل ساعة ماشافتني.. لما فتحت عليها الباب ودخلت وأنا بضحكلها بالراحة عشان أشيل الخوف اللي في قلبها من المكان وهي هاتك ياصريخ ساعة أما شافتني وحاولت وقتها أهديها  .. 

_يابت ياسمية اهدي أنا أمك يابت.. 

_إطلعي بره، ماتقتلنيش بالله عليكي، سببيني في حالي ياراوية وحياة ربك.. 

_لا إله الا الله محمد رسول الله.. وانا يابنتي جيت جارك ولا هاجي؟! أنا جاية أشوفك مالك بس.. وعمالة تكلمي جوزك توفيق على انه ابوكي ليه؟ الله يرحمه ويغفر له.. 

بصتلي بصة عمري ماهنساها وقالتلي: 

_هو نفس القدر ونفس المصير ياراوية، نفس القدر ونفس المصير.. 

قلتلها بأستغراب: 

_يعني ايه؟ انتي بتقولي ايه ياقلب أمك؟ 

_ بقولك سيبيني فحالي وأنزلي من هنا ومالكيش دعوة بيا.. 

_يابنتي بالراحة بس.. دة جوزك مش أبوكي ياسمية، افهمي.. 

_لأ هو، نفس القصة والحكاية ونفس الريحة، كل حاجة واحدة.. 

_أنا ولا فاهمة انتي بتقولي إيه أصلا.. 

_لاااا.. دانتي فهماني كويس قوي قوي وعارفة كمان أنا ممكن أعمل ايه..

_طب استهدي بالله يابنتي.. استهدي بالله ياقلب أمك ودخلي جوزك عشان أصالحكوا على بعض.. 

_لااا، هيضربني تاني.. هيضربني.. 

بصيتلها بغيظ وقلتلها: 

_ليه هو ضربك قبل كدة؟ 

_مبهدلني على طول.. كل شوية ضرب وبهدلة.. 

_خلاص، استهدي بالله بس وقوليلي عاوزة ايه.. 

_عاوزة أمشي من هنا.. 

_طيب.. انا هنزل اتكلم معاه... 

نزلت اتكلمت معاه وأقنعته انها تيجي معايا يومين وخدتها ومشيت، وإكتشفت في اليومين دول انها بتعمل حجات في منتهى الغرابة، كل شوية تخش أوضة الفرن وتقعد تتكلم وتضحك وكأنها بتكلم ناس موجوده في الأوضة.. كل ما انتبه لها الاقيها في الاوضة جوة وبتتكلم وتضحك ولما سألتها بتكلمي مين، قالتلي بكلم أبويه وده كان رد صادم بالنسبالي طبعاً  .. أبوها مين اللي بتكلمه؟ ابوها اللي مات من سنين جايه تشوفه دلوقتي؟! 

مرت الايام والبنت رجعت لبيتها بعد ماتحسنت شوية وعدت الشهور وطلعت حامل.. كنت مفكرة وقتها إنها هتعيش سعيدة لكن بدأت أسوأ ايام حياتي وحياتها.. في الفترة دي حاولت تموت روحها اكتر من ٣مرات ونلحقها 

وحاولت برده تنزل الحمل اللي فبطنها كتير، وفي يوم  من الأيام دي دخلت وراها وهي بتتكلم مع نفسها وعماله  تضحك وهي بتقول: 

_متخافش يابا مش هتعرف انك لسه عايش خالص، مش هقولها حاجة.. 

دخلت عليها في وسط الكلام.. بصتلي وسكتت وقلتلها بإستغراب ورعب: 

_بتكلمي مين ياسمية؟ هو ابوكي قدامك؟

بصتلي وقالت: 

_ابويه؟! ابويه مين يارواية؟.. انتي بتخرفي ولا ايه؟

بصيت في الاوضة كلها وقلتلها: 


_انا لسة سمعاكي بتقولي كدة  وبتتكلمي مع حد.. 

_ماحصلش.. انتي فيكي حاجه شكلك؟ مالك يما؟! 

_ولا حاجة ياسمية.. ماليش يابنتي.. 

مرت أيام عاللي حصل وكل ماركز معاها ألاقيها برده لسه بتتكلم مع حد وبتضحك، فضلت اتسحب لحد مادخلت عليها وبدأنا نتكلم تاني وانا بحاول اواجهها : 

_المرادي بقى انكري.. اديكي قدامي أهو بتتكلمي، وبعدين ياسمية؟! 

_وبعدين انتي ياراوية؟! مش فاهمه فيه ايه كل شوية داخله عليا وتقولي كلام غريب؟ 

بصيت في ركن الاوضة ولقيت حد زي مايكون واقف في ركن الاوضة.. دققت بنظري فيه جامد لقيته أبوها ظهر قدامي فجأة ومعرفش ازاي لقيت نفسي بنادي عليه بأسمه  وبقع من طولي... 

بعد أيام... 

عيالي بيعاملوني بطريقة غريبة وكأني مريضة.. مكنتش فاهمة حاجة خالص من معاملتهم.. كل كلمة قدامي احس انها لغز، كل حركة بحساب معايا، لحد مافيوم لقيت سمية اللي المفروض حامل عمالة بتوطي وبتشتغل شغل صعب عليها وعلى ظروفها فشخطت فيها وقولتلها تريح نفسها عشان اللي فبطنها.. بس الغريب انها قعدت تتريق عليا وتسخر مني، فضلت عالحالة دي فترة وكل ماجي اتكلم مع حد فيهم يبصلي بطريقة غريبة  لدرجة أن شككوني في نفسي وفيوم، الساعة  ١٢ بالليل، قمت على صوت حفر في الاوضة بتاعت الفرن والنور مفتوح بس ماعرفش مين، خدت بعضي وانا بتسحب لحد ماوصلت للاوضة واللي شفته كان هو المفاجأة... 

شفتهم كلهم... كلهم واقفين بيحفروا ويطلعوا ابوهم من قلب الارض، وزي مايكون مدفون تحت الأرض بتاعة الأوضة دي.. لما شفت المنظر قدامي قعدت أصرخ بعزم مافيا وفجأة بصولي كلهم بصه ترعب بعيون مقلوبة وكلها سواد مافيش فيها ذرة بياض وفضلوا يقربوا مني واحدة واحدة لحد ما مسكوني وحطوني هما في القبر تحت ودفنوا عليا  وانا بصرخ وبقولهم بعلو صوتي طلعوني ومحدش قبل يطلعني.. وبسرعة جسمي اتهز ولقيت بنتي بتصحيني من النوم وهي بتقول: 

_يما؟ تاني يما؟ كوابيس تاني من إياها؟ 

قلتلها بدوخة النوم في عنيا: 

_كوابيس؟ هو طلع كابوس؟ طب الحمدلله الحمد لله.. 

قالتلي وهي متعجبة: 

_أما؟ انتي متأكدة انك بخير ومفيكيش حاجة؟ 

_لأ انا زي الفل متخافيش.. قوميني عشان عاوزة أقوم أخبز لقمتين أنا وماتقفيش قدام النار النهارده انتي.. 

_ليه يما بس؟ ايه اللي يحوشني من النار ياراوية؟ 

_اللي فبطنك يامنيلة.. انتي هترتاحي يعني لما لاقدر الله ينزل؟! 

البت بصتلي وكأني بخرف وقعدت تطوح بإيدها في الهوا وهي بتقولي: 

_في بطن مين ياراوية؟!  انا مش فاهمه منك ايتها حاجة خالص.. 

قلتلها وملامحي كلها غضب: 

_نعم ياختي؟ العيل اللي فبطنك يابت.. إيه نسيتيه هو كمان؟! 

كل اللي عملته إنها قعدت تبصلي بعنيها رايحة جاية مليانة شفقة وعطف ومسكت دموعها وقعدت تقول: 

_لاحول ولاقوة الابالله العلي العظيم يارب، ياحول الله.. شوية وجيالك يما شوية وجيالك.. 

زعقت فيها بعلو صوتي: 

_هو فيه ايه؟ هو انا كل ماهكلمكم هتعملولي كدة؟! 

سابتني ونزلت لتحت ولقيتها متجمعين هي وإخواتها تحت وعمالين يتكلموا.. ياترى بيتكلموا فإيه؟! يكونش عليا؟! ممكن يكون ولادي عاوزين يخلصوا مني عشان يورثوا البيت باللي فيه والشغل كمان؟! اه ممكن.. ليه لأ المهم اني خدت بعضي وطلعت على فوق وسكتت.. سكتت من غير كلام خالص.. فترة طويلة وانا كدة.. لحد مابنتي سمية ولدت وجابت ولد زي القمر، كنت فرحانه بيه قوي ومش عاوزة اديهولها لغاية ماحسيت انها بتتضايق مني، فاسبته  بس كنت مرقباها لا تأذيه، وفعلا ظني كان في محله.. اليوم الإسود اللي كنت خايفه منه حصل..

 سمية بعد  ماولدت فضلت عندي والغريب انها كانت بتشتغل ولا أجدعها واحدة سليمة وكل شوية واخدة العيل الصغير وواقفة قدام الفرن.. حذرتها كتير ومافيش فايدة.. لحد ماقفشتها بنفسي، بنتي واقفة قدام الفرن وولعت النار على اعلى حاجة وفضلت تحضن في الولا وتبوسه ومرة واحدة راحت حدفاه في الفرن وهو والع وطلعت أجري عليها وانا بصرخ على آخري وبحاول أرمي نفسي في النار عشان أجيب الولا.. وبسرعة فضلت تصرخ تصرخ هي وراضي وشدوني من الفرن ونص وشي كان خلاص شبه المحروق وقعد ابني يصرخ ويقول كلام أغرب من الغرابة وهو بيصوت: 

_ليه يما حرام عليكي! ليه بتعملي في نفسك كده يما ليه حرام عليكي ليه عاوزة تحرقي قلوبنا عليكي بس! 

صرخت وقولتله: 

_الولا.. النار أكلت الواد الصغير.. إبني، ابني ضنايا جوة.. 

لفت سمية ناحية أخوها اللي ماسكني وقالتله: 

_لأ ياراضي لأ.. كدة المرحلة بقت خطر خالص دي كانت هتولع في روحها يابني، الله يخليك انا هروح أكلم توفيق يجي بسرعة بالعربية عشان يجي ينقلها المستشفى النفسي تاني.. 

بصيتلهم وانا مش فاهمه حاجه بس كنت على آخري: 

_هترموا أمكوا في مستشفى عشان اكتشفت عملتك السودة يابنتي؟! منك لله.. منك لله.. 

وبسرعة طلعت التليفون واتصلت بتوفيق وجه توفيق ومرة واحدة مسكني هو وراضي وجوز بنتي التانية ولقيت نفسي بتضرب بحقنة معرفش عبارة عن ايه.. وفجأة غبت عن الوعي... 

بعد أيام كتيرة ماعرفش هي قد ايه ولا عديتهم، قمت على صوت راجل معايا في قلب الاوضة بيكلم ولادي وبيقولهم: 

_ماعدش ينفع تخبوا عليها أكتر من كدة ياجماعة.. حالتها هتبقى اسوأ لو فضلتوا مداريين عليها الحقيقة لازم تفهم اللي هي فيه ولازم نواجهها وألا المرض هيوصلها للموت.. 

رد ابني عليه وقاله: 

_يعني انت يادكتور شايف العلاج في مواجهتها بالحقيقة؟! 

_ايوة هو دة الحل الأمثل.. غير كده مافيش مرة تانيه هتيجي بيها هنا لأنها خلاص وصلت لمرحلة الهلاوس السمعية والبصرية ومؤكد هتموت نفسها.. 

وانا سامعة كلامهم كان نفسي أقوم واقعد وأقولهم انتو ايه اللي انتوا بتقولوه دة بس حاشني المخدر اللي انا واخداه وفجأة بدأو يحسوا اني فقت وجوم اتجمعوا جنبي وكل واحد فيهم بدأ يقرب مني بطريقته ويعطف عليا، ومرة واحدة بدأو يتكلموا معايا واللي بدأ راضي: 

_إيه ياماما ياحلوتنا؟ مش ناوية بقى تجمدي معانا كدة؟ 

قاطعته بالعافية وانا مش قادره اتكلم: 


_انتوا مخبين عليا ايه ياراضي؟ فهموني ياولاد؟ 

ردت عليا سنية وقالتلي: 

_انتي مستعجلة ليه كده ياست راوية؟ ماكدة كدة هتعرفي على فكره.. 

قلتلها: 

_اتكلمي ياأبله فيه ايه؟ 

ردت اختها عليا وقالتلي وعنيها مليانه دموع : 

_أهم حاجة ياأمي انتي بتثقي فينا صح كدة؟!

_أكيد طبعا.. اومال مش بثق فيكوا؟ ممكن تفهموني فيه ايه؟ انا عندي ايه؟ مرض وحش ولا ايه؟!

رد راضي وهو بيعيط وقالي: 

_احنا عارفين انك  مش هتفهمي اللي هنقوله، بس اللي انتي عملتيه في سمية كتير قوي.. انتي عذبتي سمية كتير على أساس انها انتي وان بيحصلها نفس اللي حصلك.. 

بصيتله وانا مش فاهمه اي شئ وقلتله:

_سمية مين اللي عذبتها؟ أنا اللي عذبتها ولا انت؟! مش انت اللي غصبت عليها بجوازها من توفيق عشان فلوسه وماله اللي مايتعدش؟! 

بصولي كلهم بدأو ينهنهوا بالعياط وبدأت سمية تتكلم: 

_بس اللي حصلي مكنش كدة يما..  بالعكس انا ماكنتش مغصوبة على جوازي من توفيق أنا كنت عوزاه وانتي اللي منعتيني لمدة سنتين،

 افتكري يما كنتي بتمنعيني ليه! انتي كنتي على طول حاطه جوازي من توفيق بجوازك من أبويا معأنك كنتي عارفة اني بحب توفيق إبن عمي قوي كمان وبالرغم من كدة منعتيني وكنتي بتضربيني وتذليني وبتشغليني في الفرن فوق طاقتي  ولما هربت منك وروحتلهم وقتها واضطريت اقولك انه خلاص بقى زي جوزي عشان توافقي وفعلا واقفتي.. بس فاكره لما جيتي تنتقمي مني إنتقمتي مني ازاي يما؟! 

صرخت بعلو صوتي وأنا بقولها: 

_باااس.. انتي ايه التخريف اللي بتخرفيه دة؟!  انتوا يظهر مخكوا خرف.. اكتموا خالص.. 

_ لأ يما اللي بنحكيه حقيقة وانتي فعلا كنتي سبب في موت ابني لما سبتيه قرب النار، فاكره ولا نسيتي؟! 


مسكت دماغي بين إيديا وقعدت اصرخ وأصرخ وأقولهم: 

_بااااس.. منكوا لله.. انتوا ايه؟!  عاوزين تطلعوني مجنونة يعني ولا ايه؟! ناقص تقولولي لما شفتها وهي بتكلم أبوكوا في أوضة الفرن كان خيال وبرده كان بيتهيألي! 

رد عليا ابني وقالي: 

_الغريب يما انك مابتسأليش نفسك فين لحد الوقتي جثة أبويا.. فاكره لما سألناكي عليه وانتي صغيرة قولتيلنا ايه!! 

بصيتله بإستغراب وكأنه ضربني بطوبه في دماغي: 

_ج إيه؟! جثة مين اللي فينها؟!  لاهو ابوك ماندفنش كمان؟! 

ردت عليا سنية وقالت: 

_لأ يما.. من سنين للنهاردة وجتته مابانتش والمفروض انك كنتي تبلغي وانتي ماعملتيش كدة، ولما جينا نقولك بلغي عن انه مش هنا مارضيتيش.. هو ابويا راح فين يما؟ دلوقتي بنقولك محتاجين نعرف الكلامده واحنا مش عيال صغيرة ولا حاجة اهو وعاوزين نعرف هو فين.. 

مسكت راسي تاني وكأني في صراع نفسي مع حالي او فيه حاجه جوايا مسكاني وعمالة تضرب مخي أبكاس وكأني بشوف لقطات قدامي وقولتلهم فجأة: 

_هو اختفى إمتى بالظبط؟! حد يعرفني قبل ماعمل أوضة الفرن ولا بعدها؟! 

رد عليا راضي: 

_يما أوضة الفرن مانتي خليتيه يقفلهالك مع البيت كله وهو بيتبنى. انتي مش فاكره أي حاجة خالص كدة؟! 

بصيت عليه بغضب وأنا بقوم عشان أضربه وقولتله: 

_فرن ايه ياواد انت اللي عملهولي مع البيت يكش تنشك في قلبك. هو انتوا كمان هتألفوا في دي؟! الفرن دة أنا اللي بنياه بإيدي من عرقي وكدي ومحدش بنالي طوبة فيه حتى!

بصتلي سمية وقعدت تصرخ وقالتلي بهستريا :

_ماحصلش ماحصلش.. ماتفوقي بقى انتي تعبتينا كلنا.. كتير قولنالك إحكيلنا مالك وكنتي بتسكتي وماترضيش تحكي.. حتى الراجل الغريب اللي كان بيدخل علينا البيت بحجة انه ابن عمك ومش فاهمين سبب دخوله عمال على بطال كنتي بتنكريه.. انتي ايه حكايتك انطقي بقى تعبتيني حرام عليكي، حراام.. 

مسكها أخوها وبعدها عن وشي وفجأة ضربات قلبي بدأت تعلى وبدأت أشوف حجات في عقلي.. ايه دة؟ ايه اللي انا شيفاه دة؟! أنا بحفر قبر في أوضة الفرن بفاس في أيدي وأنا عرقانة وبجيب فماية وكأن واقف معايا راجل ورمينا جثة في قلب الأوضة.. عنيا بتدور في كل مكان والأوضة كلها بتلف بيا وفجأة.. شلت إيدي من على ماغي وبصيتلهم وقولتلهم التلاتة: 

_مش انتوا بتقولوا ان كل حاجه بشوفها العكس بتاعها الصح؟ طيب لو انتوا صح وانا غلط! روحوا دلوقتي احفروا في أوضة الفرن ودوروا فيها على جتة ابوكم لو ظهرت هتبقوا كدة على حق وهبقى أنا كدة اللي قتلته .. ولو ماظهرتش هناك هتبقوا بتتبلوا عليا بكل كلمة وانا كدة مش هعرفكوا تاني، خلصوني أنا عاوزة أعرف فين الحقيقة بالظبط خلصوني.. 

فضلوا يبصوا لبعض بدهش. وكأنهم مش مستوعبين الكلام اللي بقوله وبصلي راضي وقالي: 

_طيب ماشي.. أنا هروح أحفر هناك.. بس عرفيني أحفر فين بالظبط... 

بدأت أقوله على المكان اللي شفته في خيالي وخد بعضه ومشي وأنا مش عارفه ايه اللي هيحصل ولا هيلاقي ايه قدامه أصلا.. وبعد شويه.. 

الدنيا اتقلبت هناك  .. 

بعد ماطلعت جثته في المكان اللي قلتلهم عليه.. كدة إتأكدت من نفسي كويس.. 

وفجأة الاوضة فضلت تلف بيا تاني وابني بيكلم اخته وبيأكدلها المكان اللي قلتله عليه وبعد ماقفلت وياه كتمت الدموع في عينها وجت بلعت ريقها  بغصة في حلقها وقالتلي: 

_إنتي اللي عملتي كدة؟!ليه يما فهميني ليه؟!   ليييه؟ 

رديت عليها بذهول وقولتلها: 

_طلع اللي قلته صح؟! يعني انا كدة اللي طلعت مجنونه.. ههههههه،

بدأت أقول بصوت واطي: 


_ يعني كل اللي بيحصل دة مني أنا مش منهم هما؟! 

عليت صوتي وقلتلها: 

_يعني لقوا ابوكي هناك فعلا.. أنا اللي عملت كدة أيوة أنا انا انا.. انا اللي عملت فيه كدة.. 

صرخت في وشي وقالتلي: 

_ليييه؟  احكيلي ليه؟! 

 بدأت افتكر واحدة واحدة  وانا شايفة كل حاجة قدامي وقلتلها:

_انا فهمت دلوقتى، تقريباً فهمت.. أنا كنت مغصوبة على جوازي بأبوكي ومكنتش بحبه أصلا.. 

_وليه اتجوزتيه؟ كنتي رفضتي؟ ردي عليا ليه رفضتي؟! 

كل حاجة بدأت قدامي تتشقلب وكأني برجع بالزمن لورا وبدأت أغيب عن الوعي، لكني كنت سامعه صوت بنتي وهي بتصرخ في الاوضة وعماله تنادي عليا، مسكينة بنتي.. ممكن ماتستحملش تعيش من غيري في الدنيا، بس اللي مش هتستحمله أكتر لما تعرف الحقيقة.. الحقيقة اللي داريتها لسنين عن العالم كله بعد ماتجوزت ابوهم، أبوهم اللي كنت بخاف منه وبترعب ساعة ماكنت بشوفه لأنه ماكنش حبيبي.. كنت اياميها صغيرة لما اتقدملي راجل من سن اخويه واخويه وافق، كنت لسه أياميها في الأعدادية ولسة ضفايري ماتحلوش، بس كان ليا ابن عمي الكبير اللي كنت بشوفه بتوه.. وهو كمان كان نفس الحالة، كان بيحبني قوي لكن اخويه بس هو اللي كان كلامه بيمشي، مع موت أبويا ووجوده هو وبس أمي ماكانتش بتقدر تتكلم معاه وكان كل اللي يقوله حاضر وماشي وخلاص، ويومها لما عبد الجليل شافني عمل زي مايكون لقى لقيه.. وانا ماكنتش فاهمه واخويا هو اللي كان فرحان،قعد يحول منه في فلوس على اسمي لحد مافاتح أمي وجه اداها الفلوس وطبعا لأنها ماتقدرش تقول اه أو لأ.. قالتله عالبركه وخلصت موضوعي.. قلتاها اني بحب ابن عمي.. حتى هو طلب ايدي منها لكن اخويا اللي رفضه فرق مابيننا بعمايله، ومانتهتش الحكاية عند هنا.. ابن عمي فضل يحبني وصمم أكتر انه يوصلي..وعشان يوصلي كان لازم يتصاحبوا على بعض  يعرفوا بعض هو وجوزي اكتر وواحدة واحدة خطته نفعت وبقى يدخل البيت عندي.. كنت مع كل ذرة كره لجوزي بتعلق بإبن عمي أكتر، وفيوم.. وقعنا في المحظور أنا وابن عمي واللي حصل كمان خلاني حملت منه ولما لقيت نفسي في ورطة ماقدرتش أسكت وقلت لإبن عمي اني حامل منه.. ووقتها جت أول خبطة في راسي منه لما قالي مش هينفع اعلن قدام النااس اللي حصل لأنهم ببساطه هيموتونا، ولما سألته طب اعمل ايه! قالي ان الحل الأنسب اني اسكت واخليه يفرح بأول مولود  .. لكن برده حكايتي ماخلصتش عند هنا.. بعد مانفذت كل حرف قالهولي فضل ضميري يعذبني قوي وبالخصوص لما بقى ذنبي قدامي وبيتحرك بعد ماخلفت.. وهنا جه في دماغي اخلص من الطفل ووقتها كان عندي الفرن وأنا اللي بشغله زي ماطلبت من جوزي بالظبط، كان الطبيعي اني لما اجي اخلص من ذنبي ارمي ابني في النار وكأنها حاجة طبيعية، وعشان احبكها كويس بعد ما زقيته جوة النار قعدت اصرخ على اخري واقول الحقوني واستنجد بالناس والناس اتلمت عليا وبدل ماابقى متهمة بقيت ضحية لغلبي وطيبتي.. وبعد ماخطتي الجهنمية نجحت، في الوقت دة حسيت اني اتبدلت وبقيت واحدة تانية.. بقى كل تفكيري قايم على أي حاجة بتهددني في الدنيا. وطبعا بعد جوزي مالطفل اللي كان مقتنع انه ابنه مات بسببي وبسبب الفرن، كان نفسه يهد الأوضة باللي فيها، لا كان نفسه كمان يرميني بره البيت..  وقتها كان بقى اسخم وأمر من الاول، ضرب واهانة وبهدلة فيا وكل شوية جاي متطوح من بره، وكل ليلة كان بيجي فيها مش دريان بحالة.. كنت بتقابل انا وحبيبي في أوضة الفرن.. وفي ليلة من الليالي واحنا في عز انسجامنا انا وابن عمي دخل عليا جوزي وهو بيتطوح وشافنا.. بلمنا طبعا بس كل اللي جه فبالي وقتها اني قمت جبت حديدة من حديد الفران وبسرعة خبطته بيها على دماغه وفجأة وقع مش دريان وفضل ابن عمي يبصلي وهو خايف ومرعوب وقالي وقتها: 

_انتي عملتي ايه ياراوية؟ قتلتي الراجل؟ منك لله.. 

_هششش  .. قصدك قتلناه احنا الاتنين، بقولك ايه، يلا نفحت الأورض دي ونتاويه فيها لحد مايبقى يبانله صحاب، وبعدين تبقى تتدبر.. 

_انتي بتقولي ايه؟ انا خايف منك قوي.. 

_ياحلاوة ياولاد؟! طب احفر ياخويا، احفر.. 


_حاضر.. 

وحفرنا ودفنناه وتاني يوم كان ابن عمي فص ملح وداب ومعرفش عنه اي حاجة.. بعد كل اللي عملته دة وهرب وسابني بسهولة.. بعد ماضيعني.. من وقتها وانا بقيت أشوف جوزي قدامي وأشوف كل حاجة وكأنها بتحصل لحد غيري.. كل حاجة.. أهلي لما لاحظوا عليا التغيير حاولوا يفهموا ايه اللي عندي وحتى ولادي كمان جابولي كذا دكتور وكشفوا عليا وكنت انا اللي بقف في وشهور وكانت الحالة ماوصلتش للي وصلتله دلوقتي.. 

بعد كل اللي حصلي وبعد كل اللي حكيته.. وبعد ماابتديت أفهم اللي حصلي.. دلوقتي أنا بتعافى في مصحة لأمراض الفصام الشخصي بس بعد ماخسرت كل الناس.. ولادي، جوزي، حتى ثقتي في نفسي كمان.. مابقتش موجوده... 

#تمت...

تعليقات