الفصل الرابع روايه ثلاثي الأبعاد بقلم أمل عبد الله
تأففت رنا وأبعدت الحاسوب عنها بحنق وهي تقول بغضب :
تباً لذلك الأبله ..لقد افسد فرحتي بالتجربة الأولي للبرنامج .
كانت مغتاظة لأنه حقر من عملها ومجهودها لكنها ستثبت له وللجميع نجاحها بهذا البرنامج فالعمل عليه هو من هون عليها فراق الأحباب فيكفي ويزيد ما هي به الآن من فشل بحياتها ؛لكنها ستحرص علي أخذ إرثها من عمها عند وصولها للسن القانوني ؛ولن يستطع منعها من الرحيل وقتها ؛فبالرغم من أنه يعاملها الآن بطريقة حسنه هو ؛وزوجته ألا أنها تعرف أنها ستري الوجه الآخر قريباً عندما يرغب عمها في الحصول علي صفة رسمية لعلاقتها بسامح ؛لكنها لن تسمح أبداً بذلك سمعت رنين هاتفها فنظرت له وهي تتأفف مجدداً فالساعة أصبحت الثانية عشر ,ولم تنتهي بعد
فردت علي نسرين قائلة :
نعم يا نسرين تقريباً مستعدة أعطيني فقط عشر دقائق وبعدها سنجرب الجهاز مباشرةً سوياً .
************
كان سامح يحترق من الغيظ بغرفته ..فتلك السخيفة الجريئة الوقحة تطلب من شاب مثله أن يزور غرفتها بمنتصف الليل ؛أليس لديها عقل ليفكر ,وتتحدث عن ماذا ؟ جهاز غبي عن الأبعاد الثلاثية ,وكأنه ولد للتو ؛نظر بساعته التي أصبحت الثانية عشر والربع ؛لابد أنها الآن تلعب بهذا الشيء السخيف مثلها ..كان الشيطان يتلاعب بعقله وفضوله يكاد يقتله ليطلع علي ما تفعله ..وطبعاً الفضول ليس عن البرنامج فقط ...تباً لكل شيء سيذهب ليري ما تفعله تلك المأفونة تحرك من غرفته بحذر فلن يحب أن يتم مسكه بواسطة والده أو والدته وعندما وصل لغرفتها تنفس بخشونة ثم طرق علي بابها وأنتظر بصبر كي تفتح لكنها لم تفعل وسمعها تقول شيئاً فظن أنها تدعوه للدخول فدخل بهدوء وقلبه يخفق بعنف فوجدها تتحدث علي الهاتف لأحد ما وتقول غاضبه :
أنه فلاح جلف أحمق لا يقدر مجهودي ,وأنا أكرهه كثيراً ولا أطيق رؤيته ؛وبالتأكيد لن أتزوجه ؛دعينا نبدأ الآن لقد انتهيت.
شعر بالدم يغلي بعروقه فيبدو أنه فهم خطأ وهي لم تدعه للدخول ,وها هو رأيها به تقوله لأحدهم بمثل هذا الوقت وهو كالغبي قد بدأ يتأثر بها ؛ظهرت القسوة علي ملامحه وهو يفكر بطريقة ينتقم بها من تلك المدللة فقال لها بخشونة :
هل انتهيتِ حقاً ؟
التفتت بسرعة ولسبب ما شعرت بالانتصار عندما وجدته أهتم وأتي ليحضر التجربة لكن هذا لم يمنعها من أن تعنفه قائله له :
كيف تدخل دون أن تطرق الباب ؟
قال بسخرية رداً عليها :
لقد طرقت الباب لكن يبدو أنك كنتِ مشغولة مع أحدهم .
ونظر للحاسوب ,ولاحظ فتاة جميلة ذو شعر أسود طويل علي الشاشة هل هذه هي صديقتها التي تتحدث عنها فقالت هي علي السماعة :
نعم هذا هو سامح الذي حدثتك عنه .
ثم قامت بتفعيل مكبر الصوت فقالت نسرين له :
مرحباً يا سامح أنا نسرين ؛لكن يبدو أن رنا لم تفيك حقك بالوصف فأنت حقاً وسيم .
بالتأكيد هو يعرف أنه وسيم لقد سمع هذه الجملة كثيراً من بعض النساء لذا هذا الأمر لا يجعله يشعر بالإطراء فقال لنسرين :
حسناً ؛إذن لست ذلك الفلاح الجلف كما وصفتني هي .
ضحكت نسرين بينما شعرت رنا بالخجل هل سمعها ؟ وليكن هذا رأيها ولن تغيره مطلقاً فقالت نسرين وهي تبتسم له :
مستحيل أن تكون بهذا الوصف ..فأنت تبدو لي شاب لطيف جداً .
هل نسرين تغازله الآن ؟.. شعرت رنا بالحنق الشديد وقالت لهم بغضب :
لقد تعرفتم وانتهي الأمر هلا بدأنا الآن ؟
ثم نظرت له بحنق وقالت له :
قلت أن لدي شقيقتك صندوق ثلاثي الأبعاد أحضره الآن ستحتاج إليه بالتجربة فأنا ونسرين نمتلك واحداً .
شعر سامح بالغيظ كونها تأمره ونظر لها نظرة صارمة وقال :
أذهبي أنتِ لإحضاره ..فلا أريد أن يتم رؤيتي بغرفتك ..أن كنتِ لا تعرفين هذا بمثابة فضيحة لكي وليس لي .
نظرت له رنا ببلاهة تود قتله وهو بكل برود وصف لها مكان ذلك الصندوق فخرجت بحنق من الغرفة لإحضاره لكنها لم تجده بالمكان الذي وصفه مما أضطرها للبحث عنه وهذا أخذ منها كثير من الوقت فعادت لغرفتها وهي علي وشك الانفجار وما جعل أوردتها تحتقن فعلاً هو رؤيتها لسامح يجلس براحة علي أريكتها المفضلة ويتحدث مع نسرين بأريحية وهو يضحك وسمعت نسرين تقول له بإعجاب :
أنت حقاً خفيف الظل ؛مستحيل أن تكون فلاح كما نري بالتلفاز .
فقطعت حديثهم قائلة بسخرية :
لا تدعي المظاهر تخدعك يا نسرين ودعينا نبدأ .
نظر لها سامح بغضب لسخريتها منه ,ووجدها تأخذ الحاسوب وتضعه علي المنضدة في مواجهة الأريكة وجلست بجوار سامح فوجدته يحاول الابتعاد قدر المستطاع عنها حتى لا يلمسها فأصابها الحنق الشديد هل يكره ملامستها عرضاً ؟.. ذلك الجلف الأحمق نظرت رنا لسامح ونسرين قائلة :
سأختار فيلم عشوائي وسأفعل البرنامج لكن أولاً دعني أقوم بتوصيل صندوق المشاهدة الخاص بك أولاً بالحاسوب بسلك خاص كما فعلت مع صندوقي وكذلك فعلت نسرين أنتظر سيأخذ هذا بعض الوقت .
قال سامح بسخرية :
وما فائدة هذا السلك ؟
قالت له دون أن تنظر إليه بسبب انشغالها بتوصيل السلك بطريقة معينة :
أن لم أقم بتوصيل الصندوق ببرنامجي سيكون صندوق مشاهدة عادي هل فهمت ؟؟...
بالتأكيد لم يفهم شيئاً لكن فصبراً جميل ليري ما ستفعله أولاً فقالت نسرين له :
أنا متشوقة جداً لتجربة البرنامج ..أتعرف أن رنا تعمل به منذ سنة كاملة ..ولم تخبرني بطبيعته سوي منذ فترة قليلة .
سنة كاملة ! أندهش سامح وتمني ألا يُصدموا جميعاً بنتيجة الجهاز التافهة العادية ؛فما الذي يتوقعه من فتاة مدللة مثلها ؟ فهي تعتقد أنها اخترعت الذرة ابتسم بسخرية ولم يقل شيء ونظر لها وهي تعمل بهمة و كأن هذا أهم شيء بالكون وبعد أن انتهت أعطته الصندوق الصغير وقالت بحماس :
.هيا الآن سنبدأ سأقوم بتشغيل فيلم بالتأكيد تعرفونه وهو .night at the museum..
نظر لها سامح وقال ببساطة :
لكني لا أعرفه ..ولم يسبق لي مشاهدته .
نظرت له بذهول هي ونسرين وقالت رنا :
من أي عصر أنت ؟ فـأنا لا أتخيل أن هناك شخص واحد لم يره فهو فيلم ناجح جداً ومن لم يره لدية خلفية عنه بالتأكيد .
نظر لها وقال ببساطة :
ليس الجميع لديهم وقت فراغ مثلك فأنا لدي عمل ولا أستغل وقتي الفارغ في التفاهة .
تفاهة ؟ شعرت رنا بالغيظ وقالت له نسرين :
لكن مشاهدة الأفلام الممتعة ليس تفاهة صدقني ,وهو فيلم كوميدي خفيف ولذيذ .
هز رأسه بلا اهتمام وقال :
وليكن قومي بتشغيل أي شيء فلا يهم .
نظرت له بحنق شديد وقالت غاضبة :
أولاً أنا سأقوم بتشغيل الجزء الثاني من الفيلم لذا يجب أن يكون علي الأقل لديك خلفية عن المضمون .
قال بحنق وقد بدأ يفقد صبره :
لا أريد أن أعرف ...وهيا انتهي فلدي عمل باكراً .
نظرت له رنا هذه المرة تريد تكسير رأسه وقالت له بغضب وحنق :
أن كنت تكرمت وأضعت وقتك الثمين للاستماع للهراء ..يمكنك الذهاب ولا أهتم لرأيك .
كان وجهها أحمر كالجمر ورغم غضبه منها لوهلة فكر أن عليه تهدئة الأمور ليري نهاية هذا الشيء فقال متمالكاً أعصابة :
وليكن تفضلي صدعي رأسي بالهُراء .
هل تطرده الآن من غرفتها ؟؟...عليها فعل ذلك قبل أن تصاب بأزمة قلبية ..لكنها تمالكت أعصابها عليها أن تجعله يعترف بعملها أولاً ثم تنبذه ولن تسمح له مجدداً بالاقتراب من برنامجها فضغطت علي نفسها وهي تقول :
الفيلم عبارة عن شخص يعمل بمتحف كحارس أمن ..وبالليلة الأولي بالعمل يكتشف أن كل التماثيل حية وتتحرك حتى الحيوانات وكل هذا بسبب لوح فرعوني وأحدهم يحاول سرقة اللوح وبنهاية الفيلم يسترده ويقوم بدعاية للمتحف تجعل المتحف شهير وناجح .
نظرت له لتري ردة فعله ..لكن كانت ملامحه هي ..هي لا تتغير وبعد لحظة قال :
أهذا كل شيء ؟؟..لنبدأ إذاً .
شهقت رنا بينما سمعت ضحكة نسرين ..هل تضحك تلك البلهاء ؟ استدارت حتى لا تفقد أعصابها وقالت بغيظ :
و الآن سأبدأ ..وليلهمني الله الصبر .
تنفست بتوتر ورغم أنها في التجارب البسيطة السابقة أثبتت لنفسها أن هذه التجربة ستكون ناجحة لكنها مازالت متوترة أرتدي الجميع ذلك الصندوق الصغير المخصص للمشاهدة و....بدأ العرض وللوهلة الأولي حبست رنا أنفاسها مبهورة وكذلك فعل سامح ونسرين فالعرض كان حقاً حي كل شيء أمامهم كان مجسم بشكل حقيقي نظر سامح حوله مندهش فتلك الصغيرة خيبت ظنه أنها حقاً موهوبة ...لقد جرب ذلك الصندوق قبلاً ورغم الإحساس بأنك داخل مقطع الفيديو إلا أنك مازلت متفرج بينما هنا أنت تشارك الحدث كان بطل الفيلم أمامهم حقاً وكأنك تراه علي الطبيعة ويمكنك التحدث معه .....والمذهل بالأمر أن نسرين أصبحت معهم داخل العرض كلياً فنظر سامح لها بذهول وهي أيضاً قالت بانبهار :
رنا أنتِ ؛مستحيل أننا حقاً معاً بذلك المكان بن ستيلر الشهير أمامي ويمكنني لمسه أن أردت .
قالت رنا مبهورة هي الأخرى بما حققته :
مذهل أليس كذلك ؟ وكأن بإمكانك أن تأخذ جولة بالمكان دون التقيد بأي شيء.
كان ثلاثتهم مازالوا يجلسون علي الأريكة فنهض سامح وقال :
- فكرة جيدة فلنتجول بالمكان و..
نهض من مكانه بهذه اللحظة فشد السلك الموصول بالحاسوب مما تسبب بإفساد الاتصال فشهقت رنا وانقطع الخط مع نسرين فنظرت له رنا بغضب وقالت :
أنظر ماذا فعلت ؟؟...لقد أفسدت التجربة .
بالتأكيد هي محقة وهو لم يكن يقصد أن يفعل هذا فالبرنامج كان يستحق التجربة لكنه لن يقول لها هذا أبداً ,ولن يقف كالطفل الصغير ويترك هذه الصغيرة توبخه فقال بسخرية :
- وهل تلوميني ؟ أنه خطأ جسيم ببرنامجك فما فائدة أن يكون ما حولك مجسم وأنت لا يمكنك التجول للإحساس بما حولك ؛هذا سيضعك بنفس وضع المتفرج ..أين الجديد إذاً ؛أن كنت تعتقدين أن بإمكان هذا البرنامج أن يصنع طفرة في الأبعاد الثلاثية تكوني مخطأة ؛سأذهب للنوم فلقد قمتي بتأخيري دون فائدة ترجي .
وخرج من غرفتها دون أن يضيف أكثر ؛ووقفت هي كالمنبوذة تنظر خلفه بإحساس فظيع للفشل ؛ذلك الوغد يصف برنامجها بالفاشل ..ألا يعرف أنه من الصعب التحرك بحرية بسبب هذا السلك المتصل بالحاسوب هي تحتاج لنظارة صغيرة تتصل باللاسلكي في الحاسوب ؛ هو فقط لا يفهم أنها ليس لديها الأمكانيات فقط ؛ مستحيل برنامجها الحبيب الذي بسببه انفصلت عن العالم الخارجي لقد اعتقدت أنها ستبهره لكن ذلك الــ...أي شتيمة لن تفيه حقه أرادت البكاء بل لقد بدأت دموعها تنزل بالفعل ؛لقد فشلت نعم فشلت ...هي لن تخرج من هذه البلدة أبداً ,ولن تنجح كما توقعت وسيجبرها عمها علي الزواج من ذلك الفاشل ؛مستحيل أنها تفضل الموت عن هذا سمعت صوت هاتفها يرن وعرفت أنها نسرين ..لكنها لم تكن بحالة تسمح لها بسماع أي كلام سلبي أخر عن فشل التجربة ألقت نفسها علي الفراش وقالت باختناق وكأنها تحدث والديها :
.تباً لكم لماذا تركتموني؟ أنا أكرهكم ..وأكره الجميع .
تعليقات
إرسال تعليق
اترك لنا تعليقًا ينم عن رأيك بالمحتوى