القائمة الرئيسية

الصفحات

روايات مقترحة

سكريبت بتوقيت ريسيفر للكاتبة إيمان صالح

 سكريبت بتوقيت ريسيفر للكاتبة إيمان صالح
سكريبت بتوقيت ريسيفر للكاتبة إيمان صالح

 بتوقيت ريسيفر للكاتبة إيمان صالح

 للكاتبة إيمان صالح

سكريبت بتوقيت ريسيفر للكاتبة إيمان صالح 


بتوقيت ريسيڤر

 إيمان صالح

أنا محمد... محمد عبد الرحمن.. شاب مصري من مواليد التمانينات.. زيي زي أي شاب مصري بيدخل الكلية ويتعرف على بنات من زميلاته، ومن زميلاته بتعجبه واحدة وبيحاول يبقى فيه بينهم مشروع ارتباط أو خطوبة...وفعلا لقيتها، ولما جيت خلاص أعترفلها بحبي.. بقت من نصيب غيري.. وللأسف، اللي بتكلم عنها وهحكيلكم حكايتها دي.. تبقى مرات أخويا... أيوة مرات أخويا.. بس قبل ماتبقى مراته وقبل اي حاجة أنا معجب بيها لدرجة الجنون.. او ببساطة.. بحبها.. 

تالا... كانت زميلتي أنا في الكلية والزماله أتحولت في يوم من الايام لصداقة جامدة وجت بيتنا.. ولما دخلت بيتنا وبقت واحدة من العيلة.. اتشدت لأخويا آدم وحبوا بعض واتجوزا.. بس بعد ماأخويا سبقني وإتجوزها، إتحجمت في مكاني وكان لازم أتعامل معاها بالرسميات اللي بيننا حالياً.. ودة بقى اللي ما اتحملتهوش، وخصوصاً وأنا شايف بعنيا قصة حبهم بتكبر سنة بعد سنة.. عدت السنين وخلفوا بناتهم اللي طبعاً بقوا حبايب عمهم.. كنت بحبهم لدرجة ان أي حاجة ممكن آدم يرفضها، كانو بيجوا يطلبوها مني أنا... وانا كنت بحب دة جدا، كنت بحس ان حنيتي عليهم بتقربني من امهم وبيبينلها اني عاوز اشوف سعادتها وسعادتهم .. لكن السعادة دي إتحولت لمأساه كبيرة.. والمأساه إبتدت من اليوم المشؤوم، يومها قرروا إنهم يشتروا فيلا جديدة بدل الشقة اللي كانوا عايشين فيها، وطبعاً كان لازم اجيب هدية محترمة لبيت اخويا الكبير، وأنا ماقصرتش.. جيبتها فعلا، ويوم ما جيبتها اتصل بيا اخويا وقالي.. 

_ يعني ياابني كان لازم تكلف نفسك بالشكل ده؟ والله ماينفع.. 

_في إيه يا"آدم" هو في حاجة تغلى على "لارين"  و"كارما"؟.. دول حبايبي مالكش دعوة انت بس.. 

_بس الحاجة حلوة اوي الصراحة، أنت لقيتهم فين دول يابني؟ 

_دة موقع بس عليه حجات وهمية، مش هتتخيل الأسعار هناك رخيصة إزاي.. وبعدين انا شفت عليه حتة جهاز إختراع، وهموت واشتريه.. 

_جهاز!.. جهاز إيه دة، وبعدين فين الموقع ده وإسمه ايه؟ 

_مش هتعرف تجيبه عشان هو موقع غريب شوية وبياخد غلبة ع ما تدخله... عموماً أنا جايلك النهاردة وهوريهولك بنفسي.. 

_تمام خلاص أتفقنا.. 

عدى اليوم وبعد كده روحتلهم وقعدنا، فتحنا الموقع وإتفرجنا أنا وآدم على الحجات هناك، وواحنا بنقلب وريته الجهاز اللي عجبني وعجبه هو كمان.. الجهاز اللي كان عبارة عن ريسيڤر مدمج بجهاز دي ڤي دي، يعني كأنه ريسيڤر ملحق بيه مكان للسيديهات، والميزة اللي فيه، إن أي حاجة شغالة  عالتلفيزيون وحابب تنقلها وتحتفظ بيها على سيديهات، بتنقلها عليه، وكل اللي عليك إنك يادوبك تحط السي دي وتدي الجهاز أمر بالنسخ من هنا لهنا، والموضوع بيتم لوحده.. طبعاً بالنسبة للدماغ اللي بتحب الحجات المتركبة أو الغريبة زينا، فدة إختراع، وعشان كدة اتواصلنا مع الموقع وعرفنا ان تمنه بتكلفه شحنه من بره غالي جداً، وساعتها خدنا الصدمة في تمنه، لكن يومها انا وآدم كنا قاعدين بنتكلم وفي وسط كلامنا لقيته بيقولي... 

_١٠٠٠٠ جنيه في جهاز ريسيڤر!.. ليه يعني، خلاص، من قلتهم هنا عشان أجيبه بالسعر ده؟.. لا ياعم،، اصرف نظر عنه خالص. 

_عندك حق والله يابني، مالهوش لازمة.. بس عموماً أنا هحاول أشوفه في مكان أرخص وأجيبه.. 

_لا لا خلاص يامحمد أنا هبقى أشوف لهم جهاز لاب كمان على اللآب اللي انت بعتته وخلاص، اهو بدل مايتسلوا في التلفزيون، وبعدين كدة كدة إحنا لسة ورانا شغل كتير اوي في الڤيلا، ولسة فين وفين على بال مانفضى ونقعد نتفرج على حاجة، ده حتى كل يوم أنا والبنات بنعمل حاجات في المكان.. 

_طب أنا ممكن أفضي نفسي بكره ياآدم وآجي أشتغل معاكم شوية في الڤيلا.. ايه رأيك!؟ 

في اللحظة دي دخلت علينا "تالا" وفي إيدها ماجات النسكافية وقالتلنا.. 

_أهم حاجة ياشباب وإنتوا بتدورا كدة على الأجهزة، تشوفوا لي غسالة أطباق وماكنة سبريسو وكوفي.. حاكم أنا مش عاوزة أتعب في البيت الجديد ده خالص.. 

رد عليها آدم بسرعة وقالها... 

_ياه عالظلم؟.. وإنتي عملتي حاجة يابنتي من أول ماجيتي؟ 

لما قال كده، كنت هرد بحمقة، لكني داريت حمقتي عشان مايبانش اني بنحاز لها في الكلام.. 

_إيه ياآدم.. أومال مين بيعمل غيرها يعني؟... ماهي متبهدلة خالص اهي.. دي حتى خاسة.. 

_خليك إنت كدة جاملها وقولها كلام حلو لحد ما بتتمرع عليا.. 

بصتيله وضيقت عنيها وقالتله بصوت واطي.. 

_ياااه.. ظالم اوي..

_بس بحبك قوي.. 

نفسي إتكتم، اتخنقت، ومع خنقني قطعت كلامهم... 

_طب بعد إذن اللحظة الحلوة دي.. أجيلكم بكره امتى عشان أساعدكم في شغل الڤيلا اللي فاضل؟ 

بعد ما قولت كده رد آدم.. 

_ماتيجي يابني في أي وقت، أنت مش غريب يامحمد.. 

_خلاص  بكرة الصبح أول ماهصحى هتلاقوني هنا، واهو بالمرة نفطر مع بعض... 

_خلاص.. واحنا هنستناك بكرة... 

وبعد يوم طويل قضيته معاهم، سبتهم ومشيت وانا مستني اليوم بكرة بفارغ الصبر...  وتاني يوم الصبح روحتلهم، وبعد مافطرنا إروحنا للمكان الفاضي اللي بينضفوه ويجهزوه... وهناك حصلت مفاجأة... مفاجأة ساعة ماشفتها إتعجبت جداً وندهت على آدم.. 

_ياآدم؟.. تعالى بص كده! 

_في ايه يامحمد.. مالك؟ 

_تعالى بص لقيت إيه في وسط الحاجة القديمة؟.. تحفة فنية.. 

_إيه.. لقيت إيه؟!  

_بص كده ياسيدي.. مش بيفكرك بحاجة ده؟ 

مسك الجهاز من إيدي وبدأ يقولي بدهشة.. 

_الله!.. دة هو جهاز الريسيڤر، بس هو جه هنا ازاي.. اااه ممكن يكون جه مع الحاجات القديمة اللي جيبتها من برة، ولا ممكن يكونوا اصحاب الفيلا اللي كانوا فيها قبلنا نسيوه.. بس نسيوه ايه، دة شكله مستعمل ومش شغال، ده شكله خرده ياعم ومش هيطلع شغال على فكرة.. 

_ انت فيه ايه، ما انت سمعت سعره بره عامل ازاي، ياسيدي نجرب ونشوفه شغال ولا لأ، مش هنخسر حاجة. 

_ممكن برضه، يلا نجرب.. 

وبدأوا بناته الأتنين يتلموا حوالينا ويهيصوا بصوت عالي، وفي وسط هيصتهم قالتلي بنته الكبيرة "كارما".. 

_عمو.. هو ينفع البتاع ده يشتغل عليه جيمز؟ 

_هنعرف ياكوكي، هنعرف لما نخلص اللي ورانا ياقلبي ونشغله، اصل أنا هقعد معاكم لحد بالليل ومش همشي غير لما اشغله، يلا ياآدم.. يلا عشان نشتغل شوية وبعد كده نبقى نشوف البتاع ده شغال ولا لا..

_ماشي خلاص، سيبته اهو.. يلا نكمل توضيب.. 

وفضلنا شغالين لحد الليل، فضينا المكان اللي كانت فيه الكراكيب كلها ورتبناها، بس كل كنا كل مانقلب في الكراكيب، كنا نلاقي حاجات غالية وقيمة.. اللي طلع منها بايظ اترمى، واللي طلع منها سليم اخدناه، ومن ضمن الحاجات كان هو، الريسيفر.. الريسيفر اللي بعد ما وضبنا شغلته وكل شئ كان تمام وزي الفل، وخلاص كان الوقت داخل على الساعة ١١وكان لازم أروح بيتي ..  وفعلا روحت، ومن بعد اليوم ده، فضلت كل حاجة كويسة لحد ماعدى ٥ أيام بالظبط، وبعد الخمس أيام دول وفي يوم الصبح، قومت من نومي على تليفون منها... من" تالا".. تالا كانت مذعورة وخايفة وبتكلمني بعياط هستيري... 

_الحقني يامحمد، أخوك خلاص إتجنن، إتجنن وعامل عقله بعقل العيال.. إلحقنا وحياة أغلى حاجة عندك.. 

قعدت مكاني وأنا بقولها بإهتمام.. 

_في إيه يابنتي، مالك، إيه اللي حصل لده كله؟ 

_آدم إتجنن يامحمد، طول الليل والنهار قاعد قدام الريسيڤر مش بيتحرك هو والبنات، لدرجة اني مابقتش عارفه أقومهم من قدامه، هو على طول قدامه ومش بيقوم، زي ماتكون فيه حاجة سحراهم في البتاع ده، ومن شوية، لما جيت أطفيه، كلهم قاموا عليا..صريخ وزعيق، ده غير انه مسك البنات وبهدلهم ضرب.. 

_طيب طيب، إهدي وأنا جاي.. نص ساعة وهكون عندك.. 

_بسرعة أرجوك لايعمل في البنات حاجة.. 

_حاضر، سلام.. 

وبعد ما قفلت معاها، قومت جري ولبست ووروحتلهم عشان أتفاجئ بمصيبة بتحصل في بيتهم لأول مرة.. أخويا اللي من دمي وأنا عارف هو قد إيه بيحب بناته!.. كان ماسك البنت الكبيرة مقطعها من الضرب بوحشية من غير سبب، ووأنا بكلمه كان ثاير عليا جداً لدرجة إنه كان هيمد إيده عليا أنا كمان، لكن انا لما شوفت منظر البنت وهي متبهدلة، وقفت قدامه وزعقت فيه.. 

_ ايه اللي انت عامله في بنتك ده؟.. إنت من إمتى وانت كدة؟.. إيه اللي حصل لك ياآدم.. انت اتجننت؟ 

_انت مالك انت وإيه اللي جابك أصلا؟.. أطلع برة بدل ماندمك على دخولك البيت من غير إذني! 

_ياه.. للدرجادي؟ 

_محمد، ماتتدخلش بيني وبين عيلتي.. 

إتدخلت تالا في الكلام بغضب وقالتله.. 

_أنت إيه اللي انت بتقوله ده؟.. دة أخوك اللي معانا على طول.. مالك ياآدم، ماتفوق بقى! 

_وأنتي كمان إخرسي، ويلا.. يلا خشي جوه.. 

ولسه بيقرب منها عشان يزقها، وقفتله وبصيتلها وقولتلها .. 

_خشي من فضلك هاتي مايه وخدي البنات وادخلي جوة.

_حاضر يامحمد.. 

بعد كده سابتني ومشيت ووقفت انل أكلم اخويه بكل هدوء.. 

_وبعدين.. إنت إتجننت ولا إيه؟... انت  قاعد في البيت وموقف حالك ليه؟.. دي حتى الشركة مابقتش بتنزلها!

في اللحظة دي دخلت تالا وجابت المية اللي اخدتها منها واديتهاله بعد ماطلعت وسابتنا.. ومن بعدها بدأت تاني أعيد عليه الكلام بالراحة.. 

_هاه... قولي.. إيه اللي جرى؟ 

بَصّلي وقاللي بعد ماشرب بق ميه.. 

_مش عارف يامحمد.. هتجنن، عقلي هيطير مني، اقولك، طلعهم، طلعهم من قدام عنيا ومن عقلي.. 

حركت دماغي في حركة إستفسار... 

_هم مين دول؟

_ولا حاجة يامحمد.. ولا حاجة.

_ولا حاجة ازاي؟!.. ماتتكلم ياآدم .. 

_يابني مش هتفهمني والله.. أنا مش مجنون، بس فيه حاجات مرعبة بشوفها بعيني ساعة مابشغل البتاع الغريب ده .. 

_زي ايه.. إنطق؟ 

_ زي موتي.. موتي وموت بناتي ياسيدي، أنا شايفنا قدامي بنعمل حجات غريبة وكله من الريسيڤر الزفت ده.

_ لأ إنت كدة فعلا اعصابك بايظة ولازمك راحة.. 

_أنا مش متنيل فيا حاجه، المكان او الريسيڤر دة هو اللي فيه حاجة غلط . 

_طب إهدى.. إهدى وتعالى نروح لدكتور شادي، انا هحجزلك عنده بعد ساعة.. 

رد عليا بعصبيه.. 

_لأ.. مش هتنيل اروح في حته، أنا مش تعبان.. 

_خلاص خلاص.. طب بص، أنا هقولك على حاجة مهمة وهتريحك في نفس الوقت، أنا هاخد البنات وأمهم يباتوا عندي النهاردة، وانت إسترخي كدة لأن شكلك عاوز تفصل منهم.. 

_لا لا تاخدهم ايه؟.. انتوا عاوزين تسيبوني لوحدي ولا ايه؟، لا أنا مش  حابب ابقى لوحدي.. 

_يبقى خلاص، تعالى معاهم عشان تغير جو.

رد بحيره وعنيه بتتحرك في كل حتة... 

_لالأ.. خلاص، انا هبقى كويس، خُدهم وسيبني وإمشي زي ماقولت، وأنا لو في حاجة هكلمك علي طول.. 

_تمام ياآدم، أنا هاخدهم، ولو حابب تبقى معانا، تعالى. 

_لأ خلاص.. روح إنت وهم.. 

كان باين على آدم التوتر والخوف من حاجة مش واضحة، حاجة حتى موضحهاش ولا فسرلنا ماله.. المهم خدتهم ومشيت عشان نروح عالبيت عندي، وبعد ما عملت كده، كنت أول مرة أحس أني سعيد بالطريقة دي، كدة  كل حاجة بحبها معايا.. حبيبتي تالا وبنات أخويا اللي بعشقهم ومافيش في حياتي حد غيرهم أصلا، لكن بعد ماعدت ساعات طويلة وهم معايا... دقت الساعة ١٢ وجه الوقت عشان أستقبل إتصال غريب من رقم آدم أخويه، ودي، كانت أغرب مكالمة حصلت بيني وبينه في حياتي.

_ألو!.. آدم.. ألو!.. آدم إنت كويس؟ 

السكة من الناحية التانية كانت مشوشة وبتقطع وكأن كل الخطوط داخلة في بعض، وفجأة الخط رجع وسمعت صوت ضحكة غريبة.. ضحكة متركبة مع اصوات لطفلة من سن البنات، بس لا لا مش طفلة، دول كأنهم مجموعة أطفال بتضحك مع بعض، ومع ظهور الصوت ده رجعت اسأله من تاني.. 

_آدم.. إنت معايا عالخط؟

بس فجأة حد صرخ في ودني صرخة حادة، صرخة من قوتها التليفون وقع مني وبدأو كلهم يبصولي.. 

_في إيه يامحمد.. آدم كويس؟

_آه ياتالا ماتقلقيش، إطلعي نامي انتي والبنات وأنا هقفل الشقة كويس وهطلع على أوضتي بعد ما أخلص ..  

وفعلا خدت البنات وطلعت قدامي على أوضتهم .. وطلعت بعدها أنا كمان على أوضة نومي، لكن لما رنيت على آدم رد عليا وكأنه وقتها كان نايم، لا والأغرب اني سألته انت كنت بتتصل ليه وقال لي أنه كان نايم ومش فاهم أنا بتكلم عن ايه، فماخدتش واديت كتير، انا لما اطمنت عليه غيرت الكلام بسرعة وقفلت السكة... بس انا كنت مستغرب، هو إزاي بقى هادي كدة! ولو مش هو اللي كلمني بالأسلوب ده، مين اللي اتكلم المكالمة الغريبة دي من شوية؟.. الحقيقة مش عارف، بس بعد ما اتطمنت انه بخير، فضلت كل يوم اكلمه وكان كويس لحد ماعدى عاللي حصل يومين، وبعد المكالمة اياها بيومين ... خدتهم  عشان أروحهم وأطمن على أبوهم، بس اللي شوفناه كلنا من أول مادخلنا الڤيلا كان فظيع.. احنل لما دخلنا الڤيلا اكتشفنا ان لحد نص إرتفاع الدور الأول كدة غرقان مايه وكل العفش اللي موجود تحت الميه، لما شوفنا المنظر بالشكل دة، طلعنا نجري على الحنفيات اللي لقيناها كلها متفتحة وهي السبب في غرق الشقة، وساعة ما تالا شافت المنظر دة سرحت وكأنها إستنتجت حاجة وقالتلي بسرعة ..

_آدم، آدم مش بخير يامحمد.. 

وبسرعة مشيت في الماية اللي مغطية نص جسمها لحد مادخلت للمطبخ وانا كنت داخل وراها وبسألها.. 

_يابنتي انتي رايحة فين؟ أصبري لاتكون فيه سلوك كهرباء   مكشوفة في الميه ولا حاجة، تلاقي آدم بيجيب سباك و..

بس فجأة وقفت وهي بتصرخ.. 

_آداام!... لا ياآدم..

ايوه، آدم كان قدامنا نايم على وش المية وغرقان، جسمه منفوخ عالآخر.. وقفت تالا  تصوت وتلطم وهي مصدومة.. اما أنا فجسمي إتخشب وماقدرتش أتحرك من مكاني..إيه ده؟.. أخويا مات؟... الشخص اللي المفروض سند عمري مات.. لحظات صعبة قضيتها وأنا واقف ومش عارف استوعب اللي بيحصل، تالا كانت منهارة وبتصرخ، والبنات مسكوا فيا وهم بيعيطوا علي أبوهم، وفي وسط ده كله كانت مهمتي اني أدفنه وافضل جنبهم بعد كده.. وعشان كده بعد ما دفنناه ووصلناه لمكانه الأخير.. الحزن كان واضح على الكل، وخصوصاً تالا اللي ماكانتش مستوعبة أي حاجة من اللي بيحصل... كانت قاعده حزينة وساكتة لحظة مادخلت عليها بنتها كارما وقعدت تقول لها كلام في منتهى الغرابة.. 

_مامي.. سكتي لارين من فضلك.. 

_فيه إيه ياكارما؟.. إيه اللي حصل؟ 

_يامامي عمالة تقول بابي راح عند چودي، چودي أخدت بابي، ولما بقولها هي مين چودي دي، قالتلي ان دي اللي قاعدة في الريسيڤر جوة وهتموتنا كلنا.. 

تالا بصت لها وزعقت بعلو صوتها.. 

_لارين؟.. تعاليلي. 

بسرعة جت البنت تجري.. 

_نعم يامامي.. في حاجه؟ 

_إيه اللي بتقوليه لأختك دة؟ إنطقي؟ 

وفي لحظة لارين بصت لكارما وبرقتلها بغيظ وبطريقة تخوف وقالت لأمها.. 

_يامامي دي مجنونة... حد ياخد على كلامها دي؟ 

_ إنتي شايفة يا لارين إن الوقت ده وقت إستظراف؟.. أنا مش طايقة نفسي، بطلي استهبال.. 

بسرعة قاطعتها وقولتلها.. 

_إهدي ياتالا في ايه... إهدي، البنات بيهزروا مع بعض مش اكتر.. 

قاطعتني كارما.. 

_بس هي ماكانتش بتهزر، هي قالت كده بجد.. 

قولتلها بصوت عالي.. 

_خلاص ياكارما... إطلعوا العبوا برة شوية في الجاردن ولا في الجنينة بتاعت البيت.. 

ردوا عليا الاتنين في نَفَس واحد.. 

_أوكي ياأونكل.. 

وطلعوا الإتنين يلعبوا مع بعض وبدأت انا أهدي تالا اللي كانت في حالة صدمة نفسية.. 

_خلاص ياتالا إهدي... سيبيهم يلعبوا وماتنسيش إن بناتك مصدومين زيك.. 

بصتلي والدموع نازلة من عنيها زي المطر.. 

_ليه... ليه يامحمد يروح مني! 

_ قَدَرُه ياتالا... قَدَرُه كدة، مش هتعترضي ومش هتعيشي عمرك كله في حزن.. 

_إيه اللي خلاه يعمل كدة؟.. أنا قصرت في إيه، ده أنا كنت بحبه اوي.. 

قومت خدتها ف حضني وقعدت أطبطب عليها من باب إني اهديها.. ومجرد مالمستها تلقائي من غير ماحس حضنتها جامد وهي كمان إنهارت وفضلت تبكي، ومع حضني ليها لقيت نفسي بقول لها... 

_ماينفعش كدة ياتالا... أنا كدة مش هقدر أسيبكوا وأمشي.. 

مسكت إيدي جامد وقالتلي.. 

_ماتمشيش يامحمد، أرجوك ماتمشيش عشان خاطري، كفاية هو مشي... أنا والبنات محتاجينك معانا .. 

ومع الحروف اللي بنتطقها.. وكأن طلع من بين شفايفها سهم  رشق في قلبي.. هو دة اللي كنت بستناه من سنين، بالظبط من ١٥ سنة، وقت ماشوفتها، ومن وقتها وانا كنت بستنى منها كلمة واحدة.. كلمة تعبر بيها عن انها عاوزاني أو بتحبني أو حتى متمسكة بيا.. ومع الوقت، تعلقي بعيلة أخويه بدأ يزيد وبدأت أكون معاهم على طول، لكن سلوكيات البنات كانت بتتغير للأسوأ، بالذات "لارين"... لارين بدأت تبصلي بصات غريبة وتعامل أختها بطريقة أغرب.. صريخ ورفض لانها تقعد معاها وحاجات ماتعملهاش بنت في سنها، وفي ليلة، على الساعة ١٢بالليل.. لقيت كارما بتصرخ بفزع وبتنادي على تالا.. 

_مامي.. يامامي الحقيني يا مامي.. 

اوب سمعنا صوتها أنا وتالا وطلعنا نجري من أوضنا على البنات... وعلى باب أوضتهم.. سمعت الاتنين بيصرخوا بقوة، فتحت الباب سرعة، ومع فتحته لقيت لارين ماسكة في إيد كارما وبتتنفس بصعوبة... اما كارما فكانت بتحاول تبعد إيدها عنها وهي شكلها خايفة وبتترعش!

_فيه ايه يابنات؟.. مالكوا!.. بتصرخوا كده ليه؟ 

لما تالا اللي واقفة جنبي، قالت كده، كارما شاورت بإيدها ناحية الحيطة.. 

_لارين يامامي... لارين هناك عالحيطة... خرجت من الريسيڤر ودخلت تاني.. 

_أنا مش فاهمه حاجه... خرجت ودخلت إزاي؟ 

_خرجت يامامي ورجعت... كانت بتتكلم بصوت وحش قوي، خوفتني ورعبتني.. 

تالا بصت عالحيط وبصت للآرين وقالت للبنت.. 

_إنتي هتجننيني يابنتي؟ أختك اهي ياروح مامي ! 

لارين طلعت تجري عليها وقالتلها.. 

_والله يامامي انا ماعملت حاجة.. أنا أهو.. 

ومع كلام لارين، بسرعة كارما طلعت تجري على تالا وقالتلها.. 

_دي مش لارين ياماما.. دي مش لارين صدقيني.. 

وفجأة واحنا واقفين، ظهر خيال لبنتين جوة الحيطة، انا بس اللي شوفتهم.. خيال بنت كبيرة وخيال بنت صغيرة.. الكبيرة متكتفة والصغيرة واقفة وكأنها بتضربها بسكينة وبينزل منها دم، اما البنت الصغيرة، ف خيالها كان بيتهز عالحيطة... 

ساعة ماشوفت المنظر إتخشبت، اما تالا فشدت البنتين وأخدتهم في حضنها، ووقت ما كانت خارجة بيهم من الأوضة، سمعت كارما وهي بتقولها..

_دي مش أختي ياماما والله.. مش أختي.. 

وبس.. مرت علينا أيام قليله ولارين وكارما بقوا زي الأعداء الكبار وكأنهم مثلا مخبيين حاجة كبيرة عن أمهم وعني... كارما على طول ساكتة وفي حالة ضعف... أما عن لارين.. ف على طول عدائية وعنيفة وبتكسر أي حاجة في إيديها وصوتها دايماً عالي جدا بطريقة حادة، وغير كل ده، تحسها كده مستنية أي تصرف أختها تعمله عشان تإذيها.. ومن هنا، بدأ التوقيت الأصعب بالنسبالنا كلنا.. في ليلة... وعلى الساعة ١٢بالليل كدن والبيت كله نايم وأنا بس اللي صاحي، وبحكم أن أوضتي جنب اوضة البنات.. شدني جداً صوت همهمة بنت من البنات جوة الأوضة، لكن أنا ماعرفش هي مين... اتاخدت وقومت وقفت بسرعة أتصنت على باب الأوضة عشان أسمع وإتأكد ان الصوت جاي من جوة... ايوه، انا صح، بنت من البنات بتضحك،بس مفيش حد بيرد عليها... فتحت الباب عليهم بسرعة عشان الاقي الاتنين نايمين وغرقانين في النوم، وعلى قد ما اتطمنت، على قد ماقعدت أسأل نفسي، هو اللي أنا سمعته دة إيه؟.. لما البنات نايمين اومال مين اللي كان بيتكلم ؟.. لكن فجأة ومرة واحدة، وبعد ما دخلت أوضتي من تاتي... سمعت صريخ عالي طلع من جوة!.. بسرعة فتحت الباب تاني ودخلت عليهم عشان الآقي الريسيڤر شغال بصوت عالي وجايب فيلم رعب، أما عن المكان اللي بيظهر فيه القناة دي رقمها ايه..  فكان جاي على الرقم١٢.. !

شوفت المنظر بلمت... اما البنات ففاقوا مسروعين على صوته وجت تالا تجري من أوضتها على أوضة البنات وسألتهم بخوف والنوم لسة في عنيها.. 

_فيه إيه تاني يابنات.. بتصرخوا كده ليه؟ 

_چودي يامامي... چودي طلعت من الريسيڤر وقالتلنا أنها هتطلع كل يوم  عند الرقم ١٢بتوقيت الريسيڤر.. وقالت كمان أنها هتاخدنا زي ماخدت بابا.

لما واحدة من البنات قالت كده، قاطعتها تالا بسرعة.. 

_يادي چودي اللي طلعت لي في المقدر دي!.. طب لو إنتي موجوده ياست چودي وريني نفسك.. ولا.. ولا انتي بتلعبي معاهم هم بس؟

في اللحظة دي لقيتني بشدها من ايدها بالراحة عشان آخدها ونمشي من الأوضة احنا والبنات... لكنها وبغضب شدت أيدها مني وفضلت تصرخ وتقولي... 

_بس.. سيبني بقى... إطلعي ياچودي، أنا عارفه ان البيت دة فقر من ساعة ماخدناه، أنا تعبت، اتنيلي إطلعي بقى لو موجودة بجد.

وفجأة.. الريسيڤر بدأ يتهز وطلع منه جزء من ضافر طفلة لونه إسود، وفي نفس الوقت ظهرت عين من المكان اللي بيظهر فيه الارقام وبصت شمال ويمين وإختفت فجأة، ومع اختفاءها ظهرت بعدها الارقام عادي!

تالا اول مل شافت اللي حصل وقعت في الأرض وانهارت، طب والبنات.. البنات فضلوا يصرخوا، وبسبب صراخهم كنت في عز لبختي، مش عارف أعمل ايه وألحق مين ولا مين!... بس لا، انا مش هفضل واقف اتفرج، انا بسرعة شيلت تالا وقومت البنات وخدتهم معايا في أوضتي وبدأنا نفوقها... ماهي طول ماهي مش بخير، أنا قلبي بيتقطع...

عدت ساعة عاللي احنا فيه ودماغي كإنها في صراع معايا... عقلي بيقوللي إنت إيه اللي أنت عملته ده، وقلبي بيقولي إخرس، هو دة طلبك، هو دة اللي كنت بتحلم بيه، خلاص هانت وحلمك هيحصل خلاص وهتتجوزها...  اما الجزء الحي من ضميري فكان بيقولي.. يعني انت كدة مرتاح يعني؟... إنت السبب فى كل اللي حصل... مبسوط لما عيله كاملة زي دي إتدمرت عشان خاطرك؟

في اللحظة دي بدأت أبكي ف صمت وأنا بضغط ع عنيا ودماغي وكإني بقول لمخي اخرس.. وسكتت، سكتت عشان ماينفعش أتكلم.... سكتت لأني لو أتكلمت هتفضح .

ومع سكوتي وصراعي مع نفسي، فاقت تالا وقررت إن البنات يناموا معاها في أوضتها.. عدت أيام مش كتيرة وناموا في اوضتهم تاني.. لكن كانت كل ليلة بتتكرر نفس الحاجات اللي بتحصل .. والمرة دي، ماكانتش أول مرة تحصل المأساة، بس البنت المرة دي كانت واقفة لأختها بسكينة، ايوه.. لارين في الليلة دي كانت واقفة وبينها وبين أختها خطوات والسكينة في إيديها، وعلى صوتها دخلنا وهي بتصرخ بعزم مافيها وبتقول لكارما...  

_أنا فتحت المية بتاعت البيت كلها، وانتي خدي المنوم دة ويلا عشان نكمل الحكاية بتاعت كل مرة .. 

لكن ردت كارما عليها بسرعة وقالتلها.. 

_لأ مش هعمل كده، إبعدي عني، يامامي ياعمو إلحقوني.. 

واول ما قالت كده قربنا منها، ومع قربنا شوفنا لارين وهي بترفع السكينة وهترشقها في قلبها، بس انا بسرعة، مسكت ايدها من الهوا وقبضت على السكينة بإيدي عشان تشدها وتفتح إيدي، وبعد ما عملت كده، رمت السكينة وجريت على سريرها، وقتها تالا كانت محتارة تشوف البنت واللي بيجرالها... ولا تشوف أيدي أنا!... وعشان اطمنها واهديها بصيت لها وقولتلها...

_ماتخافيش ياتالا، متخافوش انا بخير.. 

_مخافش؟.. ماخافش أزاي بس؟ أنا مش عارفه إيه اللي بيحصل ده!... روحي ياكارما بسرعة هاتي فوطة نضيفة من درج الفوط بتاعت المطبخ من فضلك.. 

قولتلها وأنا بتوجع... 

_آه... إستني أنا هقوم... أنا تمام وهبقى كويس، ماتقلقوش.

وبعد شوية... خرجنا من الأوضة وربطت إيدي وبقيت كويس وبعد كده طلعنا للآرين، والغريب إنها كانت قاعدة تاني ساكتة وبتتفرج على فيلم رعب قدام الريسيڤر.. الريسيفر اللي اول ماشافته تالا، قربت منه، ولسة بتشده بسلوكه وكل حاجة فيه على أساس انها تكسره، صرخت فيها بسرعة وقولتلها.. 

_لأ ياتالا.. أوعي تعملي كدة أرجوكي، احنا ممكن كلنا نموت.. 

برقتلي باستغراب وقالتلي.. 

_كلنا نموت؟... انا مش فاهمه حاجه ومش مهم افهم، انا المهم بالنسبة لي اني أكسر البتاع ده. 

شدت تالا الريسيفر، اما لارين ففضلت تصرخ بهستيريا لدرجة ان صريخها ضايقني وخلاني روحت ناحية تالا..

_أرجوكي ياتالا بلاش تإذيهم لحد مانعرف إيه الحكاية اللي ورا الجهاز الغريب دة  .. 

_آذي مين... فهمني! 

رديت عليها بتهتهة.. 

_أء، ءء، بصي بقى من الآخر!... الريسيڤر دة مش ريسيفر طبيعي.. 

فجأة وأنا بتكلم لارين قامت من مكانها وحطت ايديها الإتنين على ودانها وطلعت تجري على جنينة الفيلا وكارما جريت وراها، وبمجرد ما خرجوا بدأت أكمل كلامي مع تالا.. 

_طب تعالي نتكلم بعيد عن الجهاز.. 

_لا.. فهمني الجهاز دة فيه إيه؟ 

قولتلها بتوتر.. 

_الجهاز دة... الجهاز دة يمكن مسكون وعليه أرواح.. 

بصتلي وضحكت بطريقة هستيرية.. 

_انت طلعت مشعوذ ولا إيه؟.. إيه الكلام اللي انت بتقوله دة.. وإنت عرفت منين أصلا! 

وطيت راسي في الأرض وقولتلها بخجل... 

_ماهو... ماهو أنا اللي جايبه.. 

_انت اللي جايبه؟.. جيبته إزاي ومنين وجبته ليه؟.. هو مش انتوا لقيتوه في أرض الجنينة وانتوا بتنضفوها؟... إزاي بقى انت اللي جبته؟ ووديته هناك ليه من الأساس وسيبتنا ندخله بيتنا.. فهمني ايه اللي بيحصل حالا.. 

_ الأول وقبل ما أقول أي حاجة ماتستغربيش مني... انا جيبته بغرض التسلية، ايوه.. قولت نشوف الكلام دة حقيقة ولا خيال، بس انا ماعرفش.. ماعرفش انه حقيقة.. 

_ماتنطق على طول، ايه الحكاية، هو ايه  اللي حقيقة ولا مش حقيقة.. ما تتكلم.. 

_الجهاز دة مسكون... وعلى مايبدو إن چودي هي الروح اللي سكناه ومسيطرة عليه بالشر دة.. 

خدت نفس عميق وقالتلي بغيظ.. 

_محمد!.. لو سمحت إتكلم على طول..

_حاضر.. انا بصراحة كده جبته من موقع غريب بيبيع الحاجات النادرة بأسعار كويسة .. 

_موقع إيه؟ 

_بُصي ياتالا، أنا هحكيلك بصراحة وانتي أرجوكي إستوعبي اللي هقوله.. ممكن؟.. أنا من فترة كدة لما لقيت آدم عاجبه الجهاز ده، بحثت عنه ولقيته موجود... بس في موقع للأشياء النادرة أو الملعونة، لقيته فيه وبأقل من تمنه، لأ دة يمكن ببلاش.. فقولت أفرح آدم بيه وجيبته عشانه، مع إني عارف.. عارف أنه فيه خطورة عليكم، بس.. 

قاطعتني.. 

_بس إيه؟... يعني اللي بيحصل ده كله، بيحصلنا بسبب الريسيڤر العجيب دة؟.. لا وايه، كمان بتمنعني من اني أكسره؟ 

ومسكت الريسيڤر من غضبها وفضلت تخبطه في الحيطة لحد مابقى ستين حته، وبعد ما اتكسر، هبدته في الأرض وقالتلي وهي بتبصلي وأنا في حالة ذهول.. 

_تبقى توريني بقى ست چودي بتاعتك دي هتعمل فيا ايه أنا وولادي، اهو الريسيڤر بقى متدشدش اهو..

وقت ما كانت بتقول كده.. حصلت كارثة، كأن الأوضة بلعها إعصار... رياح وتكسير وخبط ورزع!.. ومع ده كله وقفت تالا تصرخ في وشي.. 

_إنت السبب في اللي احنا فيه.. إتصرف.. اتصرف وألا وربنا ما هسيبك على عملتك المهببة دي..

بعد ما قالت كده خرجنا من الأوضة، وبعد خروجنا ووقت ما كانت عمالة تزعق، صرخت فيها

_ممكن تسكتي شوية.. او عالأقل اطلبي من ربنا انه ينجينا كلنا.. 

وقفت تخبط ف كتفي بغيظ.. 

_ماهو كله بسببك.. كله بسببك ياشيخ حرام عليك.. 

رديت عليها بغضب.. 

_خلاص بقى، وبعدين بتلوميني ليه، مش انتي اللي روحتي حبيتيه وأتجوزتيه ومارعيتيش شعوري؟!.. هو دماغه غريبة كدة وحب انه يبقى عنده الريسيڤر العجيب ده وانا جبتهوله وحصل اللي حصل وخلصنا.. خشي يلا لمي هدومك انتي وهم عشان نروح على بيتي.. انتوا التلاتة مالكوش قعده هنا لوحدكوا.. 

بعد ماسمعت كلامي وحسيت انها مصدومة قالتلي بغضب.. 

_مالكش دعوة بينا.. امشي في ستين داهيه بعيد عننا ومالكش دعوة بيا أنا وبناتي .. 

قولتلها بغضب تاني.. 

_أنا قولت يلا عشان انتو التلاتة مش في امان هنا... يلا واسمعي الكلام... 

مشيت من قدامي وهي بتعيط... وبسبب الوضع اللي كان فوضوي في البيت، وافقت إننا نمشي.. لمينا هدومنا وكل حاجه لزمانا وروحنا مع بعض على بيتي عشان أتفاجئ بأغرب حاجة حصلتلي في حياتي... الشقة كلها غرقانة مايه لحد نصها، مع العلم ان مفيش ولا حنفيه مفتوحة ولا أي حاجة منسية، طبعاً الخوف اللي ماسكنا كلنا كان مخلينا مش عارفين نفكر في حاجة من كتر الرعب... وفضلنا قاعدين في أماكننا بره لحد ما أنظمة الصرف اللي شغلتها نشفت كل الميه اللي كانت متحوشة في الشقة... والحقيقة اننا قضينا يوم صعب، يوم اتبهدلت فيه عقبال ما طلعت كل حاجة في الشمس، وبعد ما عملت كده، قولتلهم إننا هننام في الدور اللي فوق كلنا لحد ما الدور اللي تحت ينشف... وبعد ماطلعنا ننام!... لقينا الريسيڤر في الأوضة اللي البنات كانت بتيجي تبات فيها ساعات... هنا زاد رعب البنات وأمهم وأنا كمان الصراحة... ماهو أنا مش فاهم ايه حكاية المصيبة اللي معانا دة وكان لازم أفهم الحلقة المفقودة .. لازم افهم ايه حكاية الزفت ده...

بس زي كل ليلة، وكأن اللي بيحصل شريط بيدور كل يوم .. 

الساعة ١٢بالليل .. وكأن الريسيڤر عمل لنفسه توقيت خاص... وعند اللمبات الحمرا اللي في الريسيڤر، ومع دقت الساعة ١٢.. الريسيڤر ظهر عليه الرقم ١٢وبدأ يشغل نفس فيلم الرعب... ومرة واحدة إشتغلت الشاشة على الحيطة، او هي مش شاشة، هي زي خيالات ابتدت تظهر واحدة واحدة لحد ما بقت واضحة.. واللي بدأنا نشوفه قدامنا ونسمعه هو حوار بين طفلتين إخوات، واحدة في سن سبع سنين وواحدة تقريبًا في سن تسعة...  البنت الصغيرة هي اللي كانت بتكلم الكبيرة بعنف وبتقولها.. 

_ إخرسي خالص، أنا بقى هعرف أخليهم يبصولنا إزاي ويفتكروا اننا لسه هنا .. 

_ياچودي أرجوكي إبعدي عني، كفاية تصرفاتك اللي كلها غلط في غلط. 

_اخرسي انتي.. وبعدين فيها إيه لو فضلتي تسمعي كلامي؟ 

_ لأ مش هسمع كلامك.. إنتي قتلتي القطة اللي مالهاش ذنب عشان تقولي إن في دم في الأوضة وتلفتي أنتباههم لينا، وبرضه ما اهتموش، فاضل تعملي إيه تاني؟ 

فجأة خيال سكينة طلع  لفوق وغرس في كتف البنت الكبيرة وطلع تاني، وفي اللحظة دي، ظهر عالحيطة خيال لدم سايل طلع من كتفها وهي بتصرخ، ومع الدم، ظهروا راجل وست كبار بيجروا عالأوضة.. الراجل مسك الست وفضل يزعق  لها ويضربها، وبعد كده سابها ومشي وكأن مفيش حد أتصاب.... لكن الست، او الأم بحسب ما فهمت، خدت البنت وجريت على برة بعد ما ضربت التانية بالقلم... كل دة كان قدامنا وشايفينه وكأننا بنتفرج على فيلم من أفلام خيال الظل.. 

غريب جداً اللي بنشوفه لدرجة تخلي الواحد يفقد أعصابه.. 

كل ليلة وفي نفس الميعاد لازم تتكرر الأحداث المرعبة دي لحد ماكرهنا البيت باللي فيه... وبعد ما عدوا يومين على اللي بنشوفه كل يوم... وبقينا عارفين توقيت الريسيڤر واللي هي الساعة المشؤومة، قررنا قرار أنا وتالا...قررت أني أبحث عن تاريخ الريسيڤر على نفس الموقع اللي جايبه منه، بس مافيش فايدة، حاولت أجيب معلومات عن أي تجربة زي اللي إحنا بنعيشها بس مالقيتش... وفضلت ادور وابحث لحد ما بالصدفة لمحت مقال مكتوب فيه معلومات بسيطة عن الريسيڤر وعن الحادثة بتاعت الريسيڤر، وساعتها بدأت أنا وتالا نقرا المعلومات اللي كانت مكتوبة.. 

"چودي قاتلة العائلة... أرواح عالقة في الريسيڤر.. هل توجد أرواح تتعلق بالأغراض المنزلية؟... من القاتلة؟.. چودي أم مجرم آخر؟!"

وبدأنا نقرا المعلومات اللي موجوده واحدة واحدة بس كلها كانت معلومات مش كفاية عشان نفهم الحكاية... ومرة واحدة ظهر قدامنا عنوان قصير... "كل مايحدث بتوقيت الريسيڤر"... لفت العنوان إنتباه تالا وقالتلي بسرعة.. 

_دوس على دة كدة بسرعة.. 

فتحت العنوان ولقينا الحكاية موجودة في المقال ده... واللي كان الوحيد اللي كاتب عن الموضوع كل حاجة.. وكان محتوى المقال كالآتي.. 

"متهملش أطفالك مهما شغلك عنهم الزمن..

كون معاهم في كل وقت.. ماتكررش أخطاء ممكن تكلفك حياة عيلة كاملة... أنا كنت أم مهملة في حق بناتي... چودي ودارين بسببي وصلوا لمصير أسود، بناتي الإتنين ماتوا.. واحدة قتلت التانية بسبب تقصيرنا وإهمالنا أنا وأبوهم.. 

أنا اختارت نجاحي الصحفي وركزت في لمعان إسم مريم مروان كصحفية، اما بناتي، ف مابين أم صحفية بتكبر إسمها يوم بيوم وشهر بشهر... وأب مخرج ملهي بين الفنانات والفنانين، اب مش دريان بيهم ولابيا وبيعالج أي مشكلة أو غلط  بضرب وعلقة محترمة وخلاص... ومع الوقت فترة خلافتنا طالت ونسيناهم مع إنشغالنا، نسيناهم بالرغم من اننا كنا في بيت واحد.. ومع إنشغالنا برضه، بنتي الصغيرة چودي أدمنت... مأدمنتش المخدرات، دي أدمنت الأبشع، أدمنت أفلام الرعب لدرجة إنها راحت بنفسها إشترت من عالنت بالكارت بتاع باباها ريسيڤر حديث، كان عبارة عن ريسيڤر ملحق فيه مكان للسيديهات وطبق أوروبي فيه كل القنوات المتاح عليها  أقوى أفلام مرعبة.. وبعدها أصبح كل شغلها الشاغل فرجتها على أفلام الرعب ونسخها على سي دي وتنفيذ اللي بيحصل فيها بالحرف.. و كل يوم الساعة ١٢.. كان لازم تقعد تتفرج على النوع دة من الأفلام لحد ماحضرت بتعويذة من الافلام روح شديدة ومؤذية، الروح لبستها وخليتها تأذي أكتر، مرة ضربت أختها بالسكينة... وقبلها موتت القطة، وكل شويه كانت تحاول تأذى أختها بشكل مش طبيعي... وفي يوم من الأيام اللي هي عملت فيها كدة، فتحت أيد اختها بالسكينة، يومها أخدت أختها وطلعت أجري عالمستشفى عشان تتخيط.. ولما رجعت!... كانت عملت أول جريمة كاملة في حياتها.. الروح اللي لبساها خليتها كتفت أبوها وربطته في كرسي وفتحت حنفيات الماية وسابت الشقة وطلعت وقفلت الباب وراها.. ولما رجعت بعد ٣ساعات، ولسة بفتح باب الشقة!... لقيت الماية مقابلاني زي الطوفان والشقة كلها غرقانة، وقتها عيني لمحت الكرسي الواقع واللي مكتفه فيه أبوها، كان مابينطقش، سابته لحد ماغرق ومات، ولما دورت عليها ولقيتها برة البيت وسألتها ليه عملتي كدة؟!.. نكرت كل حاجة وقالتلي إن كل اللي حصل ده مش هي اللي عملته.. ولما بصيت على فيديوهات كاميرات الشقة، لقيت انها هي اللي عملت كل حاجة وظاهرة في الكاميرات وكأن راجل هو اللي بينفذ ، ولما بدأت أواجهها، عيطت وحكتلي على كل حاجة وقالتلي إنها مش عاوزة تبقى كدة تاني، وانا فعلا صدقتها وبلغت البوليس وقولت ان الكاميرات عطلانة، وانتهت القضية بأن جوزي انتحر، لكن دي كانت غلطة، انا فوقت على كارثة أكبر... مع دقة الساعة ١٢ سمعت صوت صريخ، ولما طلعت أجري عشان اشوف في ايه، لقيت بنتي الصغيرة قاتلة أختها الكبيرة ومنتحرة... من وقتها والريسيڤر بقى بيجي عند الساعة١٢ ويعيد قدامي كل اللي حصل لوحده... وكأن روح چودي سكنته... 

أنا خلاص فقدتهم كلهم... أنا في حالة صدمة نفسية ومش عارفه أعمل إيه... انا.. انا بقيت بشوفهم كلهم وبيظهرولي على شكل أرواح... وبسبب ده كله أصبح مصيري مجهول، انا معرفش أيه هيحصلي، لكن كل اللي هقدر أقوله وملخص المقال زي مابدأته... نصيحه مهمة، ماتهملوش أطفالكم لحد مايحصل لهم زي ماحصل لبناتي"

ودي كانت نهاية المقال.. المقال اللي بعد ما قرينها بدأت تالا تسألني.. 

_يعني ايه؟ يعني انا كدة ولادي هيروحوا مني هما كمان؟

ومع كلامها ده.. لقينا لارين داخله علينا من برة وماسكة حتة حديد مدببة ببوز في إيدها وعليها دم وإديها مليانة دم وبتتنفض... تالا وقفت تبصلها وكأنها فهمت اللي عملته، وبسرعة جريت ناحيتها وفضلت تصرخ فيها.. 

_أنتي عملتي إيه؟.. أختك فين؟.. انتي عملتي إيه انطقي؟ 

البنت بصت لها ووقعت من طولها... وقفت جنبها تالا تصرخ وجريت أنا عشان أشوف كارما... لكن لما وصلتلها كانت قتلتها!.. رجعت لتالا بالعافية وانا بعيط.. وبمجرد ما وقفت قدامها بصت لي وصرخت.. 

_هي فين؟... بنتي فين؟.. هي.. هي ماتت؟!

هزيت راسي بالإيجاب من غير ولا كلمة، بعدها طلعت تجري وهي بتصرخ وكانت عاملة زي المجنونة... ايوه لارين قتلت كارما، وبعد ماقتلتها بأيام دخلت في حالة غريبة وبدأت تهلوس ..ولما الشرطة جت والبنت اتنقلت المستشفى... إستغلت الليل وكتبت رسالة بأن جودي عاوزاها معاها وسابتلنا الرسالة وموتت نفسها....

بنت اخويا لما حست بالذنب ناحية اختها إنتحرت..لكن أنا أجبن من كدة ومش قادر أعمل زيها بعد ماكنت سبب في موت أخويا، أنا كنت السبب في موتهم كلهم.. انا السبب في ان تالا فقدت الكل ومفضلش غيري أنا، وهو دة اللي كنت بحلم بيه.. لكن اللي حصل وقتها ان تالا زهدت الحياة وكأنها إتجننت أو عقلها راح.. واللي خلى حالتها تسوء انها بقت تشوف بناتها  الإتنين وچودي وأختها وجوزها قدامها.. بس كأشباح.. بس انا.. انا حاولت كتير.. حاولت كتير اني أرجعها لطبيعتها لكني فشلت.. ايوه، انا كل اللي عملته فشل.. وكل اللي كسبته اني أذيت اخويه وبناته وماسيبتش مراته اللي هي الأنسانة الوحيدة اللي حبيتها تعيش سعيدة بسبب أنانيتي.. طب ودلوقتي؟!.. دلوقتي تالا في مستشفى الأمراض المجانين.. اما انا.. فانا.. ثواني.. انا وانا بكتب الكلام ده في أوضتي سامع اصوات غريبة.. والريسيفر.. الريسيفر ماعرفش جه هنا ازاي.. ولا عارف ازاي الوقت سرقني والساعة بقت.. بقت ١٢...

(لا.. لا ياآدم.. آدم.. سيب رقبتي.. بمووت...)

"صرخة وضحكة طفلة...

تمت.. 

 

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

اترك لنا تعليقًا ينم عن رأيك بالمحتوى